بقلم معن رشيد عريقات * سفير منظمة التحرير لدى الولاياتالمتحدة نقلا عن فورين بوليسى ترجمة داليا طه كتب نائب رئيس الوزراء الإسرائيلي موشيه يعلون مؤخرا مقالا عن السياسة الخارجية وشوه بل سخف من التزام الفلسطينيين بتحقيق سلام دائم، كما أنه حرف جهودنا المخلصة لإيجاد حل دبلوماسي لهذا الصراع. واسمحوا لي بتصحيح بسيط. يهدف مقال يعلون إلي اخفاء الحقيقة البسيطة وهي أن الصراع بين إسرائيل والعالمين العربي والإسلامي هو نتيجة لاحتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية والعربية، وحرمانها من المساواة والحرية للشعب في منطقتنا. الحقيقة البسيطة، وهذا هو الأهم: الفلسطينيون يجب أن يكونوا أحراراً. تجاوز هذا الحق المعنوي وراء التعبير السياسي والاجتماعي والثقافي والفني للفلسطينيين، فهم يعبرون عما يريدون من خلال هذه المجالات. ولهذا السبب تم إنشاء منظمة التحرير الفلسطينية. ليس هناك شيء غريب أو فريد من نوعه حول ردود الأفعال الفلسطينية، فهي من أجل الحرية في أرضنا - أرض آبائنا، والأجداد، وأجدادهم - يعيشون جنباً إلي جنب مع إسرائيل آمنة. كما أن حقوق الإنسان تكفل الحرية لكل رجل وامرأة وطفل في جميع أنحاء العالم. هذا هو السبب في أن النضال الفلسطيني من أجل الحرية أصبح مبدعاً في جميع أنحاء العالم حتي بالنسبة لأولئك المعنيين بالعدالة والحقوق المدنية. من البرازيل إلي تركيا، من اندونيسيا إلي جنوب افريقيا، من البوسنة والهرسك إلي المملكة المتحدة... الفلسطينيون يقفون كرمز للمسئولية كل واحد منا يعمل من أجل الحرية. إن لغة المفاوضات التكنوقراطية يمكن أن تدفع حتي أي ضعيف سياسيا إلي التثاؤب. لكن مصطلحات عملية السلام هذه تسبب ما هو اكثر من السأم للقراء إذ إنها تشوش أبرز الحقائق المتصلة بسعينا إلي الاستقلال. أن هدف الفلسطينيين هو أي يكونوا أحراراً، احراراً لنعيش في بلادنا، أحراراً لنبني أينما نريد، أحراراً لنسافر متي وإلي أين نريد، أحرارا لندفع الضرائب فقط إلي حكومة نختارها نحن وتمثلنا وتمثل مصالحنا، أحرارا ألا نقلق كل يوم وكل دقيقة علي أمننا وأمن أطفالنا. إن التقرير الذي نشرته هذا الأسبوع رابطة الحقوق المدنية في إسرائيل والذي يوثق احتجاز إسرائيل لأكثر من ألف طفل فلسطيني من القدسالشرقية هذه السنة وحدها لا يمكن الا أن يكسر قلب أي أب أو أم ويعزز الطبيعة المستعجلة لنضالنا. ربما لأن قضيتنا عالمية إلي هذا الحد يركز الذين يعارضون حريتنا جهودهم علي اساءة التوجيه، خصوصا في الولاياتالمتحدة التي لا يزال دورها حاسم الأهمية في ضمان نهاية سريعة وسلمية للاحتلال. يقول المسئولون الإسرائيليون والمعتذرون عنهم للأمريكيين إن إسرائيل سيسعدها أن تعطي الفلسطينيين حريتهم ولكن الفلسطينيين رفضوا عروضاً "سخية" لنيل حريتهم. لكن الحقيقة ليست علي هذه الشاكلة في كامب ديفيد عام ألفين قدم رئيس الوزراء الإسرائيلي ايهود باراك عرضاً غير مكتوب كان سيبقي المجال الجوي الفلسطيني، ومجال الاتصالات الكهرومغناطيسية، ونقاط العبور الدولية، وموارد المياه تحت السيطرة الإسرائيلية. ودعا "عرض باراك" إلي تبادل للأراضي كان سيبادل أراضي بنسبة 9 إلي 1 لمصلحة إسرائيل ولم يعط حلاً مقبولاً لمشكلتي اللاجئين والقدس، وهما قضيتان مركزيتان بالنسبة إلي الفلسطينيين. كما كان سيسمح لإسرائيل بالاحتفاظ بوجودٍ عسكري في الدولة الفلسطينية المستقبلية. وكان الاقتراح الوحيد المكتوب في كامب ديفيد هو الذي قدمه الفلسطينيون فيما يتعلق بقضية اللاجئين، ولم يرد عليه الإسرائيليون مطلقاً. في كامب ديفيد عرضت علي الفلسطينيين دولة من دون سيادة، ومن دون عاصمة في القدس، ومن دون حلٍ عادل لمشكلة اللاجئين. وهذا هو السبب في فشل المحادثات، ليس بسبب تعنت الفلسطينيين أو رفضهم، كما صارت الرواية المعتادة في النقاشات السياسية والاعلامية الامريكية". لم يقف الفلسطينيون علي مدي الاشهر ال10 الماضية مكتوفي الايدي، فقد ناشدوا الولاياتالمتحدةالأمريكية ودرسوا العروض المقدمة من جانب الإسرائيليين ..الفلسطينيون ضحية حقوق مشروطة بموافقة الطرف الإسرائيلي ..نحن نقدر الجهود التي تبذلها الولاياتالمتحدةالأمريكية لإنهاء هذا الاحتلال الطويل ولكننا لن ننتطر مجيء الحرية لنا بل لن نهدأ حتي نحصل عليها بأنفسنا وننعم بها. ولتحقيق أهدافنا، يحق لنا اللجوء إلي كل الوسائل السلمية والقانونية. وهذا يشمل تواصلنا مع الأممالمتحدة وغيرها من المحافل الدولية،كما أننا سندعو الدول الأخري للاعتراف بدولة فلسطينية علي حدود 1967، وسنناشد المجتمع الدولي لتحقيق الحقوق الوطنية الفلسطينية في تقرير المصير واقامة دولة فلسطينية. لن تنجح سياسة إسرائيل التي تهدف إلي تضييق افقنا واقناعنا بالتخلي عن حقوقنا المشروعة في الحرية، فهي تبذل قصاري جهدها لإذلالنا وقهرنا بشكل مستمر وتريد أن تسلبنا حريتنا واستقلالنا.