ترجمة: محمد بناية جاءت إقالة وزير الخارجية الإيراني منوشهر متقي بهذا الشكل "المهين"، حيث كان في جولة افريقية لتسليم رسائل من الرئيس الإيراني لنظرائه في الدول الإفريقية، بمثابة التجسيد الحقيقي للخلافات الطويلة بين نجاد ومتقي، الذي تولي وزارة الخارجية مع رئاسة أحمدي نجاد لإيران عام 2005. ولكن الآونة الأخيرة شهدت تزايد الخلافات بينهما، ومع تغيير أحمدي نجاد لأحد عشر وزيرا من حكومته الأولي، بعد نجاحه مجددا في انتخابات الرئاسة الإيرانية، توقع بعض المصادر أن متقي سوف يكون أول من يتم تغييره، ولكن رغم الخلاف الخفي والظاهر أحيانا بينهما أوكل إليه نجاد وزارة الخارجية مرة أخري في الحكومة. بدأ الخلاف حين قرر أحمدي نجاد اختيار صهره اسفنديار رحيم مشائي مبعوثا خاصا للشرق الأوسط، فضلا عن اختيار ثلاثة مبعوثين آخرين للشئون الأسيوية، وأفغانستان، وبحر قزوين دون الرجوع إلي الخارجية باعتبارها المسئول الأول عن تعيين المبعوثين، وهو الأمر الذي أثار استياء جميع المحافظين بالبرلمان الإيراني، بل والمرشد علي خامنئي الذي أكد دور وزارة الخارجية في السياسة الخارجية الإيرانية. وقد دعا المرشد رئيس الجمهورية إلي التعاون مع جميع المؤسسات الإيرانية في مختلف المجالات في إطار الدستور، وهو ما يعني أن تصرفات نجاد تخرج عن صلاحياته وتنافي الدستور، كما أن أعضاء البرلمان كانوا قد وجهوا رسالة إلي نجاد تدعوه إلي التزام الدستور . يذكر أن الرئيس أحمدي نجاد يحاول جاهدا الانفراد بالسلطة، حتي أنه أعلن في أكثر من مناسبة أن البرلمان لم يعد علي رأس السلطة. إلا أن تعيين حميد بقايي في منصب المبعوث الخاص للشئون الأسيوية منذ شهرين.. كان بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير، حيث أدي إلي تفاقم الخلافات بين رئيس الجمهورية ووزير خارجيته، وخاصة بعد تصريحات بقايي التي اتهم خلالها الدولة العثمانية بإبادة الأرمن عام 1915، ما أدي إلي توتر العلاقات التركية - الإيرانية. واستغل متقي تصريحات بقايي في شن هجوم حاد عليه واتهام نجاد بسوء اختيار الدبلوماسيين بما يؤدي إلي ضعف الأجهزة الدبلوماسية الإيرانية، مطالبا إياه بعدم التدخل في عمل الأجهزة الدبلوماسية. ولم يتضح حتي الآن موقف البرلمان من قرار الرئيس نجاد بإقالة متقي من منصبه كوزير للخارجية، وإن أعرب علاء الدين بروجردي رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية بالبرلمان عن دهشته من القرار، وتساءل:" كيف يصدر قرار إقالة متقي بينما هو في مهمة رسمية خارج البلاد"؟ ويتحتم علي رئيس الجمهورية اختيار وزير خارجية جديد في أقرب فرصة، والمقربون من نجاد طرحوا أسماء سعيد جليلي وثمره هاشم كبدائل للوزير المخلوع، إلا أن رئيس الجمهورية لم يقرر بعد. فيما أعلنت مصادر مطلعة احتمال تعيين "محمد قنادي مراغه اي" الذي يشغل حاليا رئيس مركز ابحاث العلوم والتقنية النووية خلفا ل " علي أكبر صالحي" في رئاسة منظمة الطاقة الذرية الإيرانية، الذي تولي حقيبة الخارجية بالإنابة حاليا. من جانبه، حذر محمد «رم» راد عضو لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية بالبرلمان، الرئيس نجاد من ردود الفعل الحادة المترتبة علي القرار، مضيفاً:" هذا القرار يتعارض مع المصلحة القومية،كما أن المرشد أوكل مهمة السياسة الخارجية لمتقي". كما أعلن رامين مهمان برست المتحدث باسم وزارة الخارجية: " ان التغيير في المسئوليات الإجرائية حالة طبيعية وفي إيران لا تعتبر منصبا يفتخر بل فرصة أتيحت له لخدمة الشعب أي العمل بحسب ما يقتضيه أداء الخدمة للبلد ". وأضاف قائلا " الفترة التي خدم فيها متقي كانت فترة نشاط وانجازات كبيرة وانه من المسئولين الدءوبين في تحقيق أهداف السياسة الخارجية الإيرانية» . دوليا، دعا وزيرا خارجية أمريكا وألمانيا إلي استمرار المباحثات مع الجمهورية الإيرانية، حيث أوضحت هيلاري كلينتون في حوار صحفي من كندا:" ليس مهما ما يحدث في السياسة الإيرانية، أو من يصبح وزيرا للخارجية، سياستنا تجاه إيران لا ترتبط بالأشخاص، وإنما نحن إزاء بلد وحكومة صعبة المراس، لذا فالمناقشات صعبة جداً فنحن لا نتعامل مع قناة دبلوماسية واحدة.