بقلم : حافظ أبو سعدة الاهتمام بالانتخابات البرلمانية الجارية يكتسب أهمية خاصة لاعتبارات متعددة أولا أنها الأولي التي تجري في ظل إدارة لجنة الانتخابات المستقلة التي نص عليها الدستور بعد 2007 . والنص في المادة 88 علي أن تدير العملية الانتخابية لجنة مستقلة يرأسها رئيس محكمة استئناف القاهرة وتضم شخصيات عامة، وهذه اللجنة التي أنشأها التعديل تأخذ بنموذج لجنة مستقلة عن السلطة التنفيذية تكون مسئولة مسئولية كاملة عن إدارة العملية الانتخابية، ويكون لها ميزانية خاصة ولا تكون مسئولة أمام أي جهة تنفيذية ويتم الطعن علي قراراتها أمام السلطة القضائية المختصة بالطعون الانتخابية وهي قضاء مجلس الدولة. وفي الحقيقة نموذج اللجنة المستقلة لإدارة الانتخابات هو من النماذج التي تأخذ بها دائماً الديمقراطيات الناشئة فمن إفريقيا تأخذ دولة جنوب إفريقيا ونيجيريا وموريشيوس وبوركينا فاسو ومن أوروبا كندا واستراليا، وجورجيا، وبولندا، واستونيا، أرمينيا بالإضافة إلي أعرق الديمقراطيات وهي الهند ومن الدول العربية اليمن، وفلسطين وأخيراً مصر، وتقوم اللجنة بالأساس في كل أو أغلب هذه النظم بخمس وظائف أساسية. أ هي تحديد أصحاب الحق في التصويت أو الاقتراع أي إعداد جداول الناخبين. ب استقبال واعتماد طلبات المرشحين للانتخابات ووضع القواعد الخاصة بالترشيح والوثائق المطلوبة. ج تنظيم عملية التصويت وتحديد اللجان الانتخابية واختيار المسئولين عن تنفيذ العملية الانتخابية. د عملية فرز عدد الأصوات. ه تجميع أعداد النتائج النهائية للانتخابات، ويعد في الحقيقة الاحتياج للجنة مستقلة ومحايدة واحترافية لإدارة الانتخابات أحد أهم المعايير الدولية لذلك نجد في استطلاع الرأي للمؤسسة الدولية للديمقراطية والانتخابات سنة 2006 تم في 214 بلداً وأقاليم تابعة لها بأن 55% تعتمد الإدارة الانتخابية من خلال لجان مستقلة و26% تعتمد الإدارة الانتخابية الحكومية و5% بالإدارة الانتخابية الممثلة، فالمهمة الأساسية للعملية الانتخابية وإدارتها هو تحقيق ضمان الشرعية والمصداقية وأن تكون الانتخابات تعبيراً عن إرادة الناخبين وهذا بالطبع يحقق استقراراً في الدول لما يؤدي إلي قبول واسع لنتائج الانتخابات وتعزيز الثقة في المؤسسة المنتخبة وشرعيتها لاسيما إذا تحققت المعايير الأساسية في الحياد والاستقلال والنزاهة والشفافية والكفاءة والمهنية. ثانياً: فيما يتعلق بالأهمية هو ما سوف يترتب علي هذه الانتخابات من نتائج تتعلق بمستقبل الانتخابات الرئاسية في مصر والأحزاب التي يكون لها حق تقديم مرشحين لانتخابات رئاسة الجمهورية ينافسون مرشح الحزب الوطني. ورغم أن مسئولية اللجنة من تحقيق معايير النزاهة والشفافية والاستقلال في الانتخابات مسئولية كاملة إلا أنه يرافق دائما أداء اللجنة رقابة شعبية علي أعمال اللجنة لذلك فإن الرقابة تتفق مع معايير الشفافية، فاللجنة مسئولة عن إعلان كل إجراءاتها بشفافية، وحق الجمهور والمراقبين في الاضطلاع علي أعمال اللجنة حق مضمون سواء بنص القانون أو بالقواعد المتعارف عليها. لذلك يكون هناك دور رئيس للإعلام من صحافة وتليفزيون وإذاعة وجميع الوسائط الإعلامية في نقل جميع الاجراءات والبيانات التي تقوم اللجنة بإصدارها علي الرأي العام وهنا يدق تساؤل مهم علي دور منظمات المجتمع المدني في الرقابة علي أداء اللجنة؟ فهل تتمتع هذه المؤسسات بالاستقلال والحياد؟ وكيف لها أن تضمن ذلك؟ فقد نص قانون مباشرة الحقوق السياسية علي حق مؤسسات المجتمع المدني في الرقابة علي الانتخابات وأظن أن نص القانون علي وجود لجنة مستقلة لإدارة الانتخابات يكفينا للتفرقة بين دور منظمات المجتمع المدني في الرقابة والقول بالتدخل في أعمال الإدارة، والرقابة هنا بمعني ملاحظة أداء وإجراءات تنفيذ عملية الإدارة الانتخابية، والتحقق من المعايير التي تلتزم بها اللجنة من حياد واستقلال ونزاهة وغيرها من المبادئ التي تعد قواعد أساسية لإدارة انتخابية نزيهة، ولتحقيق مبدأ الشفافية في أداء اللجنة يأتي أهمية دور الإعلام ودور مؤسسات المجتمع المدني في الرقابة علي العملية الانتخابية لذلك من المهم أيضًا أن تلتزم مؤسسات المجتمع المدني أيضًا بمعايير الاستقلال والحياد بمعني أنها لا يجب أن تدخل عملية الرقابة وهي لديها موقف محدد من أي حزب سياسي أو مرشح بعينه فأطراف العملية الانتخابية من القوي السياسية والأحزاب يجب أن يكونوا سواء. فأي انتهاك يتعرض له أي مرشح يجب أن يتم رصده سواء كان هذا المرشح يتبع الحكومة أو الحزب الحاكم أو حزبًا معارضًا، كذلك الالتزام بالدستور والقانون وهنا علي سبيل المثال حظر استخدام الشعارات الدينية وهو قرار يستند بالأساس إلي نص المادة 5 من الدستور أي هو مبدأ دستوري بحظر النشاط السياسي الذي يتم باستخدام شعارات دينية فلها الالتزام بهذا القرار والمبدأ يسري علي الجميع ويعد كل من يقوم بمخالفة القرار ينتهك قواعد وإجراءات العملية الانتخابية، وكذلك التدخل في العملية الانتخابية والتأثير عليها عبر العطايا العينية فيجب رصد هذا سواء تم من خلال جهات حكومية أو غير حكومية أو أفراد كلها تعد إخلالاً بتكافؤ الفرص وهو المبدأ الأساسي الذي تقوم عليه الانتخابات، وينطبق الأمر علي الرشاوي الانتخابية واستخدام العنف والبلطجة كل هذه الانتهاكات يجب ألا يتم إغفالها لبعض المرشحين أو أحزاب وألا يقع المراقب أو الجهة في خطأ فادح هو غياب الحياد فالمسترة المعيارية هنا هي الدستور والقانون والمعايير الدولية لنزاهة وحرية الانتخابات فكما أن علي اللجنة أن تحافظ علي حيادها واستقلالها، الرقابة أيضًا علي الانتخابات تلتزم بذات المعايير، فاستقلال اللجنة يقابله حياد منظمات حقوق الإنسان.