أرسل الدكتور أسامة الغزالي حرب، رئيس حزب الجبهة الديمقراطية، خطاباً إلي صفوت الشريف رئيس مجلس الشوري ورئيس المجلس الأعلي للصحافة.. تضمن ما يلي: (تحية طيبة وبعد.. أتشرف بأن أخطر سيادتكم بأن حزب الجبهة الديمقراطية سوف يصدر صحيفة باسم (الضمير) كصحيفة يومية ناطقة باسم الحزب ومعبرة عنه بدءاً من أول يناير 2011 .. وسوف يتولي رئاسة مجلس إدارة الجريدة ورئاسة تحريرها رئيس الحزب (د.أسامة الغزالي حرب) علي أن تطبع الجريدة في مطابع مؤسسة الأهرام وأن تتولي نفس المؤسسة توزيعها). انتهي الخطاب الذي اتسق مع صحيح القانون، الذي يعطي لكل حزب الحق في إصدار جريدة بمجرد إخطار المجلس الأعلي للصحافة، غير أن هذا ليس هو ما يلفت النظر فيه. حين تأسس هذا الحزب، الذي انفرط عدة مرات وخرج منه الكثيرون بعضهم تلو البعض، ومنهم علي سبيل المثال المرحوم أسامة أنور عكاشة والدكتور يحيي الجمل ومارجريت عازر، كان أن أعلن عن نيته إصدار صحيفة.. ثم قرر فجأة الاكتفاء بموقع إلكتروني لأنه لم يتمكن من توفير النفقات التي سوف تجعله قادراً علي إصدار صحيفة ورقية.. وحتي الموقع لم يتمتع بالحيوية والاستمرارية.. بل إنه يعاني من مشكلات جمة تجعل العثور عليه في شبكة الإنترنت أمراً عسيراً. اللافت هنا هو أن الإعلان عن إصدار تلك الصحيفة اليومية فجأة يعني أن الحزب قد توافرت لديه موارد مالية فجأة أيضا من أجل التمكن من إنتاج صحيفة بهذا الحجم.. عملياً هي تحتاج ما لا يقل عن عشرين مليون جنيه.. وإن كنت أتوقع أن الحزب قد رصد لها بسعر صرف الأمس مبلغاً وقدره 28 مليوناً و870 ألف جنيه.. فهل هذه الأموال قد تم تدبيرها من تبرعات الأعضاء.. أم أن لها مصادر أخري قد تكون تبرعات جمهور حزب الجبهة في مختلف أنحاء مصر ؟ الله أعلم. ويبدو اسم الجريدة (الضمير) ملهما، ويبدو معبرا، وهو بدوره يطرح تساؤلات حول طبيعة هذا الضمير.. وقيمه الأخلاقية وتوجهاته السياسية وانحيازاته الاجتماعية وطبيعة مواقفه القومية.. وهي أمور لا يمكن الإجابة عنها الآن.. ولكن تتم الإجابة عنها حين تصدر الصحيفة التي يبدو أنها (مطلوبة) علي وجه السرعة.. بدليل أن رئيس الحزب قد قررها وسوف يصدرها بعد شهر. ينبغي الانتباه إلي أن السرعة قد فرضت علي الدكتور أسامة الغزالي حرب أن يتولي رئاسة مجلس إدارة ورئيس تحرير الصحيفة، ما يعني أنه أولاً سوف يلبي أحلاماً قديمة غيرت مسار حياته حين لم تتحقق، إذ كان يحلم بأي من المنصبين الكبيرين: رئيس تحرير الأهرام أو رئيس مجلس إدارته.. وسوف يخضع الدكتور أسامة مستواه الصحفي لاختبار عسير في تلك الصحيفة المتسرعة.. وسيكون عليه أن يثبت قدراته كرئيس تحرير لم يكتب خبراً في حياته كلها.. وهي حقيقة مرة أعلمها ويعلمها كل زملاء المهنة. يضع الدكتور أسامة نفسه في اختبار سياسي وصحفي ومالي مدهش، ولكن يبدو أن إغواء إصدار الصحيفة أكبر أهمية من دقة الاختبار، وإن كان هذا لا يمنع من طرح سؤال إضافي حول المواقف التي سوف تتبناها الصحيفة بالمقارنة بصحيفتي المصري اليوم والشروق.. وطبيعة الأسماء التي سوف تستقطبها من الجريدتين.. وأي من الكتاب سوف يترك هذه أو تلك لصالح الثالثة. علي الهامش من كل هذا أعتقد أن إضافة (الضمير) لن تضيف إلي معسكر الصحف المماثلة (المصري اليوم والشروق) بل إنها تقتطع من كلتيهما.. حتي لو كانت الصحيفة التي سوف تصدر ستكون ضعيفة وليس لها حزب تعبر عنه.. ولعل هذه الواقعة المتسرعة والمهرولة تضيف جديداً إلي توقعي بخصوص اختفاء المصري اليوم في 2012.. فالمقتسمون يزيد عددهم.
الموقع الالكتروني : www.abkamal.net البريد الالكتروني : [email protected]