ظلم كبير وقع على محافظات الصعيد طوال السنين الماضية بسبب الإهمال الشديد الذى وقع الكثير من المحافظات فريسة له وكانت النتائج ضعفا شديدا فى الخدمات والطرق والطاقة وتدنى مستوى التعليم.. وبالتالى تعددت شكاوى المستثمرين العاملين فيه واتجاه الكثير من رجال الأعمال للهروب من هناك. مع اهتمام الدولة بعقد مؤتمر للاستثمار فى الصعيد فى سبتمبر العام الجارى بمدينة الغردقة لمناقشة الحوافز التى يمكن أن تمنحها الدولة للمستثمرين من أجل رفع معدلات التنمية هناك.. تتجلى شكاوى الكثير من رجال الأعمال من المصاعب التى تواجههم.. وضرورة العمل على حلها من أجل إنقاذ ما يمكن إنقاذه فى عدد كبير من محافظات مصر. • أرقام فى عام 2013 أعلنت وزارة الاستثمار أن معدل إنشاء الشركات فى جميع محافظات الصعيد وصل 10% فقط من جملة الشركات المشهرة فى الجمهورية وبلغ عددها 635 شركة.. وهو ما يعنى ضعفا تاما فى الحركة التجارية هناك.. خاصة أن الكثير من المصانع توقف عن العمل بسبب عدم إقامة معارض لعرض المنتجات منذ ثورة يناير وبالتالى فوجئ الكثير من المصانع الصغيرة بالمشاكل الجمة التى تواجهها فتوقف عدد منها واتجه الكثير منهم إلى العمل بنصف طاقته وربما أقل. وإذا ما انضمت نسبة الفقر المرتفعة للقرى فى الصعيد إلى معادلة الخدمات المتردية التى يعانى منها منذ زمن طويل فستكون خطة الاستثمار فى الصعيد بحاجة إلى تحركات خدمية واجتماعية قبل الاتجاه إلى الاستثمار فى الصعيد مثل ضرورة تدريب العمالة وتوفير مصادر آمنة للطاقة وحل الأزمات البيروقراطية وتفعيل الشباك الواحد. • شكاوى أكد محسن الجبالى رئيس جمعية مستثمرى بنى سويف أن محافظات الصعيد واعدة بشدة ولكنها تحتاج إلى دفعات وحوافز قوية كى تنهض، وذلك لأن الاستثمار هناك أعلى تكلفة من أى منطقة أخرى وذلك من مختلف الجوانب وهذا الأمر معترف به من وزير الاستثمار نفسه الدكتور أشرف سالمان أثناء لقاءاته مع المستثمرين فى جنوب مصر. وأشار الجبالى إلى أن التكلفة المرتفعة للاستثمار فى الصعيد تتمثل فى عدم وجود طرق جيدة لنقل البضائع، وبالتالى سترتفع تكلفة النقل عن أى محافظة أخرى من خارج الصعيد فضلا عن عدم وجود عمالة مدربة وماهرة وهو ما يمثل أزمة كبيرة هناك. وأوضح الجبالى أنه من غير المعقول أن يلجأ الكثير من المصانع إلى القاهرة للتعامل مع الورش التى تقدم بعض الخدمات الصناعية فى الوقت الذى تغيب فيه هذه الأماكن فى صعيد مصر ومع الارتقاء بالتعليم الفنى وتقديم حوافز جيدة يمكن أن يسهم ذلك فى نشاط كبير للمصانع هناك وستقل التكلفة بشكل كبير وسيصبح الكثير من أراضى الصعيد شأنها شأن مناطق العاشر من رمضان والسادس من أكتوبر. وأضاف الجبالى أن قانون الاستثمار الجديد ألغى حافز الإعفاء الضريبى وبالتالى فقد الكثير من مناطق الصعيد ميزة تنافسية يمكن أن تستغلها لجذب الاستثمارات إلى محافظاتجنوب مصر فى الوقت الذى كان فيه بعض المناطق يتمتع بها فى القانون السابق وساهم فى ازدهار الكثير من المناطق الصناعية السابق ذكرها. وكشف الجبالى عن إمكانية وضع حوافز جيدة للمستثمرين فى الصعيد مثل نسبة التأمينات والمقابل المادى للحصول على الأراضى ووجود أسعار جيدة للحصول على الطاقة بالمقارنة بالمناطق الأخرى.. وأثار الجبالى نقطة مهمة فى محافظة بنى سويف وهى أن بعض المناطق جرى إشغالها بالكامل مثل منطقة بياض العرب الصناعية، ولكن هناك الكثير من المناطق الصناعية مثل منطقة الصناعات المتوسطة التى وصلت إليها المرافق بشكل كامل ولا تمثل نسبة الإشغال فيها الرقم المطلوب رغم وجودها شرق النيل.. وذلك بسبب منح الدولة لأراضى بياض العرب بالمجان واتجه الكثير من الاستثمارات إلى هناك دون الالتفات إلى أى مناطق أخرى. وقال الجبالى إن محافظة بنى سويف تجذب الاستثمارات الأجنبية مثل مصنع الخميرة فى منطقة الصناعات المتوسطة وهو استثمار صينى، إضافة إلى دخول عدد منها مع شركات مصرية ولكن هى أيضا تعبر عن شكواها مثلها مثل المصريين لأن الوضع فى الحقيقة سيئ هناك. واستكمل الجبالى حديثه أن المستثمرين يحاولون توضيح شكواهم للحكومة وفى آخر اجتماع مع المهندس إبراهيم محلب رئيس الوزراء اعتمد 200 مليون جنيه من أجل دعم المرافق وذلك بعيدا عن الميزانية بصفة عاجلة وكان نصيب محافظة بنى سويف 25 مليون جنيه وهى مبالغ فى الحقيقة لا تلبى الطموحات ولكن فى النهاية تضعنا دائما فى بؤرة الاهتمام.. وطالبنا أيضا بضرورة إلغاء الضريبة العقارية على المصانع لأنه لا يوجد فى العالم أى مصنع تحصل الدولة من ورائه على ضريبة عقارية.. لاسيما أن تقديرات المصلحة مبالغ فيها جدا وعلى سبيل المثال فإن هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة باعت الأراضى بقيمة 50 جنيها للمتر فى حين تجرى المحاسبة على أنه يساوى ألف جنيه بينما سعر السوق الحالية يساوى 325 جنيها للمتر.. ففكرة الجباية بهذه الطريقة هى معول الهدم بالنسبة للاستثمار، فالضرائب أصبحت تحاصر المستثمرين سواء على الأرباح أو المبيعات أو على العاملين. واختتم الجبالى حديثه بأن البيروقراطية دائما تعيق عمل الاستثمار فلا يعقل أن تمنح الدولة رخصة مؤقتة يجرى تجديدها كل عام وحتى من يتحدث عن ضرورة الاطمئنان إلى اشتراطات الدفاع المدنى، فإن من حق الأخير المراقبة فى أى وقت وأى مخالفات يجرى العقاب عليها.. ولكن لا يعقل أن ندفع رسوما كل عام للرخصة. وفى نفس السياق.. أكد حمزة نقيب مستثمرى محافظة أسيوط أن هناك اتجاهات فى الدولة من أجل تنمية الاستثمار فى صعيد مصر وسيشهد مؤتمر الغردقة الكثير للاستثمار فى الصعيد وتوضيح الكثير من الرؤى بشأن العمل هناك.. منها دعم الاستثمار السياحى وتطوير ميناء سفاجا والعمل على إصلاح الطرق وإنشاءات أخرى جديدة من أجل تسهيل الحركة التجارية هناك.. وأوضح حمزة أن الفرص الاستثمارية كبيرة ولدينا الكثير من المقومات مثل سهولة الحصول على أرض بالمجان فضلا عن وجود الكثير من الموارد الطبيعية ويمكن أن تقوم عليها الصناعة مثل وجود مساحات كبيرة مزروعة من الخضر والموالح والفاكهة ولدينا عمالة متوافرة وبأسعار قليلة ولكن هناك الكثير من المعوقات التى تتسبب فى ضعف الاستثمارات هناك.. وكشف حمزة أن أهم مشكلة يمكن أن تحل الكثير من مشاكل النقل هى تطوير ميناء سفاحا كى يصبح مركزا لتلقى البضائع والحاويات وبالتالى سيسهل ذلك من عمليات التصدير والاستيراد كما سيسهم فى زيادة الخدمات والفرص العاملة هناك فى المنطقة. وأضاف حمزة أن تطبيق الضرائب العقارية على المدن الصناعية يمثل مشكلة كبيرة بالنسبة للمستثمرين الذين يبحثون عن فرص فى الصعيد سيشعرون بأن الدولة منحتهم الأرض وتريد الحصول على ثمنها من طريق آخر كما على الدولة إلغاء ضريبة رسوم الغرف التجارية والاكتفاء بضريبة الغرف الصناعية لأننا صناع ولسنا تجارا.. كما أن تفعيل الشباك الواحد فى جميع محافظات الجمهورية سيحد من مشاكل البيروقراطية ومن غير المعقول أن يتجه أى مستثمر فى الصعيد إلى محافظة القاهرة لإنهاء الأوراق من الوزارات والجهات المختلفة. وطالب حمزة بضرورة الاهتمام بنقل البضائع عن طريق نقل النيل وذلك بسبب تكلفته المقبولة وسهولة وصول البضائع وسرعتها لاسيما أن هذا النهر الخالد يربط جميع محافظات الصعيد. كما أن على الدولة دعم تدريب العمالة فى الصعيد لاسيما أن لدينا الكثير من العمالة ولكن غير مدربة بالشكل الكافى مما سيساهم فى دعم الصناعة بشكل كبير فى جنوب مصر. واعتبر حمزة ضرورة مكافحة البضائع المهربة بالمهمة الوطنية التى تحمى الصناعة المحلية فلا يعقل أن تدخل بضائع مجهولة أو مهربة من الخارج وتنافس المنتج المحلى فى السعر رغم ما يتكبده أصحاب المصانع والشركات من مبالغ طائلة لظهور المنتجات فى أشكالها النهائية. • تمويل اعتبر سطوحى سطوحى مصطفى رئيس جمعية مستثمرى أسوان أن المميزات التفضيلية هى العامل الأول فى دعم الاستثمار فى الصعيد، بحيث يكون الاستثمار فى جنوب مصر بمثابة الفرصة التى لا تعوض وعلى أى مستثمر استغلالها. وأضاف سطوحى أن المشاكل فى صعيد مصر معروفة للجميع لذا فإن العمل على حلها يحتاج إلى الكثير من الحلول مثل إقامة مناطق حرة للاستثمار بين مصر والسودان وقلة الموانى الصالحة للاستخدام التجارى من العوامل المهمة كما أن مشكلة الطاقة تمثل حجر الزاوية للاستثمار فى الصعيد. وأوضح سطوحى أن أغلب المصانع المنتجة فى صعيد مصر مشكلتها الرئيسية هى التسويق وكان هناك الكثير من المعارض المدعومة من وزارة الصناعة لم تعد تقام منذ أربع سنوات وللأسف كان يجرى تسويق المنتجات فيها. وشدد سطوحى على أن التمويل من البنوك بحاجة إلى إعادة نظر لاسيما أن هناك الكثير من الإجراءات الطويلة التى على المستثمر السير فيها قبل التفكير فى الحصول على قرض من البنوك وذلك على عكس من يريد الحصول على سيارة جديدة فإن الإجراءات تنتهى فى دقائق معدودة.. وكشف سطوحى عن مثال حى لأحد المستثمرين الذين توقف الكثير من استثماراتهم فى الصعيد بسبب التسويق ومنهم مصنع لبودرة الثلج التى تدخل فى الكثير من الصناعات إضافة إلى مصانع أخرى تنتج الكركديه والتمر هندى إما توقفت وإما تعمل بنصف طاقتها. •