كتب - دانيال كرتزر- السفير الأمريكى السابق فى إسرائيل - ترجمة - أميرة يونس مثلت رتابة الرد الإسرائيلي واحدا من بين الجوانب العديدة والغريبة التي أدت إلي فشل قافلة أسطول الحرية. وكالعادة صدرت علي الفور التصريحات الاستفزازية عن الخارجية الإسرائيلية التي تتهم ناشطي السلام علي متن سفينة مرمرة بدعم الإرهاب، عشية الهجوم وقبل عمليات إجلاء القتلي و المصابين عن سطح السفينة، وحملتهم عواقب نصب أكمنة للقوات الإسرائيلية. أما رئيس الوزراء الإسرائيلي "بنيامين نتانياهو" فقد حاول معالجة الوضع، وأصدر بياناً يدين كل من يوجه النقد إلي إسرائيل، وتولي مهمة الدفاع عن التصرفات الإسرائيلية، وفي النهاية عبر بجملة واحدة عن حزنه الشديد علي الضحايا. المثير أن جميع أصدقاء إسرائيل يعرف أن لها مبررات، لكنها حين تتجاهل الحقائق وتصدق تبريراتها تخرج مشوشة. لهذا تعالت نبرة الانتقادات في العالم أجمع بما فيه الأممالمتحدة والولايات المتحدةالأمريكية. بل إن كتاب الأعمدة الذين هم في العادة إلي جانب إسرائيل، انضموا هذه المرة إلي جوقة المنددين. فيما تعتبر إسرائيل نفسها (قلعة تحت الحصار) تعيش داخل أغنية (العالم كله ضدنا). خاصة بعد رفض الدول العربية للوجود الإسرائيلي، وإقناع كبري الشركات العربية بوقف التطبيع مع إسرائيل. في الواقع واجهت إسرائيل تهديدات متكررة ومختلفة علي أمنها ووجودها، وهو ما انعكس بالطبع علي عملي كسفير للولايات المتحدة "فإسرائيل تنام علي ذكري المحرقة النازية وتستيقظ علي واقع الصراع العربي الإسرائيلي". والرواية الإسرائيلية تشبه إسرائيل ب(داوود) وهي في مواجهة مع (جالوت) العربي، إلا أن حرب الأيام الستة غيرت هذا الواقع، ولم يبق من الرواية الإسرائيلية سوي الرفات. وفي خضم الصراع يبدو أن القوة العسكرية خيار ضروري. لهذا حاول بعض اليهود الإمساك بزمام الأمور من خلال رواية جديدة "دينية سياسية" تعمد إلي بناء مستوطنات في جميع انحاء البلاد، وهو ما تغير مع صدور قرار منظمة التحرير الفلسطينية عام 1988 بحل الدولتين، والتعايش السلمي مع إسرائيل. في لقائي مع شارون، أوضحت أن "إغلاق غزة يبدو كعقاب جماعي أما وسائل الإعلام وحتي الحكومات الصديقة. وسيتحول الإعلام من تغطية العنف الفلسطيني إلي تبني خطابات الرد علي إسرائيل، وربما يتطور الأمر باستخدام الفلسطينيين العمليات الإرهابية هربا من الحصار". لكن شارون كان يعتقد أن الهدف من الحصار هو منع المزيد من الهجمات متهما الإعلام بتشويه الحقائق. ومن الطبيعي أن ترفع الدول الشعارات في بعض الأحيان ثم تعتذر . لكنها لا تعتمد فقط علي القوة العسكرية و الخطابات في حماية شعوبها، وتعمل علي الاستفادة من الدبلوماسية والقيم فضلا عن التفاهم والتعاطف. ولهذا يمكن للدول ذات السيادة ان تكون قوية، لكن إسرائيل تصر علي سرد عواقب سياستها. في أعقاب الفشل الذريع الذي تلي حادث الأسطول لا تحتاج إسرائيل إعادة النظر في تكتيكاتها العسكرية أو إغلاقها لقطاع غزة، لكنها في حاجة لفحص سردها، وربما تكون جرعة صغيرة من التعاطف بداية جيدة لهذا. لا تستطيع إسرائيل كسر المعايير المزدوجة التي يحكم بها العالم علي إسرائيل عن طريق القوة العسكرية والخطابة ، لكنها تستطيع تليين اسلوبها عن طريق الدبلوماسية . كما يمكنها محاولة حل المشقة الإنسانية التي يعيش بها الفلسطينيون كما تفعل في حالات الأزمات الإنسانية في جميع انحاء العالم . ويمكنها ان تخلق قصة جديدة وفقا للمعايير والسمات الأخلاقية الخاصة بها.