قبل أن يبدأ التصويت النهائى على الدستور أصبح الآن مهددا بالرفض من عدة قطاعات فى المجتمع، فعلى الرغم من التشكيلة المتوازنة التى تم على أساسها اختيار أعضاء لجنة الخمسين فإن الجدل حول بعض المواد كالمواد الخاصة بالجيش والمحاكمات العسكرية للمدنيين وإلغاء نسبة الخمسين فى المائة من العمال والفلاحين ومواد القضاة خلقت جوا عاما غير مبشر للتوافق حول دستور ثورة 30 يونيو. بعض الأحزاب السياسية والشخصيات العامة رأت أن التصويت على الدستور ب «نعم» هو مهمة وطنية لمرحلة فارقة فى أمن مصر وأن الانتهاء من الدستور يعتبر خطوة مهمة فاصلة لاستكمال خارطة الطريق مهما كانت الاعتراضات على بعض من المواد، وعلى الرغم من أن إلغاء نسبة العمال والفلاحين فى المجلس كانت مطلبا سياسيا وشعبيا على مدار سنوات كثيرة خاصة أن وجود العمال والفلاحين فى السنوات الماضية لم يحقق المرجو منه فضلا عن أن قضاياهم الخاصة لم تطرح بدليل أكبر نسبة خصخصة حدثت وهم ممثلون تمثيلا كاملا فى مجلسى الشعب والشورى وضاعت الأراضى الزراعية وأثقل كاهل الفلاح بالديون فإنه فور الإعلان عن إلغائها ثارت النقابات العمالية وانسحب ممثلو الفلاحين والعمال من لجنة الخمسين.
عبدالمنعم الجمل رئيس النقابة العامة للبناء أكد أن الظرف الذى تمر به مصر ظرف صعب علينا جميعا وأننا مضطرون أن نصوت على الدستور ب «نعم» كى تكتمل خارطة الطريق ونحاول حاليا من خلال تفاهمات مع لجنة الخمسين محاولة لارجاعها عن إلغاء نسبة العمال والفلاحين، لأن الإلغاء يعتبر ردة للدستور وأن بخس أى حق من حقوق لفئات كانت لديها حقوق مكتسبة من دساتير سابقة يعتبر بطلانا للدستور الحالى فالمكاسب الموجودة لبعض الفئات كان لابد من الحفاظ عليها وتغييرها يستلزم استفتاء شعبياً، فالعمال والفلاحون 70 ٪ من المجتمع وكان لابد من الاستفتاء على الدستور مادة مادة.
وأوضح عبدالمنعم الجمل أن العمال حاليا يعدون قوائم سوداء لكل أعضاء لجنة الخمسين أو الأحزاب السياسية التى أيدت إلغاء المادة الخاصة بحقوق العمال ولن يتمكنوا من خوض أى انتخابات برلمانية فى المستقبل.
وأضاف أن العامل لا يستطيع أن يدخل الانتخابات بشكل فردى وأن القضاء على ظاهرة انتحال صفة العمال أو الفلاحين وعدم تمثيلهم الحقيقى كانت تتطلب ضوابط وقوانين رادعة وليس منعا نهائيا مؤكدا أنه لا يمكن تجاهل رموز للقيادات العمالية كالبدرى فرغلى وأبوالعز الحريرى دفعا الكثير من أجل القضايا العمالية.
طلعت المنسى رئيس نقابة العاملين بالصحافة يرى أن النسبة كانت مهمة جدا وتهم قطاعا كبيرا وكان ينبغى تعريف من هو العامل ومن هو الفلاح للقضاء على التحايل مطالبا بضرورة مراجعة لجنة الخمسين لإلغاء هذه المادة وإقامة حوار مجتمعى حول هذه المادة.
عبدالفتاح إبراهيم رئيس الاتحاد العام لنقابات العمال فى مصر أكد أن العمال فى حالة تذمر شديد وأنهم لم يحددوا موقفهم حتى الآن وأن قرار انسحابه من لجنة الخمسين لا رجعة فيه قبل الرجوع عما اتخذته لجنة الخمسين والتى هدفها رجال الأعمال على حساب العامل البسيط فاللجنة قد سطت على حقوق العمال المكتسبة منذ ثورة 1952، فاللجنة أثبتت عداءها للعمال مشيرا إلى أن حسم الموقف بالتصويت ب «لا» على الدستور لا يزال قيد المناقشة وأن 75٪ من المجتمع المصرى سيرفضون الدستور بسبب تهميشه للعمال.
قضية أخرى قد تستقطب عددا من فئات المجتمع خاصة شباب الثورة والقوى الثورية للتصويت على الدستور وهى مادة المحاكمات العسكرية.
قال محمد سلماوى، المتحدث باسم لجنة الخمسين لتعديل الدستور: إن مادة المحاكمات العسكرية للمدنيين وضعت بسبب الظروف التى تمر بها مصر، وبسبب كثرة العمليات الإرهابية ضد الجيش لمحاولة هدم الدولة المصرية، لافتاً إلى أن هذا الوضع الاستثنائى الذى تعانى منه مصر الآن هو الذى فرض هذه المادة. وأضاف إنه فى هذه المادة تم تحديد الحالات بشكل قاطع التى تتعرض للمحاكمات العسكرية، وهى بسبب الاعتداء المباشر على المنشآت والمركبات العسكرية، وعلى أفراد القوات المسلحة بسبب تأدية وظيفتهم.
وأضاف سلماوى: إن المادة التى أقرتها اللجنة بشأن حظر محاكمة المدنيين أمام القضاء العسكرى هى فى حالات محددة تختلف تماما عن المادة التى كانت موجودة فى دستور 2012 المعطل التى نصت على المحاكمات العسكرية فى الجرائم المضرة بالقوات المسلحة بإطلاقها.
وقد اختلفت القوى والأحزاب السياسية حول إقرار مادة المحاكمات العسكرية للمدنيين بالدستور.
حيث أعرب أحمد فوزى أمين عام الحزب المصرى الديمقراطى عن صدمته من وجود نسبة كبيرة مؤيدة للمادة داخل اللجنة، ورغم ذلك أكد أن تصويت حزبه على الدستور لن يُبنَى على موقفهم الرافض للمحاكمات العسكرية للمدنيين.
فيما قال شهاب وجيه المتحدث الرسمى باسم حزب المصريين الأحرار: إن موقف 6 أبريل بالتصويت على الدستور ب«لا» محبط للغاية، خاصة أن مادة المحاكمات العسكرية فى دستور 2012 كانت أسوأ من المادة بعد تعديلها فى الدستور الجديد، موضحا أن المادة القديمة كانت تشير إلى أن من يتعدى ولو باللفظ أو الإشارة على المؤسسة العسكرية يحاكم، أما هذه المادة حددت أنه يكون اعتداء ماديا على المنشآت العسكرية أو أبناء القوات المسلحة أثناء تأدية عملهم.
وأعلن محمد عبلة ممثل الفنانين التشكيليين بلجنة تعديل الدستور عن تصويته ب«نعم» على الدستور، لأنه من شارك فى كتابته، موضّحًا أن تصويته على مادة المحاكمات العسكرية ب «لا»، لا يعنى رفضه لباقى مواد الدستور، أو يجعله يصوّت على جميع المواد ب «لا». وتوقع الدكتور محمد أبو الغار رئيس الحزب المصرى الديمقراطى وعضو لجنة الخمسين أن الدستور سيحصل على نسبة موافقة وتأييد تتجاوز ال 75٪ وأن السلفيين سيصوتون بنعم عليه وأن مواد قليلة جدا هى التى لم يحدث حولها توافق وأن فكرة مدنية الدولة فكرة واضحة جدا وغير صحيح ما تردد عن إلغائها بالإضافة إلى أن دستور لجنة الخمسين يعتبر الدستور الوحيد الذى تحدث عن تخصيص نسب من الدخل القومى للصحة والتعليم والبحث العلمى.
أيضا وضع مادة لمكافحة الإرهاب فى الدستور أثارت جدلا ما بين أهميتها وبين كونها أمرا مسلما به لا يجوز النصوص عليه فى الدستور.
حيث أكد الدكتور شوقى السيد، الفقيه القانونى والدستورى، أن إقرار لجنة الخمسين مادة جديدة بالدستور لمكافحة الإرهاب أمر مهم، حيث تقدم ظهيرًا دستوريًا قويًا، لإصدار تشريع لمواجهة الإرهاب بقوة، بالإضافة إلى حمايته من مواجهة الطعن فى عدم دستوريته، حال تعارض تطبيق القانون على الإرهابيين، مع قوانين الحريات.
وأوضح: أن تلك المادة لن تكون المرة الأولى لها فى الدساتير المصرية، فعلى الرغم من أنها غابت عن دستور 2102 الإخوانى، فإنه كانت هناك مادة لمكافحة الإرهاب فى دستور 1971 المعدل.. مادة مكافحة الإرهاب تلتزم الدولة بمواجهة الإرهاب بمعايير تعريف الأممالمتحدة له بجميع صوره وأشكاله وبتجفيف منابعه الفكرية والمجتمعية والمالية باعتباره تهديدا للوطن والمجتمع وذلك دون إهدار للحقوق والحريات العامة.
وينظم القانون إجراء مكافحة الإرهاب والتعويض العادل عن الأضرار الناجمة بسببه.