هناك شيء غريب يحدث في وقائع الفتنة الطائفية، ففي حادث قرية النهضوية التابعة لمركز أبوتشت كان هناك لقاء بين شاب مسيحي وفتاة مسلمة. وعندما ضبطا معا في المقابر ثارت القرية، وهربت الأسرة المسيحية، وتركت بالطبع منازلها ودكاكينها فتم إحراقها وبالتحقيق ثبت أن هذه الفتاة سيئة السمعة، وبالطبع الولد منحرف والسؤال هو هل الثورة يجب أن تتجه ضد الانحراف الأخلاقي بغض النظر عن ديانة المنحرفين؟ أم أن أديان المنحرفين تتدخل بقوة في هذا الأمر ويتحول الأمر إلي فتنة طائفية لا تبقي ولا تذر وهل هناك من له مصلحة ما في هذا الأمر؟ ولقد ذكرني هذا بحدث مشابه وقع في مدينة ملوي بمحافظة المنيا منذ حوالي ستة أشهر ولم يسمع به الإعلام وذلك عندما توجه صديقان واحد مسيحي وآخر مسلم إلي بيت دعارة معروف في المدينة وعندما دخلا هناك كعادتهما فوجئا بأن التسعيرة قد ارتفعت بسبب الغلاء لكن أحدهما لم يكن لديه ما يكفي من المال والآخر رفض أن يقرضه وهكذا قام صاحب رأس المال بممارسة الرذيلة أما الشخص الآخر فقد خرج غاضبا وأحضر معه مجموعة من أصدقائه ليهاجموا من في البيت والزبائن وتحول الأمر إلي فتنة طائفية أليس هذا أيضا أمرا عجيبا؟ فالتركيز لم يكن أبدا لتصحيح الانحراف، فهل يقبل المجتمع المصري أن ينحرف الشباب المسلم مع الفتيات المسلمات، والشباب المسيحي مع الشابات المسيحيات، ولا يكون في مثل هذه الأمور مشكلة. أما إذا حدث انحراف مسيحي إسلامي فهنا تظهر النخوة أو الرجولة والدفاع عن الشرف وليس هذا فقط بل ان زواج المسيحي من مسلمة أو العكس يتحول إلي قضية شرف وكأن الزوجين يزنيان ويحدث التعدي والقتل بينما نسمع عن هروب مسيحيات قصر أو غير قصر مع شباب مسيحي لأن أسرة الفتاة أو الفتي رفضت زواجهما ولا نري أن نوعا من الغضب الذي يصل إلي حد القتل بسبب انتهاك شرف الأسرة. ونسمع نفس الشيء يحدث في الأسر المسلمة ولا نري دماء أو حرقًا بل العكس هو الذي يحدث إذ يتدخل العقلاء في العائلتين وتحدث مصالحة ويعيش الزوجان في هناء وسعادة وبهجة. أما الشيء الذي يدعو إلي الاستغراب فهو أن المتهمين في قضية مذبحة نجع حمادي أرجعوا سبب المذبحة إلي محاولة اغتصاب شاب مسيحي لفتاة مسلمة وعندما قرأت أحداث القضية برز إلي ذهني عدة تساؤلات حيث إني صعيدي وأعلم جيدا ما يحدث في مثل هذه الحالات إذا كانت الواقعة صحيحة فعندما تعود فتاة من الحقل قائلة إن أحد الشبان تعرض لها ولو حتي تحرش بها فالسؤال الأول من الأب والإخوة يكون من هو؟ وإذا لم تذكر الفتاة الاسم يستمر الضرب والتعذيب حتي تعترف والخطوة التالية مباشرة هي قتل الفتاة أما الخطوة الثالثة فهي قتل الشاب مهما طال الزمن لكن أن تعود فتاة صعيدية قاصرة إلي منزلها معترفة أن شابا اغتصبها فيأخذها والدها إلي قسم الشرطة ورأسه مرفوعا لكي يأخذ حقه بالقانون فنحن هنا في الريف الفرنسي أو الإنجليزي وليس في صعيد مصر إننا نحتاج حقيقة إلي إدراك أسباب الفتنة الطائفية الحقيقية وعدم التمسح بالجنس لأن من المعروف أن الجنس أمر طبيعي ويحدث يوميا طالما يوجد ذكر وأنثي. والجنس لا يتوقف إطلاقا علي ديانة الذكر أو الأنثي خاصة في السن الصغيرة حيث الفوران الجنسي طبيعي إنهم بالطبع لا يفكرون في ذلك وإن كنا نريد علاج الانحراف الأخلاقي والفتنة الطائفية فلنعالجهما منفصلين لأن الجمع بينهما يدعو للسخرية وكأننا نقبل الانحراف الأخلاقي لمتحدي الدين والملة ونمنعه عن غير متحدي الدين والملة، فهل هناك مادة في قانون العقوبات تنص علي شيء مثل ذلك؟! استاذ مقارنة الأديان بكليات اللاهوت