في هذا الحوار يتطرق د.محمد الجوادي أستاذ أمراض القلب وعضو مجمع اللغة العربية إلي أمور متعددة تخص فكرة الانتخابات والجدل حولها والدعوة إلي مقاطعتها التي يري أنها دعاوي سلبية أدت في ظروف أخري إلي حدوث «كوارث سياسية» في دول مثل أمريكا. ويدعو الجوادي، وهو مختص في دراسات النظم السياسية والتأريخ لها إلي توفير الرعاية النفسية للمرشحين قبل العملية الانتخابية بما يقضي علي عمليات العنف والبلطجة، ويرفض بشدة في ذات الوقت أي شكل من أشكال الرقابة الدولية باعتبارها اعتداء علي سيادة الدولة الوطنية. ولا يتوقع صاحب الحوار نجاح المرأة في اختيار الكوتة ويري أنه سيفرز ما أسماه بظاهرة «بارونات المخدرات الجدد» وفي هذا السياق قدم رأيه في عدد من المرشحات السيدات من مختلف الأحزاب.. وإلي نص الحوار. ما رأيك في الجدل الدائر حول نزاهة الانتخابات.. وتصاعده بشأن انتخابات مجلس الشعب المقبلة؟ أي انتخابات لا تخلو من جدل حول نزاهتها ولا يمكن تلافي هذا الجدل إلا إذا اشترك الجميع في تنظيم الانتخابات من حيث القواعد ومن حيث التوقيت كالالتزام بالشفافية وبرمجة النتائج بالكمبيوتر والابتعاد عن أقسام الشرطة والسماح بالرقابة الحقيقية وليس الشكلية. أين المثقفون من الحراك السياسي المصري في ظل اهتمام بعض الفنانين ولاعبي الكرة بخوض غمار الانتخابات؟ - بالعكس المثقفون الحقيقيون موجودون لكن الذين يبتعدون عن المشاركة الحقيقية هم أولئك الذين يدّعون الثقافة ويصورون امتناعهم عن الانتخابات بأنه موقف في حين أنه يمكن للصوت الواحد فقط أن يؤثر في النتيجة ولو كان 200 مثقف أمريكي من المؤمنين بقضايا البيئة في ولاية بنسلفانيا لم يمتنعوا عن تأييد المرشح آل جور في الانتخابات الرئاسية الأمريكية في عام 2000 لتغير وجه العالم ولما وصل جورج دبليو بوش إلي مقعد الرئاسة ولكن سلبية 200 مثقف أمريكي حسمت النتيجة لصالح بوش وكان هناك الآلاف الذين يعلمون أن وجود آل جور أفضل لأمريكا وللعالم من وجود جورج بوش. كيف تخرج الأغلبية الصامتة عن عدم مشاركتها وتزيد نسبة المشاركة؟ لابد من إثارة الوازع الديني بأن المشاركة في الانتخابات شهادة ومن يكتمها فإنه آثم قلبه ولابد من رفع قيمة الغرامة عن عدم المشاركة والتي قررها قانون مباشرة الحقوق السياسية الصادرة عام 1956 بدلاً من الحالية التي لا تزيد علي جنيه واحد فقط. لماذا لا نجد الآن مثقفين علي درجة محمود عباس العقاد وعبدالرحمن الرافعي في مشاركاتهم الفعالة في برلمان الثلاثينيات؟ فاز عبدالرحمن الرافعي في انتخابات برلمان عام 1924 بصوت واحد فقط أمام منافسه التقليدي في دائرة المنصورة لدرجة أنه قيل في ذلك الوقت إنها يد الله التي جعلت هذا الناخب يختار الرافعي فيفوز بفارق صوت واحد فقط. وسلك عبداللطيف البغدادي، نهج العقاد في عهد الثورة عندما قدم استقالته احتجاجًا علي سوء تصرفات الدولة في ذلك الوقت بالرغم من أنه كان من كبار رجال الدولة. وهناك مواقف كثيرة شبيهة بهذين الموقفين لكل من فكري أباظة وعبدالحميد سعيد وكامل الشناوي ومصطفي أمين وأحمد أبو الفتح وأحمد قاسم جودة وجلال الدين الحمامصي الذين أثروا الحياة البرلمانية في زمنهم لكن عظمة العقاد ظلت تكتسحهم طوال هذه السنوات. ما تعليقك علي دعاوي المقاطعة رغم تراجعها اجتماعيا وسياسيًا؟ هي محاولات بائسة لفرض الرأي بالسلب في عصر لم يعد يقبل إلا الايجابية خصوصًا بعد انتشار السلبيات علي جميع الأصعدة خصوصًا الشره الذي يمارسه الناس في حياتهم اليومية، فهناك شره في ممارسة الحقوق السياسية من اعتراض وتظاهر واعتصام أو شره في تناول الطعام والشراب والجنس فالدعوي إلي المقاطعة دعوة للخروج من العصر ولا يمكن أن تلقي نجاحًا في عصر سمته المادية والبحث عن اللذة في كل ممارسة. كيف نواجه القبلية في انتخابات القرن الحادي والعشرين؟ لا يمكن القضاء علي القبلية في الوقت الذي ترسخها مجتمعات غربية متقدمة وعلي رأسها أمريكا التي تعرف عائلات كنيدي وروكفلر وبوش وغيرها وعندنا يجب أن يتم اختيار أفضل من في القبيلة لأنه وحده الكفيل بالارتقاء بهذه الفكرة. وكيف يتم التصدي للعنف المصاحب لعملية الانتخابات للقضاء علي عنف الانتخابات لابد من توفير الرعاية النفسية للمرشحين قبل الانتخابات، فلو عرف المرشح أنه من الممكن أن يكون المتهم الأول في قضية قتل بسبب تحمس مؤيديه لأقلع عن العنف ولو علم أنه يمكن أن يفقد ابنه أو شقيقه بسبب العنف لتوقف عن ممارسته ولو علم أن كل أموال الدنيا لن تعوضه عن إصابة تلحق به دون قصد من نيران صديقه لتتوقف عن العنف.. وكل هذا لا يمكن تحقيقه إلا من خلال التأهيل النفسي للمرشحين. وهذا هو واجب الدولة تجاه المرشحين في أن توفر لهم دورات للوعي السياسي لأن العنف لا يتولد إلا من خلال تمويل المنافسين لأسبابه، فضلاً عن هذا فإن «المدينة الفاضلة» تفترض أن يقوم الحاكم بالتحفظ علي البلطجية طوال فترة الانتخابات في مكان آمن تحسبًا لما يفرضه وجودهم من أحداث عنف مواكبة للمعارك الانتخابية. ما رأيك في الحديث عن المراقبة الدولية للانتخابات؟ ممكن، لكن أخشي أن تتم المراقبة الدولية علي دائرتين فقط هما: الزمالك ومصر الجديدة. هل الرقابة الدولية تنتقص من السيادة الوطنية؟ بالتأكيد، فهذا اعتداء مباشر علي سيادة الدولة وتكمن المهارة في تجنب هذا الاعتداء قبل مواجهته. هل الإشراف القضائي هو الممر الوحيد للنزاهة؟ الإشراف القضائي أصبح في خبر كان لأنه لم يكن بالإمكان. هل تلبي فترة الدعاية الحالية الطموح للمشاركة الفاعلة في المعركة الانتخابية؟ هذه الانتخابات هي أقصر دورة من حيث فترة الدعاية لأنها حددت فترة الدعاية المكثفة بأقل من شهر وهو ما لم يحدث علي مدي الانتخابات البرلمانية طيلة القرن العشرين والحادي والعشرين. ما الذي يقلق الدكتور محمد الجوادي كرجل يدرس معطيات الأحداث ويحللها ويتوقع النتائج؟ أخاف علي الحزب الوطني مما حدث له في انتخابات 2005 حيث فازت قوائمه ب32% فقط من عدد المقاعد. لانه إذا كان الحزب الحاكم يقف عند مثل هذا الرقم فهذا يعني أن الحياة السياسية تمارسها جماعات وجمعيات وتنظيمات غير حزبية وهو ما يدل علي فشل السياسة الحزبية في المقام الأول والأخير. كيف تري ظاهرة بيع الأصوات الانتخابية؟ الظاهرة موجودة في المجتمعات المختلفة بكثرة وقد اكتشف العالم أخيرًا أن هذا يحدث في اتحاد كرة القدم الدولي «الفيفا» علي أعلي المستويات بين مندوبين يحصلون علي أعلي المرتبات في العالم لكنها تدل في الوقت نفسه علي عدم النظام الانتخابي والحياة السياسية أما في ظل الوضع السياسي الحقيقي فلا يمكن لأحد أن يفرط في صوته لأنها تصبح مسألة غير قابلة للتفاوض. هل تتوقع نجاح المرأة في اختبار الكوتة؟ في الغالب لا، لأن تصحيح الدوائر الانتخابية صعب جدًا وكنت أفضل أن تكون الجمهورية كلها دائرة واحدة أسهل من هذه الدوائر الكبيرة المتعددة وفي الغالب ستفرز الكوتة أوضاعًا يمكن وصفها بأنها بارونات المخدرات لأنه لا يمكن للسيدات الخوض في هذه المعركة بدون رأس المال القادر. هناك من يري أن العمل السياسي مهمته لا تناسب المرأة؟ هناك سيدات مصريات مستواهن السياسي يفوق الرجال مثل د.ليلي تكلا ود.عائشة راتب ومضي علي تفوقهما أكثر من ستين عامًا ومازالتا قادرتين علي ممارسة السياسة لأنهما نشأتا في حقبة ليبرالية. أما الدكتورة زينب رضوان ود.جورجيت قليني فهن أقرب للقنابل الموقوتة منهن إلي السياسيات. وأعتقد أن الدكتورة آمال عثمان فقدت بريقها خصوصًا بعد اشتراكها في الدفاع عن هشام طلعت مصطفي. وسميرة أحمد؟ تعتقد أن ابتسامتها تساوي كنوز الدنيا، لكن كنوز الدنيا ليست كافية للسياسيين وإنما هي بحاجة إلي كنوز الآخرة أيضًا. ونجوي إبراهيم؟ تعودت العطف علي جماهيرها، والجماهير في حاجة إلي قيادة وليس العطف فقط. ومني مكرم عبيد؟ كثرة التقلب كفيلة بتحطيم البريق. وابتسام حبيب؟ الحكمة تقتضي مزيدًا من الالتحام بالجماهير. ومؤمنة كامل؟ أعتقد أن الدائرة بعيدة جدًا عن مجال اهتمامها. وفريدة الزمر؟ تحتاج إلي شجاعة الاعتراف بالخطأ. وحياة عبدون؟ تحتاج إلي تواجد مكثف في الشرقية حتي يمكن تذكير الناس بأنها ابنة عائلة عبدون. ودرية شرف الدين؟ هي ابنة المنصورة لكن عالميتها تسمح لها بالترشح في البحيرة والوادي الجديد أيضًا. وفايزة أبوالنجا؟ تستطيع أن تحقق انتصارًا سهلاً لو أنها عاشت في بورسعيد طيلة فترة الانتخابات.