انتهت جولتا انتخابات مجلس الشعب يوم الأحد الماضي.. فاز الحزب الوطني الديمقراطي بأغلبية مقاعد المجلس إلا قليلاً.. ولم تحصل بقية القوي السياسية في الشارع المصري من أحزاب رسمية أو جماعات غير مصرح لها بالعمل السياسي أو حتي بعض المرشحين المستقلين إلا وما يتناسب مع حجم تواجدها الحقيقي في الشارع المصري. وبحسب ما تابعت الأداء السياسي لكل الفئات المتصارعة علي كسب الجولات الانتخابية كسب الحزب صاحب الأداء المميز الذي تبني خطة مدروسة لحصد أكبر عدد من مقاعد المجلس النيابية وخسر من هم دون ذلك تذكرت حين أعلنت النتائج النهائية للانتخابات أسطورة الملاكمة الخالد محمد علي كلاي فقد نهج الحزب الوطني منهج البطل الأسطورة في مبارياته التي نازل فيها أعتي الملاكمين في زمنه.. تقول الموسوعات العالمية في حق البطل.. إنه كان يمتلك أسلوباً مميزاً في لعبه كان يحوم كالفراشة ويلدغ كالنحلة وكان يمتاز بضربات اليد القوية يوجهها بسرعة فائقة نحو خصمه وكان يظهر شجاعة فائقة وقدرة تحمل كبيرة في تلقي لكمات من ينازله وكان له أسلوب فريد في مهاجمة الخصم إذ كان يهاجم رأسه ولا يهتم بتوجيه اللكمات لجسمه. وكذلك فعل الحزب الوطني في «المباراة» التي خاضها في الانتخابات الأخيرة.. فقد درس المتنافسين من كل القوي السياسية علي اختلاف توجهاتها ووضع خطة لعبة وطريقة أدائه في المباراة وركز علي الرأس أي الفكر الذي يعمل به كل منافس ولم يهتم بالجسم أي أفرع الأحزاب وأشخاصها صاحبة الصوت العالي في الهتاف والضجيج وافتعال الأزمات التي تشتت الانتباه وتبعثر الأفكار.. ركز الحزب الوطني علي فكر قيادات المتنافسين ومنها استنبط طريقة أداء ومنهج عمل كل منها وكيفية تحرك خطوطها وسط جماهير الناخبين وبعدها وضع الخطة التنفيذية لمراحل سير العملية الانتخابية. وكما كان الملاكم الأسطورة يحوم حول الخصم ليدرس طريقة أدائه في الحلبة ويلاحظ زوايا اتجاهات جسمه يميناً ويساراً ليجد الفرصة المناسبة لتوجيه بعض اللكمات التمهيدية كان الحزب الوطني يدرس بدقة طريقة الأداء الفكري لكل متنافس علي حدة ليحدد بدقة نقاط القوة ونقاط الضعف ليبدأ في وضع ما يتناسب معها من أسلوب للأداء يقابله لينتصر عليه ويسجل عدة نقاط لصالحه خصماً من نقاط اللاعب أمامه.. وكما كان حديث البطل الأسطورة دائما قبل أي مباراة هادئاً واثقاً من نفسه متواضعاً غير متعال لا يصرخ ولا يهدد ولا يتوعد ولا ينذر مثلما كان فعل كل منافسيه كان حديث قيادات الحزب الوطني علي اختلاف درجاتهم الحزبية هادئًا دون صخب واثقًا دون غرور أو تكبر يعطي كل منافس حقه دون الإقلال من شأنه يدعو شعب الناخبين إلي انتخاب من يقتنع به ويترك حرية الاختيار للناخب المواطن المصري الذي يستحق كل احترام لرأيه وحريته في الاختيار والانتخاب. وفي خلال بضع دقائق من زمن المباراة كان أسطورة الملاكمة «يحوم» حول منافسه لدراسة تحركاته قبل البدء في اللعب الفعلي واختيار الزاوية المثلي لبدء الهجوم الفاعل عليه وكذلك فعل الحزب الوطني ففي خلال عدة أشهر قد تكون سنوات درس فكر كل متنافس معه ليضع الخطة التي تتناسب وأداء وتحركات ذلك المنافس ليحدد أيضا الزاوية المثلي لبدء الهجوم الفاعل عليه . وحينما كان يبدأ الوقت المحدد لمباراة البطل الأسطورة يسارع في تنفيذ خطة الهجوم بالضربات القوية السريعة باليمين واليسار من زوايا مختلفة ليبدأ المنافس في فقد اتزانه ويدخل في مرحلة الترنح إيذانًا بقرب سقوطه فيعاجله الأسطورة بلكمة من إحدي قبضتيه ليسقط علي أرض الحلبة فيعلن الحكم هزيمته بالضربة القاضية «الفنية».. وذلك ما فعله الحزب الوطني مع منافسيه عندما بدأت جولات التنافس الانتخابية قبل نحو أسبوعين مضيا. لقد فاز الحزب الوطني الديمقراطي بالأغلبية الكبري لمقاعد مجلس الشعب للسنوات الخمس المقبلة لأنه أكثر حزب درس وخطط ثم نفذ بسرعة قبل أن يدركه الجميع أو حتي يلحق به البعض.. فاز لأنه احترم منافسية وظل صامداً راسخاً يدعو لأفكاره دون الخوض في أفكار الآخرين.. فاز بالضربة القاضية «الشعبية» بدعم الشعب وتأييد مرشحيه كما كان أسطورة الملاكمة الخالد محمد علي كلاي يفوز بالضربة القاضية «الفنية».. ليستعد الوطن لمشاهدة مباراة من نوع آخر أنها مباراة القضايا والدعاوي القانونية لبطلان انتخابات مجلس الشعب مباراة منظموها وأبطالها ومشجعوها من الخاسرين.