إذا أردت أن تعرف من سيفوز بأغلبية مقاعد مجلس الشعب في الانتخابات البرلمانية القادمة ، فقط انظر الي مجموعة العمل التي تقود كل حزب من الأحزاب المشاركة في العملية الانتخابية.. لا تنظر الي المرشحين. اهتم بالنظر الي القيادات.. علي اختلاف مواقعها داخل منظومة الحزب.. أي حزب.. اقرأ آراءهم علي صفحات الصحف تجدها كلها تحرص علي نشر أفكارهم وأقوالهم وأحاديثهم وتوجيهاتهم إلي أعضاء الحزب.. ستجد من بين تلك القيادات شخصاً مؤثراً.. فاعلاً.. يوجه ويخطط.. ينظم ويدير.. معه فقط عدة أوراق صغيرة، ولا يحمل الملفات المتخمة بالأوراق الكثيرة . هذه الأوراق الصغيرة مسجل عليها ملاحظاته عن اداء حزبه.. وأيضاً ملاحظاته عن اداء الأحزاب الأخري.. وهو لا يحتاج إلا لهذه المجموعة الصغيرة جداً من الأوراق وباقي التفصيلات كلها في "دماغه".. و لذلك فهو لا يقرأ تصريحاته من أوراق مكتوبة امامه لكنه يسترسل من ذاكرته.. فتجده حاضراً لا يبحر بك الا عندما يريد، وحيثما يريد.. يحتفظ في ذاكرته ببرامج الأحزاب المنافسة لحزبه. يعرف أشخاصها الفاعلين المؤثرين.. يعي اتجاهاتهم الفكرية جيداً.. يحفظ تاريخهم السياسي والحزبي.. عندما يبدأ عمله في حزبه يضع في اعتباره الاتجاهات المحتملة لعمل الأحزاب الأخري.. يتوقع تحركاتهم وردود أفعالهم علي أداء حزبه.. وعلي اساس تحليلاته السياسية يضع خطط العمل لكل مستويات العضوية.. نجاحه في توقعاته عن الآخرين.. وتوقعاته تنبع من تاريخه.. تصريحاته محسوبة بدقة.. عباراته موزونة بميزان الآخرين.. وإن كان مسئولاً بارزاً في حزبه، الا أنه يعتبر نفسه عضواً في كل حزب من الأحزاب المتنافسة معه علي مقاعد البرلمان. ولهذا، فهو ينجح دائماً في توقع مبادرات الآخرين.. لا يهاجم المرشح باسمه او صفته الحزبية.. لكنه ينتقد نقد الممارس السياسي المحنك.. فلا تستطيع ان تحسب عليه زلات الكلمات لانه لم يقلها.. ولا تنجح في ضبط هفوات الحديث منه لأنه لم يتحدث بها.. هو يسيطر علي حزبه بهدوء وتعقل.. يتناقش ويتحاور ويختلف ويؤيد.. لكنه أبداً لا يقاطع ولا يبتر.. يعرف ويدرك ان تصرفاته محسوبة عليه بصفته الحزبية قبل صفته الشخصية.. لذلك فهو حذر يحسب الحساب قبل البدء في الخطاب.. لهذا كله فهو ميزان الحزب في الاداء والتصريح والاختيار.. فهو أول من يتكلم وآخر من يعقب.. يدع اعضاء حزبه يتناقشون ويتحاورون.. ثم يرجح مصلحة الحزب علي مصلحة عضو الحزب. وعلي الرغم من توافر أعداد القيادات الحزبية كل في حزبه التي تملأ وسائل الإعلام بالمقروء من التصريحات والمذاع من الخطب والبيانات.. فانه يندر وجود الشخصية القيادية المؤثرة الفاعلة بين صفوفها. هذا القيادي المؤثر الفاعل هو صاحب الذكاء الحزبي الذي سيرجح كفة نجاح حزبه علي كل الأحزاب المتنافسة معه.. يهدف الي مصلحة الحزب للوصول الي مصلحة الوطن. لو نجحت في تحديد شخصيته داخل أحد الأحزاب السياسية علي ساحة العمل الحزبي الوطني المصري.. ستعرف مدي النجاح الذي سوف يحققه ذلك الحزب في الانتخابات التشريعية المقبلة بعد عدة أيام.. بل يمكنك توقع نسبة المقاعد التي سيشغلها ذلك الحزب مقارنة بالأحزاب الأخري المتنافسة