ساعات قليلة وتدخل مصر أصعب اختبار عرفته على مدار تاريخها، فأهمية الانتخابات الرئاسية ليست فقط كونها أول انتخابات يختار فيها الشعب من يحكمه لكنها نتاج أول ثورة حقيقية لشعب عاش طويلا تحت ضغط الفساد والانهيار، كما لم تتويج لدماء شهداء ومصابى الثورة. ونحن نكشف لكم فى ليلة الانتخابات: الخريطة الجغرافية لتربيطات المرشحين فى حرب التنافس الشرسة. فهناك المرشح أحمد شفيق الذى ذهب مرارا وتكرارا إلى الأقصروأسوان وقام بمغازلات سياسية مع أهالى الصعيد فوعدوه بإعطائه أصواتهم.
هذا كان فى بداية الدعاية لكن الرسالة التى أرسلها الصعيد قبل الانتخابات بأيام قليلة إلى أحمد شفيق تطيح بكل آماله وتربيطاته، ففى أسوان تم رفع الحذاء فى وجهه فى أحد مؤتمراته واضطر للانسحاب وإلغاء المؤتمر وضرب الشخص الذى قام بذلك من قبل أنصاره، ومن قنا رسالة أخرى حيث قام إمام جامع عبدالرحيم القناوى بإغلاق الجامع وإطفاء أنواره فى وجهه. لكن سكان مصرالجديدة والمناطق الصناعية التى زارها عدة مرات وأيضا أهالى العباسية الذين أعجبوا بموقفه وتصريحاته الرافضة بعد أحداث العباسية والتى قال فيها إن القوات المسلحة أصابت فيما فعلته أمام وزارة الدفاع.
(عمروموسى)
أما عمرو موسى فبالإضافة إلى مراهنة الكثير عليه كممثل للكتلة الليبرالية إلا أنه راهن على فئة يصعب على الكثير الذهاب والتحدث إليها، فقد ذهب إلى البدو وقام بعقد عدة لقاءات انتخابية مع شيوخ القبائل فى شمال وجنوب سيناء تحدث فيها معهم عن أهم المشكلات التى تقابلهم والتى عانوا منها فى ظل النظام السابق. وقد استغل المرشح علاقاته السابقة ولقاءاته المتكررة بهم فى اللعب على فئتهم.
ولمن لا يعرف فإن أهالى البدو فى الانتخابات يصوتون ككتلة واحدة بناء على ما يحتكم إليه شيوخ قبائلهم، وهذاهو المتوقع حدوثه.
(أبوالفتوح)
أما المرشح عبدالمنعم أبوالفتوح فقد ركز فى حملته الانتخابية على التواصل مع الشباب مسلمين كانوا أو أقباطاً، لذا فإن خطابه انتشر أكثر فى الجامعات والمعاهد وجميع أماكن تجمعات الشباب.
ونلاحظ أن أبوالفتوح ومثله من المرشحين الآخرين يختلفون فى هذا الأمر عن المرشحين الذين تقلدوا مناصب فى النظام السابق، فتركيزه على المناطق الجغرافية يختلف عن تركيز شفيق وموسى اللذين اعتادا على ذلك بحكم احتكاكهما بالنظام السابق.
لذا فنجد تركيزه على مخاطبة الفئات أكبر من مخاطبة أماكن أو مناطق بعينها. (حمدين.. وخالد على):
ومثله المرشح حمدين صباحى، والمرشح خالد على اللذين ركزا على فئات بعينها بشكل أكبر من التركيز على المناطق.
فحمدين يركز على النخبة ويخاطب القوة الثورية باعتباره من أكثر المرشحين قربا إلى الميدان والثورة، هذا بالإضافة إلى فئة الفلاحين لأنه قريب منهم. وخالد على الذى يعتمد بشكل أساسى على فئة العمال وموظفى المصانع الذين طالما تولى مشاكلهم ودافع عن قضاياهم منذ وجود النظام القديم، وهم من شجعوه بشدة على خوض الانتخابات.
(مرسى.. وسلسلته البشرية)
أما مرشح الرئاسة الإخوانى محمد مرسى فقد ركز فى حملته ومن ورائه الإخوان المسلمين بكل ثقلهم على مخاطبة المناطق العشوائية والأحياء البسيطة التى لا تكترث لشىء إلا للقمة العيش وقد استغل الإخوان ذلك، وقاموا بتحضير أشولة عليها رمز الميزان للاستعداد، لذلك كما حدث فى الانتخابات البرلمانية والتى نجحوا فيها.
هذا إلى جانب السلسلة البشرية التى أقاموها على الطريق من القاهرة إلى أسوانلإقناع الناس بانتخاب مرسى. ولا ننسى أيضا اعتماد الإخوان على شخصيات عامة محبوبة وقريبة من الناس مثل د.صفوت حجازى الذى يدعم محمد مرسى ,واللاعب محمد أبوتريكة وهادى خشبة، وبذلك يضمنون أصوات محبيهم، فضلا عن استخدام المساجد ودور العبادة. (استطلاع)
وهناك استطلاع لمركز الأهرام الاستراتيجى يؤكد اعتماد بعض المرشحين على مناطق بعينها فى حملاتهم الانتخابية جاء فيه:
إن حظوظ الفريق أحمد شفيق فى الحصول على تأييد بعض محافظات الصعيد تظل قائمة، فى ضوء القبول العام الذى يتمتع به فى هذه المحافظات (الأقصروأسوان)، وهو ما ظهر فى جولاته الانتخابية فى هذه المناطق، بالإضافة إلى تأييد بعض محافظات الدلتا، خاصة محافظتى الشرقية والدقهلية.
أما عمرو موسى فهو يتمتع بقدر من الشعبية فى محافظات الدلتا والوجه البحرى (محافظتا الغربية والقليوبية)، وأيضاً فى بعض محافظات الصعيد الأوسط (أسيوط، سوهاج، المنيا، بنى سويف)، لكن هذا لا يعنى أن المرشحين الآخرين (حمدين صباحى، عبدالمنعم أبوالفتوح، محمد مرسى وسليم العوا...) لن تكون لهم قواعد تصويتية فى هذه المناطق السابقة، لاسيما مع وجود شعبية كبيرة لحمدين صباحى فى مسقط رأسه فى كفر الشيخ، فضلا عن تواجد قوى للتيار الإسلامى فى محافظات الدلتا والإسكندرية، وهو ما بدا واضحا فى الانتخابات البرلمانية الأخيرة، ربما للدخول جولة الإعادة على الأقل.
ويعقب على ذلك د.عمرو هاشم ربيع الباحث السياسى قائلا: بالطبع أن اهتمام المرشحين بالناحية الجغرافية أمر فى غاية الأهمية، فكلما انتشر مرشح الرئاسة جغرافيا كلما حصل على أصوات أكثر.
وهناك ناخبون أعلنوا أنهم لن يختاروا مرشحين بأعينهم لأنهم لم يزوروهم أو يذهبوا إليهم فى محافظاتهم.
وكلما ركز المرشح على أماكن بعينها كان ذلك أفضل من التحرك بطريقة عشوائية فى المحافظات، وبالتأكيد ذلك سيؤثر على الأصوات، وسيدعمهم بطريقة إيجابية. وعن تأثير ما يفعله الإخوان فى المناطق العشوائية فيما يخص تركيزهم على سكان هذه المناطق البسيطة أضاف قائلا: بالتأكيد فإن اختيار الإخوان لهذه المناطق واستغلالهم للفقر والحاجة مؤثر جدا فى الأمور الانتخابية، فالعوز الاقتصادى يعتبر من أحد العوامل المؤثرة فى أى انتخابات.∎