بقلم : أحمد رشيد في قمة الناتو التي احتضنتها العاصمة البرتغالية لشبونة مؤخرا اتفقت دول الناتو علي استلام القوات الأفغانية الأوضاع الأمنية بحلول عام 2014 وتحدث قادة الناتو علي سبل إنهاء الحرب الدائرة رحاها في أفغانستان لكن لم يقدم أي من الأطراف المتعاقدة اقتراحا لكيفية إنهاء الحرب بل ولم يتطرق أحد للمحادثات مع طالبان. من بين من سبل إنهاء الحرب في أفغانستان إما هزيمة حركة طالبان والتصدي لها أو عن طريق المفاوضات مع طالبان وهو الذي يمكن أن يجلب السلام حتي قبيل الموعد المحدد عام 2014 . ولكن اختلاف وجهات النظر بين أفغانستانوالولاياتالمتحدةالأمريكية لخلافه حول هذه النقطة فالرئيس الأفغاني حامد كرازاي يصر علي أن المحادثات مع طالبان هي الطريق الوحيد لإنهاء الحرب مع طالبان، بينما يشكك الجنرال الأمريكي ديفيد بترايوس قائد القوات الأمريكية وحلف شمال الأطلسي في أفغانستان في امكانية حدوث ذلك موضحا أنه يجب أولا إلحاق الهزيمة العسكرية بقوات طالبان. لقد سافرت مؤخرا إلي أفغانستان والتقيت مع كرازي وبتريوس وأربعة من قادة طالبان يقيمون الآن في كابول وبدي واضحا أن كل طرف يري الأمر من زاوية مختلفة وعلي الرغم من ذلك كانت هناك أسباب تدعو للتفاؤل. وخلال لقاءات منفصلة كان لقادة طالبان الأربعة جميعهم رسالة مشتركة فحواها أن المحادثات الجادة أمر ممكن الحدوث ولكن هذا لا يمكن أن يحدث إلا إذا استطاع قادة طالبان العمل من مكان محايد.. فهم يرون أفغانستان رازحة تحت وطأة الاحتلال الأمريكي ووكالة المخابرات الباكستانية فالبحث عن بلد أكثر حيادية هو ما دفع قادة طالبان إلي طرح عدد من الخيارات من بينها دول الخليج العربي مثل قطر أو الإمارات العربية المتحدة أو تركيا أو ألمانيا أو اليابان. وشغل قادة طالبان الأربعة، الذين كنت قد تحدثت إليهم، مناصب كبري في حركة طالبان في الماضي خلال فترة التسعينيات ورفضوا الإفصاح عن أسمائهم خلال اللقاء لأسباب أمنية فالبعض منهم بالفعل كان قد ألقي القبض عليه لعدة سنوات عن طريق القوات الأمريكية ثم أفرج عنهم وهم يعيشون الآن في كابول وسط حرس مشدد من الحكومة. وتعمل الأطراف المعنية منذ عام 2008 علي مناقشة احتمالية المحادثات ولكن المحادثات لم تمض قدما فلا يزال بعض من قادة طالبان في باكستان يرفضون المحادثات ويصرون علي أن الولاياتالمتحدةالأمريكية ستهزم أفغانستان. ودعا قادة طالبان الأربعة إلي الافراج عن سجناء طالبان الذين تحتجزهم الولاياتالمتحدةالأمريكية في مراكز الاعتقال العسكري في مطار باجرام بالقرب من كابول وخليج جوانتانامو بكوبا، كما دعوا إلي حذف أسماء قادة طالبان من القائمة التي تحتفظ بها الأممالمتحدة. وهي القائمة التي أنشأت بموجب قرار مجلس الامن رقم 1267 لعام 1999 حيث يخضعون لحظر السفر ومصادرة ممتلكاتهم وتضم القائمة الآن 433 اسما من المنتمين لتنظيم القاعدة وحركة طالبان، وكان قد تم حذف 45 منها بناء علي طلب الحكومة الأفغانية كبادرة علي حسن النوايا مع طالبان. وأعرب كرازي خلال حواره معي في القصر الرئاسي عن رغبته في أن تمضي المحادثات قدما مشيرا إلي أنه حاول إقناع الرئيس الأمريكي باراك أوباما بالذهاب إلي أبعد من دعم محادثات الحكومة الأفغانية مع طالبان عن طريق مشاركة الولاياتالمتحدةالأمريكية بشكل مباشر في الوضع وهو ما طلبته حركة طالبان من كرازي. واخبرني بيتريوس بأن طالبان لن تتفاوض بحسن نية إلا عندما يتم إضعافها من خلال التحرك العسكري.كما أن حركة طالبان يجب أن تعلن الابتعاد عن تنظيم القاعدة. ومن جانب أخر، تأمل قوات الناتو بسحب معظم قواتها بحلول عام 2014 وهو ما يتوقف علي قدرة الجيش الأفغاني والشرطة في تسلم المهام الأمنية في البلاد وهو الأمر الذي لايزال هناك شكوك حوله.وعلي الرغم من بعض التحسن في أوضاع الجيش الأفغاني إلا أن الجيش والشرطة الأفغانية يعانون من ارتفاع أعداد الأمية وتعاطي المخدرات.ومن المحتمل أن يبلغ معدل إنفاق الولاياتالمتحدةالأمريكية علي تدريب وتجهيز الجيش والشرطة الأفغانية 12 مليار دولار هذا العام. ويساور بعض الأمريكيين الشك حول السبب وراء رغبة طالبان في المحادثات الآن بدلا من الانتظار إلي انسحاب قوات الناتو المقرر لها في عام 2014 ومحاولة حركة طالبان الاستيلاء علي السلطة بعد ذلك، ولكن القادة الذين تحدثت إليهم أشاروا إلي أنه علي الرغم من تحقيق الحركة لبعض النجاحات فإنه لايزال لديها مجموعة من المجندين المحتملين إلا أن الحرب قد أنهكتها وكبدتها الخسائر الفادحة لذلك باتت طالبان تأمل في أن تري السلام يتحقق. وألمح البعض إلي استعداد طالبان التخلي عن الجماعات الجهادية من بينهم القاعدة التي تود استخدام الأراضي الأفغانية في أغراض إجرامية وهو الأمر الذي قد تطلبه الولاياتالمتحدةالأمريكية كشرط مسبق لإجراء المحادثات. ومن الأفضل لطالبان الآن بدلا من محاولة الاستيلاء علي السلطة والتعرض لعزلة من جانب المجتمع الدولي ومنع تقديم المساعدات وضخ الأموال لها القيام بتأييد صفقة لاقتسام السلطة مع كرازي. ويمكن التوصل لمثل هذا الاتفاق من خلال مؤتمر دولي مثل الذي عقد في بون عام 2001 استطاع من خلاله كرازي الحصول علي السلطة واستبعاد حركة طالبان.وأوضح قادة طالبان أنهم ليس لديهم أي غضاضة في وجود وساطة دولية تشارك في مثل هذه المحادثات. وبالطبع يجب أن تسبق هذه المحادثات إجراءات لبناء الثقة بين الطرفين ويعقب هذه المحاولات مفاوضات حول شكل الحكومة القادمة.وسيكون هناك بطبيعة الحال عدد من القضايا الشائكة مثل دور الشريعة وكيف يمكن تقسيم السلطة سواء في كابول أو علي مستوي الأقاليم الاخري فضلا عن مناقشة دور المرأة وكذلك عن نظام التعليم الذي يجب أن يكون في البلاد. وفي واشنطن لا تزال إدارة أوباما منقسمة بشكل كبير بين المستشارين المدنيين الذين يلحون من اجل وضع استراتيجية بينما البنتاجون يضغط من اجل تحقيق انتصار عسكري واضح، ولكن هذا الأخير أمر غير مرجح والسابق يتطلب أن تتسم المفاوضات بالنجاح. صحفي وكاتب باكستاني نقلا عن لوس أنجلوس تايمز الأمريكية ترجمة مي فهيم