عرفت الفنان وحيد سيف من زمان بعيد ولكننى اقتربت منه كثيرا عندما انضم إلى فرقة الفنانين المتحدين وبالتحديد فى مسرحية «شارع محمد على» وهى الرواية التى كتبها الفنان الكبير الساخر بهجت قمر لا من أجل خاطر عيون رفيق رحلة كفاحه المرير سمير خفاجى ولكنه كتبها بتكليف من البنت شريهان التى اشترت الرواية ثم ذهبت بها بعد ذلك إلى سمير خفاجى ليشتريها منها ثم بدأت عملية توزيع الأدوار وقبل هذه العملية مباشرة لفينا على مسارح مصر وشاهدنا جميع العروض الموجودة، الكاتب الساخر الجميل فؤاد معوض الشهير بفرفور والمنتج والمؤلف العبقرى سمير خفاجى وشخصى الضعيف ولم يدر بخاطرى أن سمير خفاجى يقوم بعملية استكشاف فقد لفت نظره بشدة ذلك البريق الذى يحيط بالفنان وحيد سيف وقال خفاجى يومها: الراجل ده هايل ولذلك فقد كان متواجدا فى تفكير سمير خفاجى يوم توزيع الأدوار وعليه وقع عبء الدور الكوميدى مع الولد فلتة الكوميديا وعفريتها فى هذا الزمان الفنان المنتصر بالله وأحدث هذا الثنائى تطورا عظيما فى مسار الرواية فقد كانت الناس تدخل إلى المسرح لمشاهدة شريهان ولكنهم كانوا يخرجون أولا بوحيد سيف ثم المنتصر بالله. وأذكر أن الولد الشقى أبويا الجميل محمود السعدنى رحمه الله عندما شاهد وحيد سيف فى مسرحية «شارع محمد على» خصص له مقاله الأسبوعى فى جريدة أخبار اليوم وكتب عنه أن هذا الولد يستحق لقب أراجوز مصر الوحيد وعندما قرأ وحيد سيف كلمات السعدنى بكى من شدة التأثر وهو يقول لى: لو أن أى مخلوق كتب عنى هذا الكلام لرفعت عليه قضية ولكنى أعرف ما يقصده عمنا السعدنى من هذا التشبيه فمكانة الأراجوز عند جيل السعدنى هى مكانة صاحب البهجة والسخرية والمرح ويرفع وحيد إصبع السبابة وتصورت أنه يتوعدنى فإذا به يقول: شوف يا أكرم ياحبيبى أنا مش ح أنسى فضل عم محمود ده أبداً.. والله العظيم لو طلب أغسل الأطباق فى البيت مش ح أتاخر وضحكنا- وحيد سيف وأنا- ومن ذلك اليوم لم أفارق وحيد سيف أبدا كنت متواجداً وبشكل يومى فى كواليس المسرح أشهد رواية متجددة كل يوم بين أروقة الكواليس تضم وحيد سيف والمنتصر بالله وفريد شوقى وسهير البارونى وشريهان كان الضحك على خشبة المسرح يمكن أن يجعلك تستلقى على قفاك، ولكن الضحك فى الكواليس كنت تشعر معه أن أمعاء سعادتك ستخرج من شدة الضحك وأما الأمنية الكبرى التى صارح بها وحيد سيف المنتج والمؤلف سمير خفاجى فكانت تتمثل فى اللقاء مع صاحب القمة وصاحب البهاء وصاحب الضوء المتفرد فى دنيا الكوميديا سلطان المسرح العربى بلا منافس عادل إمام كان وحيد يريد أن يشارك عادل فى عمل مسرحى يتبارز فيه فرسان الكوميديا ويستعرضان المواهب والملكات ولكن أمنية وحيد سيف كتب لها أن تظل مجرد أمنية عسيرة التحقيق، ولكن الشىء المؤكد هو أن وحيد سيف استطاع أن ينحت فى الصخر من أجل تأكيد قدراته الفنية والكوميدية الهادرة عمل إلى جانب محمد نجم وفى مسارح لا تملك ثمن الدعاية والإعلان ولكنه فى كل مكان ذهب إليه ترك انطباعا وراءه بأن هناك ممثلاً عبقرياً مر من هذا المكان وبرحيل هذا الفنان والإنسان النبيل تكون دولة الكوميديا الموعودة بالأحزان قد فقدت فناناً منير العقل مزيل للأحزان مقاوماً للاكتئاب هو بالتأكيد أكثر أثرا فى إزالة الكآبة والتوتر والملل من أية عقاقير طبية فقد كان فى خفة ظله وسخريته غير المسبوقة من الأوضاع ومن البشر العلاج الناجع والأمثل فى كل ما يعانيه بنو البشر مما يكدر صفو حياتهم رحمك الله رحمة واسعة ياعم وحيد.
نبيل الهجرسى ونسأل الله أن يمنحنا الصبر فيما نواجه من أحزان دولة الكوميديا والتى زادها ألما رحيل نبيل الهجرسى فى اليوم ذاته، هذا الفنان الذى لم يصادف حظا حسنا طوال رحلة الحياة ولو أنه انضم إلى فرقة من الفرق الكبيرة أو صادف مؤلفا حقيقيا لربما استطاع أن يستثمر إمكانيات الهجرسى الجبارة والتى كان يلجأ إليها كلما تصدى لكل عمل فنى، اللهم ارحمهما رحمة واسعة فقد كانا أحد أسباب البهجة والسعادة ورسم الابتسامة على شفاه أهل مصر والعرب أجمعين، لقد فقدنا هذين العملاقين فى وقت نحن فى أمس الحاجة إلى من هم فى مثل مكانتهما الفنية فى دولة الكوميديا رحم الله وحيد سيف ومعه نبيل الهجرسى وأمد الله فى أعمار نجومنا الذين بهم نعتز ونفخر فى كل مجالات الفنون وعلى رأسهم نجوم دولة الكوميديا. قولوا آمين