كشف عزوف التيار السلفي عن المشاركة في الانتخابات البرلمانية الأخيرة، عن عدد من التناقضات الفكرية والتنظيمية التي يعانيها التيار وتحول دون اقتحامه للعملية السياسية بشكل يتناسب مع حجم تواجده في الشارع، أبرزها ما أوضحه الشيخ أسامة سليمان احد دعاة السلفية، باعتراضه علي فكرة الانتخابات من الأساس وقوله ان التعيين هو الحل في مجلس الشعب علي ان يقوم ولي الامر باختيار جميع أعضاء مجلس الشعب الذين اعتبرهم "أهل الحل والعقد" علي ان يمثلوا خليطا من المتخصصين الأكفاء في مختلف العلوم، لينظروا المصالح المرسلة والازمات التي تحل بمصر. رؤية سليمان نابعة من قناعة لديه بأن التشريع لله وأن التقنين باصدار قوانين لا تصطدم مع الشرع وتواجه الاحوال المستحدثه فهذا لا ينبغي ان يكون، إلا لأهل الحل والعقد من العلماء وليس "للهمج" علي حد تعبيره، واذا ما نظرنا الي النسبة الغالبة من الناخبين نجد ان الشرع وفق تصور الداعية السلفي يرد شهادتهم، لان الشاهد ينبغي ان يكون عادلا واكثر من 80% من الناخبين بحسب تصوره ليسوا عدولا وكذلك المرشحين فمنهم تجار البانجو والبلطجية، وكلاهما ساقط بمعيار الشرع، ويتابع سليمان: حتي ندرأ عنا الفتنة التي تحدث والدماء والاموال التي تذهب هباء من اجل الحصول علي منصب. الديمقراطية في تصور الشيخ اسامة صناعة أوروبية ليس لها علاقه بالشرع فهي تقوم علي حكم الاغلبية ولا تفرق بين عدل وغير عدل او مسلم وغير مسلم، لذا فهي تصح في حالة اختيار العدول فقط من المسلمين لان غير المسلم ساقط العدالة كما ان المرأة المتبرجة ساقطة العدالة، وعليه فإن 90% من النائبات "كوتة المرأة" لا يصلحن لأنهن لم يستوفين شرط العدالة. وجه اخر كشفه الشيخ محمود عامر بقوله "السلفيون في مصر علي اختلاف أطيافهم لا يمثلون قاعدة شعبية كبيرة ونزولهم الانتخابات لا يمكن أن يتحقق منه إلا استغلال تجمع الناس للصدع بكلمة الحق والموعظة لكن نزولهم من أجل الفوز في الانتخابات فهو مستبعد فهم ليس لهم تنظيم يدعمهم وليست لهم اموال، كما أن الدولة لم تستدعهم ولم ترحب بدخولهم، وعندما خضت الانتخابات لم يكن هدفي الفوز وأنما توصيل الرسالة السلفية، أما من لديهم التنظيم فهم ليسوا سلفيين خالصين بل هم خليط بين الإخوان والسلف" من جانبه اعتبر الشيخ رضا الامير ان الديمقراطية لا تصلح للحكم في مصر لان الشعب عاطفي، وهو ما ظهر جليا عندما ردد الاخوان شعار "الإسلام هو الحل" فانجذب بعض الناس اليهم رغم ان الجماعة قائمة وفق منظوره السلفي علي ما يخالف الشريعة بدليل اجازتها إخلاء دائرة لصالح مرشح قبطي مقبول لدي الشعب، مشير الي الدعوة السابقة للشيخ صفوت الشوادفي عبر مجلة التوحيد إلي تعيين نصف المجلس من العلماء الشرعيين. قبل ايام من اعتقاله كان القيادي السلفي السكندري عبد المنعم الشحات قال في حوار صحفي ان موقف السلف من الانتخابات، مدون في بحث "السلفية ومناهج التغيير" الذي نشرته مجلة "صوت الدعوة"وكذا سلسلة: "السيادة للقرآن لا للبرلمان" للشيخ محمد إسماعيل، وكتاب "الديمقراطية في الميزان" للشيخ سعيد عبد العظيم، ويمكن إيجاز هذا الموقف في رفض الديمقراطية لأنها ليست هي الشوري الإسلامية، فالاولي مقيدة بالوحي، أما "الديمقراطية" فالمرجعية فيها للشعب لا لأي شيء آخر، وإضافة قيد: "عدم مخالفة الشرع" للديمقراطية يجعلها شيء آخر ليس هو الديمقراطية ولا هو الإسلام. في المقابل فان الديمقراطية كنظام للحكم مقبولة وفق تصور الشيخ محمد مختار المهدي رئيس الجمعية الشرعية الذي اشار الي ان الديمقراطية جائزه شكلا لانها تمثل إرادة الشعب في اختياره من يمثله ومن يمثل احتياجاته في حدود القيم الإسلامية، وأضاف "نحن نقبل الديمقراطية ولكن نأخد منها ما يتناسب مع قيمنا فقط كما انه لا يوجد ما يمنع من دخول قبطي البرلمان.