الإحصاء: 17.3% انخفاض فى قيمة صادرات الأثاث خلال يوليو 2024    مجلس النواب يوافق على قرار الرئيس بزيادة رأس المال في مؤسسة التمويل الدولية IFC    نقيب الصحفيين: نتفاوض مع صندوق الإسكان الاجتماعي بشأن تقديم تسهيلات في الطروحات المقبلة    محافظ أسيوط: حملات تموينية على قطاع المخابز وتحرير 54 محضرا بمركز ديروط    مبعوث أمريكي يلتقي رئيس البرلمان اللبناني في بيروت.. وإسرائيل تسلم واشنطن وثيقة لإنهاء الحرب    تعرف على مباريات الأهلي والزمالك في الدوري المصري للسيدات    بيتكوين ترتفع إلى أعلى مستوياتها في 3 أشهر    جهاز تنمية المشروعات يوقع عقداً مع شركة كريديت بقيمة 50 مليون جنيه    تفاصيل ما حدث.. سبب عقوبة الأهلي القاسية ضد كهربا    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : ماذا تعرف عن التصوف (5) 00!!؟    غدا.. آخر موعد للتقديم في مسابقة الأزهر السنوية للقرآن الكريم    «وزير التموين» يستعرض خطة تحقيق الأمن الغذائي طبقا لتوجيهات الرئيس    هيئة الاستثمار تبحث مع وفد اقتصادي من هونج كونج فرص الاستثمار بمصر    20 صورة ترصد جولة رئيس الوزراء في عدد من مدارس كرداسة اليوم    جامعة سوهاج تكرم الناجحين في برنامج إعداد المدربين المعتمدين    إيران: سنواصل التنسيق لوقف التوتر المنطقة    وزير الخارجية يدين التصعيد الإسرائيلي في غزة ولبنان    الخارجية اللبنانية تدين الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على مراكز اليونيفيل    وزير الدفاع الأمريكي يصل كييف لمناقشة طلب أوكرانيا الانضمام للناتو    النواب يوافق على 9 اختصاصات للمجلس الوطني للتعليم    "جبران": عرض مسودة قانون العمل الجديد على الحكومة نهاية الأسبوع الجاري    كشف ملابسات تداول مقطع فيديو يتضمن تضرر فتاة من تعدى سائق عليها ورفقائها بالسب والشتم بكفر الشيخ    حملات أمنية مكثفة لمواجهة أشكال الخروج على القانون كافة    الحرارة 35 بهذه المناطق.. توقعات طقس الساعات القادمة    ضبط 4 أطنان أعلاف مجهولة المصدر بحملة تموينية مكبرة بالقليوبية    إصابة مواطن خلال عبوره مزلقان سكة حديد في قنا    "ولع في التروسيكل".. عامل ينتقم من آخر بسبب خلافات بالمنوفية    مهرجان أسوان.. الثقافة تقيم حفلين في "أبو سمبل" ب ليلة تعامد الشمس    انطلاق مهرجان «أكتوبر العزة والكرامة» بجامعة القناة (صور)    زراعة المنوفية: توزيع 54 ألف طن أسمدة على المزارعين    شاهد.. حملة للتبرع بالدم بمديرية أمن الأقصر (صور)    فيتامينات مهمة قدميها لطفلك كمكمل غذائي حفاظا على صحته    موعد مباراة الأهلي والزمالك في السوبر المصري    ناقد رياضي: على «كهربا» البحث عن ناد آخر غير الأهلي    حدثوا التابلت ضروري.. تنبيه عاجل من المدارس لطلاب 2 ثانوي    وزير الشباب والرياضة يفتتح بطولة العالم للبادل بالمتحف المصري الكبير    ايرادات السينما أمس .. أكس مراتي وعاشق وبنسيون دلال يتصدرون    الأمريكي صاحب فيديو كلب الهرم: تجربة الطائرة الشراعية في مصر مبهرة    أبرز لقطات حفل عمر خيرت بمهرجان الموسيقي العربية.. تقديم الصوليست أميرة علي    متحف كفر الشيخ ينظم دورة تدريبية لتعليم اللغة المصرية القديمة    بالفيديو.. وزير الإسكان يتابع موقف تنفيذ "حديقة تلال الفسطاط" بقلب القاهرة التاريخية    في ذكرى ميلاد حسن الأسمر أيقونة الطرب الشعبي.. تعرف على أبرز المحطات في حياته    ضربات روسية على خاركيف.. ووزير الدفاع الأمريكي في كييف للمرة الرابعة    محفوظ مرزوق: عيد القوات البحرية المصرية يوافق ذكرى إغراق المدمرة الإسرائيلية «إيلات»    بدء الجلسة العامة لمجلس النواب للاستماع إلي بيان وزير التموين    بينيا: قدمنا مباراة رائعة أمام إشبيلية.. وخبرة تشيزني كبيرة    أهداف المؤتمر العالمي للسكان والصحة والتنمية البشرية.. خبير يوضح    الرعاية الصحية: الوصول بالتغطية الصحية الشاملة ل20 مليون مواطن عام 2026    المرور تحرر 29 ألف مخالفة متنوعة خلال 24 ساعة    منها مواليد برج العقرب والقوس والجوزاء.. الأبراج الأكثر حظًا في 2025 على الصعيد المالي    وزير العمل: الحكومة حريصة على صدور قانون العمل في أسرع وقت ممكن    إطلاق رشقة صواريخ من لبنان    كولر: مواجهة الزمالك في نهائي السوبر المصري فرصة لرد الاعتبار    وزير الصحة اليوناني يشيد بجهود الدولة المصرية للنهوض بالمنظومة الطبية    علي جمعة يكشف حياة الرسول في البرزخ    هل النوم قبل الفجر بنصف ساعة حرام؟.. يحرمك من 20 رزقا    حسام البدري: الزمالك عانى أمام بيراميدز.. ومصطفى شلبي لم يقدم أي إضافة للأبيض    هل كثرة اللقم تدفع النقم؟.. واعظة الأوقاف توضح 9 حقائق    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عبدالله كمال يكتب: الرئيس والنفاق


زعيم مصر في وثائق ويكيليكس
لا أريد أن أتطرق إلي ما يتناثر يوميا من وثائق ويكيليكس، سواء كان يخص مصر أو غيرها، ذلك أن ما قد انكشف من الأسرار ليس سوي «رذاذ أمواج محيط هادر»، محيط قوامه ربع مليون وثيقة، لا يمكن حتي أن نقول عما نشر منها أنه قمة جبل الجليد، الجبل لم يلح منه شيء بعد، لا سيما أن التوقعات تشير إلي أن ما يخص شئون مصر فيها قد يصل إلي 2500 وثيقة.
لقد تناولت الأمر من قبل، وطرحت في عمود «.. ولكن» تحت عنوان «زلزال ويكيليكس» مرة، وتحت عنوان «ويكيليكس والإخوان» في مرة ثانية، طرحت تساؤلات حول الاستفهامات المثارة بخصوص ويكيليكس وما تفجره من علامات تعجب، في ضوء التدمير الذي تتعرض له العلاقات الأمريكية مع جميع دول العالم، وحتي لو كان ما انكشف من الوثائق قد قال عنه وزير الخارجية أحمدأبوالغيط يظهر أن مصر تقول في العلن ما تقوله في الغرف المغلقة.. وهو أول تعليق مصري رسمي علي مضمون ما أعلن من هذه الوثائق. فإن الجميع لم يزل يتساءل: لماذا لم تتناول هذه الأوراق الخطيرة أي أمور إسرائيلية؟ ولماذا لم تقترب من مسائل القاعدة والإرهاب؟ وهل هذا عمل مسرب نتيجة لاختراق أمني، أم أنه مؤامرة كبيرة متكاملة برمتها، أم لعله اختراق يتضمن تسريبًا.. أي حدث الاختراق وتقرر توظيفه جزئيا؟
لكنني هنا أتوقف أمام الوثيقة الأخيرة التي انكشفت في صحيفة جارديان قبل ثلاثة أيام، وتضمنت تقريرًا كتبته السفيرة الأمريكية مارجريت سكوبي من القاهرة للإدارة في واشنطن حول الرئيس مبارك، للدقة لا أتوقف أمام مضمون الوثيقة برمتها وإنما أمام معني أو أكثر.. وأمام عبارتين لا أكثر.
المعني الأول هو أن ما كتبته السفيرة هو تقديرها، وتحليل هذا التقدير ربما احتاج إلي صفحات، والمعني الثاني هو أن مضمون التقدير ينطوي علي شعور أمريكي متنامٍ بالاستقرار في مصر.. بغض النظر عما تتلقمه السفارة الأمريكية يوميا من مصادر مختلفة في مصر من بين المعارضين.
العبارتان اللتان أنا معني بهما هنا.. وفقًا لما ورد في نص الوثيقة.. هما تلك التي وصفت فيهما السفيرة الرئيس بما يلي: «يستجيب جيدًا لمن يبدي الاحترام لبلده.. زعيم معتد بنفسه لأمة فخورة بنفسها».. و«لا يتأثر بالتملق الشخصي».
وسوف أبدأ بالعبارة الثانية، لسبب شخصي، وهو أنني كتبت هنا في الصفحة الأولي مقالا بتاريخ 30 سبتمبر الماضي، ضمن سلسلة «مستقبل الصحافة القومية» كان عنوانه: «انتهي زمن النفاق» وقد قلت فيه: «هذا زمان لم يعد فيه النفاق متطلبًا.. ولم يعد فيه التزلف مقبولاً»، وأضفت حيث كنت أتكلم عن مناهج في الصحافة: «إن هناك فرقًا كبيرًا بين النفاق والمساندة».
بالطبع كان هذا مقالاً عن مدارس الصحافة واتجاهاتها، وقد ارتبط المقال بواقعة كانت مثيرة للجدل وقتها لا أريد أن أفتح ملفها مرة أخري، لكن الأمر في حالة السفيرة له علاقة بشأن إضافي فيما يخص محاولة «تملق الرئيس»، ذلك أن في العلاقات بين الدول أيضًا نفاقًا.. وفي السياسة تزلفًا.. والأول يكون فخًا.. والثاني يكون خداعًا.. والحكماء هم الذين لا تنطوي عليهم تلك الأمور.. وتقول شهادة السفيرة إن الرئيس المصري لا يتأثر بهذا النوع من التملق.
والمعني أننا أمام رئيس عملي، واقعي، يعلي مصالح بلده واهتمامات دولته فوق ترضية ذاته ومداهنة شخصه، وليس هناك زعماء كثيرون من هذا النوع، وبالتأكيد لا ينطوي هذا علي مقومات شخصية فحسب.. وإنما هو منهج يتبعه الرئيس سلوكيا في سياق خبرة عريضة وخصائص تراكمت من تجارب السنين.
وليست العبارة الأولي ببعيدة عن هذا، وإنما تصب في ذات الاتجاه، فهي تعني أن الرئيس لا يحتاج إلي التملق لأنه ببساطة يعتد بنفسه، ويثق فيها، ويفخر بما لها، بتاريخها وإنجازها، وهذا أيضا يأتي في سياق موضوعي.. لا ذاتي.. ويرتبط بكونه زعيمًا لبلد كبير.. وصف في هذه الوثائق المتناثرة من موقع ويكيليكس بأنه «الحليف العنيد».. أي مصر تلك التي يقول عنها بعض المصريين المارقين عن مصريتهم - ولا أقول المعارضين - إنها تمالئ القوي الكبري.. وتعمل من أجل مصالحها.. في حين أن شهادة الآخرين تثبت وقائع الأمور وحقيقتها.
هذه أمة فخورة بنفسها فعلا، وتعتز بذاتها حقًا، ولديها إحساس أصيل بدورها ومكانتها وثقافتها ورسالتها، عبر الزمن وعبر الجغرافيا، ومن ثم فإن الطبيعي جدًا هو أن الرئيس مبارك يستجيب «لمن يبدي احترامًا لبلده».. باعتبار أن هذا البلد يجب أن يصنف في الذهنية العالمية والذاكرة الإنسانية وفق ما ينبغي أن يقدر به.. ومن علي هذه الأرضية يكون علي الجميع أن يتعامل.
وإذا كان هذا هو رأي الآخرين، وتشخيصهم للواقع غير المزيف، فكيف إذن يعتقد البعض أنه يمكن لمصر أن تقبل ما لا ترضي، وأن توافق علي ما لا يتسق مع مصالحها، وأن تمرر ما يناقض أهدافها، وكيف ببعض المصريين المارقين من مصريتهم أن يظنوا أن هناك من يمكن له أن يؤثر في قرارها أو في قرار رئيسها أو يدفعها لأن تتخلي عن منهجها أو عن شعورها الفخور بذاتها.
هذا الفخر القومي له مقومات وله تبعات، مقوماته التاريخية والثقافية والسكانية والمجتمعية عمومًا لا يمكن لأحد أن يتخطاها، بلد كبير في كل شيء، يجوع ولا ينحني، كبرياؤه فوق كل اعتبار، وقيمته لا يقاربها ثمن، وقد امتلأ الرئيس بكل هذا.. لأنه ابن أصيل لمصر وزعيم حقيقي من بين لحاء المجتمع، وبالتأكيد فإن للحفاظ علي هذا تبعات.. ونتائج.. لأن لكل موقف ثمنًا.. ولكل نهج أثرًا.. ولكل فعل رد فعل.. ومن ثم فإن المعادلة لا تستقيم إلا بوجهي العبارة «رئيس يعتد بنفسه لأمة فخورة بذاتها».. فلو لم يكن البلد كذلك ما كان الرئيس هكذا.. ولو لم يكن الرئيس هكذا لدفع البلد الفخور أثمانا تضيع هيبته.
ليس هذا تملقًا لرئيس نعرف ونكتب ونقول إنه يرفض النفاق، ولكنه تسجيل لوقائع وتأكيد لمعانٍ وتشخيص لحالة ورصد لخصائص.. تلك هي مصر وهذا هو زعيمها.
www.abkamal.net [email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.