في إطار حالة الاستنفار السياسي التي عكستها تحركات العديد من الأحزاب السياسية المناهضة لعودة الإرهاب الذي كانت مصر قد استطاعت تقويض نموه في تسعينيات القرن الماضي ، كان أن كثف حزب الوفد، خلال الأيام الماضية، من تحركاته في هذا السياق، إذ نظم عدد من رؤساء لجان الحزب بالمحافظات العديد من الفعاليات ضد الإرهاب، عبر هيئات «الوحدة الوطنية» التي شكلها الحزب الليبرالي بمقراته الإقليمية. وعقدت لجنة الإسكندرية عددا من اللقاءات إلي جانب تنظيمها وقفات احتجاجية علي الإرهاب بالتعاون مع القوي السياسية بالمحافظة علي اختلاف مشاربها.. فضلاً عن زيارة قيادات اللجنة لمصابي كنيسة القديسين بداية يناير الجاري. كما عقدت لجنة الوفد ببورسعيد برئاسة نصر الزهرة ندوة تحت شعار «دم واحد مصير واحد لشعب واحد».. وأعلنت قيادات الحزب رفضها للإرهاب ووجه القس صليب حكيم الذي كان أحد ضيوف الندوة رسالة لأقباط المهجر قال فيها: اغضبوا لكن لا تخطئوا لافتًا لأهمية سرعة إصدار قانون دور العبادة الموحد.. وقانون الأحوال الشخصية، وشارك في اللقاء جميع الأحزاب، والإخوان، ومثلهم النائب السابق أكرم الشاعر. وفي سياق متصل، كان أن كشفت قيادات وفدية لروزاليوسف أن جماعة الإخوان «المحظورة» طلبت بشكل مباشر التنسيق مع الوفد لمواجهة ما أسموه تداعيات الانتخابات البرلمانية الأخيرة، مستندين في مطلبهم إلي أن الوفد والإخوان هما القوتان الأكثر تأثيرًا علي الساحة خاصة بعد مقاطعتهم جولة الإعادة في برلمان 2010 . وكان لافتًا للعديد من المراقبين أن تحولاً نوعيًا بات يضرب جنبات «بولس حنا»، وأن التنسيق الذي كان يسعي له مقتصرًا علي المعارضة الرئيسية ممثلة في «التجمع والناصري والجبهة الديمقراطية، انتقل للعديد من الكيانات غير الشرعية أو غير المفعلة سياسيًا، مثل الحركات الاحتجاجية والأحزاب التي لا تزال تحت التأسيس، ولم يتضح دورها السياسي علي الساحة. وتأكد هذا الاتجاه خلال أول اللقات التي نظمها الوفد من أجل أحداث الإسكندرية، إذ شارك به، بعد قطيعة امتدت منذ السنوات الأولي لرئاسة د. نعمان جمعة للحزب، أيمن نور رئيس حزب الغد السابق، الذي تمت إدانته بتهمة تزوير توكيلات.. وهو اللقاء الذي ضم - كذلك - الجماعة «المحظورة»، بفصليها المتصارعين، إذ شارك باللقاء د. إبراهيم الزعفراني عضو ما يسمي مجلس شوري الجماعة «السابق»، فضلاً عن نواب الجماعة «السابقين» والخاسرين في المعركة البرلمانية الأخيرة، مثل د. سعد الكتاتني عضو مكتب الإرشاد الحالي، ومحمد البلتاجي. بينما غاب التجمع نهائيًا، ومثلت سكينة فؤاد حزب الجبهة ود. محمد سيد أحمد الحزب الناصري المتصارع عليه. ويأتي هذا بالتوازي مع مطالبة المرشد د. محمد بديع لبعض قيادات الوفد بالتعاون والتنسيق مع الحزب، إلا أن هذا الأمر سوف تحسمه الهيئةالعليا في اجتماعها المرتقب للتصديق علي قرار تشكيل لجنة للتنسيق مع القوي السياسية، بالإضافة إلي رفض المكتب التنفيذي استضافة جلسات ما يسمي ب«البرلمان الموازي»، إذ أن الهيئة العليا سوف ترسم حدود هذا التنسيق وطبيعته ومدي أهميته في الوقت الحالي من عدمه.. ومن جانبه علق المستشار مصطفي الطويل الرئيس الشرفي لحزب الوفد علي هذا الأمر، قائلاً: قرار عدم التحالف مع الإخوان لا يمكن التراجع عنه بأي حال من الأحوال، لأننا نختلف معهم بشكل جذري، إذ أنهم يدعون لفكرة «الولاية»، ولا يؤمنون بالدولة المدنية حتي لو قالوا أنهم ليسوا كذلك.. فهم سوف يعيدوننا بأفكارهم للعصور الوسطي التي لم يعد لها وجود إلا في الخيال السياسي للجماعة. وتعليقًا علي هذا التحول في التنسيق مع القوي السياسية المختلفة أردف الطويل: «ما حدث كان تنسيقًا في موقف وطني بحت ولا يمكن تقسيم الوطن فيه لشيوعي أو ليبرالي أو غير ذلك، لأنها قضية «وحدة وطنية».. ونحن في محنة حقيقية ولابد أن نتكاتف من أجل تجاوزها، ويبقي الخلاف السياسي والأيديولوجي «في القلب». ولفت منير فخري عبدالنور السكرتير العام لحزب الوفد إلي أن استبدال الوفد فكرة «البرلمان الموازي» بلجنة للتنسيق مع القوي السياسية يأتي في إطار هذا الأمر أكثر جدية من الناحية السياسية أكثر من الفكرة الأولي.. وأن البرلمان الموازي فكرة رومانسية وعاطفية.. وكان المكتب التنفيذي قد شهد رفضًا قاطعًا، بأغلبية أعضائه لفكرة البرلمان الموازي تحت شعار «لن نسمح للقوي السياسية باختطاف مقر الوفد لتنفيذ أفكارها وأيديولوجيتها.. وتبني عدد منهم فكرة الاكتفاء بمؤسسات الحزب وصحيفته وحكومة ظله للتعبير عن مواقف الحزب السياسية.