تفاوتت ردود الأفعال كالعادة في مسألة قطع البث عن قنوات فضائية إسلامية لبعض مشاهير الدعاة، فمِن شامتٍ في هذه القنوات وأصحابها ومِن مسرور بذلك القرار إلي متحامل وحاقد ومن مكفر وناقم علي القرار لاعتقاده أن ذلك المنع محاربة للإسلام وأهله، فما حقيقة الموقف أمام هذه الردود المتفاوتة؟ أرجو أن يلتفت من يعنيهم الأمر إلي ما أكرره مراراً: الفكر أيًّا كان توجهه لا يواجه بعنف أو بمنع إلا إذا أدي هذا الفكر إلي صراع وشجار وسفك دماء؛ حينئذ لا مفر من استخدام عصا السلطان، وليس معني ذلك أن يُترك الأمر حتي يستفحل يوشك علي الانفجار، وإنما القصد هو أن هذه القنوات تحمل فكراً دينياً وتستدل عليه استدلالاً غير صحيح بآيات من القرآن وأحاديث نبوية، وبالتالي إيقاف هذا الفكر لابد أن يكون بحجة قوية بالاستدلال الصحيح بآيات محكمة من القرآن وأحاديث صحيحة ثابتة بمفاهيم الصدر الأول،. فإذا استطعنا أن نُثبت أن هذه القنوات تخالف الكتاب والسنَّة ومفاهيم الصدر الأول سهل علي الناس الانصراف عنها، أما مجرد أن يخرج علينا مشايخ أو كتّاب ينعتون هذه القنوات بأنها متطرفة وأنها تنشر الدجل والشعوذة دون أن نبيّن حقيقة ذلك للناس، فسيبقي أثر هذه القنوات بل وستزداد شعبيتها؛ فلا ننسي أن الجو العام في مصر هو التشكيك والتكفير؛ لذا كنت أتمني أن يخرج علينا أحد العلماء الأفاضل بعرض حلقة أو حلقات لهذه القنوات مع التعليق علي مواضع الخلل بالدليل والبرهان. أما مجرد الطعن والاتهام المرسل بلا دليل مقنع سيوسع من دائرة النزاع، بل ربما أدي المنع إلي اللجوء إلي اختزان الفكر في النفوس وفي الصدور والسعي لإعادة الخلايا السرية والعنقودية؛ فنعود مرة أخري بعد مرات إلي نقطة الصفر، لذا فكلامي منصب حول قضية هامة وهي أن الفكر لا يواجه في الأصل إلا بفكر وبنفس طويل، لكن المشكلة تبدو في أن الدولة تفتقر لمن يملك هذا المنطق الشرعي لمواجهة فكر هذه القنوات ودليلي علي ذلك ما يلي: منذ ظهور فكر الإخوان المسلمين وسيد قطب وحتي لحظتنا هذه أين المراجع العلمية الأزهرية التي ناقشت فكر حسن البنا وسيد قطب لبيان فسادهما؟ لقد ترك الأزهر هذه المهمة لعادل إمام ووحيد حامد! فلم نجد إلا تقريراً لرئيس لجنة الفتوي بالأزهر السابق الشيخ عبد اللطيف السبكي حول كتاب (معالم في الطريق لسيد قطب)، وأنا أتحدي أن يكون لدي مائة أو أكثر من أئمة وخطباء الأوقاف الرسميين أي فكرة عن هذا التقرير الذي نشر سنة 1966م. فللأسف الشديد مشيخة الأزهر ودار الإفتاء تهتم بالأموات وموالدهم ولا تهتم بالأحياء ومشاكلهم؛ إذن تعالوا إلي كلمة سواء بيننا وبين هذه القنوات وغيرها ونرد الأمر إلي مصادره، لتتوحد هذه الجهود خلف هذه الدولة بقيادتها فعن طريق الحوار البناء سنخفف من حدة الاحتقان الفكري وحدة النزاع ولا مانع أن تكون هناك مسافات بين كل هذه الاتجاهات المهم أن نتحاور ونقدم الإخلاص لله أولاً ثم مصلحة أمن واستقرار هذا البلد بدلاً من النفاق وزعزعة الأمن والاستقرار، وأهم القضايا التي ينبغي طرحها للحوار مع هذه القنوات وغيرها من الاتجاهات الدينية تتمثل في الإجابة عن الآتي:- 1- ما هي مصادر العلم؟ 2- وما معني كلمة التوحيد؟ 3- وما معني العبادة؟ 4- وما معني الطاغوت؟ 5- وما هو الشرك؟ 6- وما هو الإيمان؟ 7- وما تفسير قوله تعالي: (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون)؟ 8- ومن إمامكم في مصر؟ 9- وهل له بيعة في أعناقكم؟ وهل له عليكم سمع وطاعة في المعروف؟ 10- وهل يجوز الخروج عليه أم لا؟ 11- وما هو موقفكم الشرعي من فكر حسن البنا وسيد قطب والمودودي؟ وما هو موقفكم من فتوي تحكيم القوانين الوضعية للشيخ محمد بن إبراهيم - مفتي السعودية السابق؟ 12- وهل تكفرون حاكماً بعينه؟ 13- وهل هناك شرك اسمه شرك الطاعة وآخر شرك الحاكمية؟ 14- هل في الإسلام جماعات متحزبة؟ 15- كيف التعامل مع ولاة الأمر شرعاً؟ وبناء علي الإجابات سيتضح من القوم هل هم من الخوارج أم لا. كما لا يُكتفي بالإجابات المجملة بل لابد من ذكر الأدلة التفصيلية والتصريح فيما وجه إليهم وإعلان ذلك علي الملأ في قنواتهم، وقد يقول قائل ماذا لو أظهروا خلاف ما يبطنون، أقول ليس لنا سبيل علي أمر النوايا ولكن حسبنا إعلان براءتهم من فكر التكفير والخروج علي الحكام. أما وجود فتاوي في المعاملات بها تشدد فهذا أمر لا يمكن الابتعاد عنه أو القضاء عليه فمع مر العصور يتناوب الفقهاء علي الفتيا ومنهم من يتشدد لعلة ومنهم من يتساهل لعلة والأمر في النهاية لولي الأمر يختار من هذه الآراء ما هو أقرب للدليل الشرعي ليُعتمد وبالتالي لا يجوز الخروج علي هذا الرأي قضائياً أما تديناً فالأمر يعود إلي معتقد كل إنسان فيما صح لديه من أدلة وهكذا يكون الحوار الموصول مع كل اتجاه ديني حجة بحجة دليلاً بدليل حتي نصل في النهاية إلي نزع فتيل الصراع والشقاق في داخل المجتمع. * ليسانس شريعه دبلوم في الدعوه