جمعت الهيئة المصرية العامة للكتاب مجموعة مقالات ومحاضرات للدكتور محمود حمدي زقزوق وزير الأوقاف في كتاب بعنوان «الدين للحياة». ويتحدث فيه عن الدين كركيزة اساسية لكل الحضارات، ومفهوم جامع للعقيدة والشريعة والأخلاق والحضارة، إلا أن هذا العنصر الأخير كما يؤكد زقزوق هو الفريضة الغائبة في دنيا المسلمين. في مقالات زقزوق تأكيد علي ضرورة الاتجاه نحو تصحيح فهمنا للدين والعبادة، لأن التدين أمر باطني لا صلة له بالمظاهر والشكليات، أما التدين الزائف فراجع إلي ضيق أفق ومحدودية الثقافة الدينية وقلة الفقه بالدين. في مقالات أخري يتحدث زقزوق عن «ثقافة الأمل في ضوء تعاليم الإسلام»، حيث يشرح طبيعة الخطاب الديني الحالي الذي يهتم أكثر بالأمور الغيبية علي حساب الأمور الدنيوية، أما الأمة الإسلامية ففي حاجة إلي »صحوة حضارية تتطلب خطابا دينيا يبعث علي الأمل«. الانشغال بحكم نقاب المرأة «ردة حضارية» كما يصف د. زقزوق ويقول: «إن من حق المرأة ومن واجبها أن تتواصل مع مجتمعها، والنقاب الذي هو مجرد عادة وليس عبادة يشكل عقبة في طريق هذا التواصل». ومن هنا يشدد المؤلف علي أن النقاب ليس حرية شخصية، بل هو إساءة استخدام لهذه الحرية بما يضر بأمن واستقرار أي مجتمع. أما فيما يخص تفسير العنوان «الدين للحياة» بدلا من الكلمة المعهودة «الدين لله»، فيري د.زقزوق أن الدين الإسلامي دين للحياة يجمع أبعادها المختلفة، وينظم حياة الناس وعلاقتهم بربهم وببعضهم ثم علاقتهم بالمجتمع والدولة. في موضع آخر من المقالات يفرد الوزير مساحة للحديث عن الفتنة الطائفية، الذي هو في نظره «مصطلح مفتعل»، ومروجوه في عناوين الصحف في الداخل والخارج «يضربون علي وتر الاضطهاد الديني المزعوم». وهنا يشير إلي كتيب بعنوان «السلام الاجتماعي» كانت قد أصدرته وزارة الأوقاف ودعت فيه إلي ضورة نبذ النبش في «قمامة التاريخ» وترويج أفكار وشائعات لا أساس لها. بخصوص موضوع شائك آخر هو الحرية الدينية والردة والفرق بينهما، ينتهي زقزوق إلي الرأي القائل بأن »حرية اختيار العقيدة الدينية لا تقتصر علي الاختيار الأول فقط وإنما الاختيار مستمر ومتواصل دون حدود أو عوائق«، طالما لم يؤذ المرتد بارتداده أحدا. إلا أن المؤلف يثير الانتباه إلي تجاهل أحوال المرتد وأسباب ارتداده، التي من الممكن أن تكون مادية، ويذهب زقزوق إلي أن المجتمع الإسلامي يتحمل مسئولية ارتداد فرد من أفراده وعليه أن يزيل الأسباب قبل أن يعاقب المرتد. يقطع زقزوق بحاجتنا إلي ثورة فكرية ودينية في الإسلام من داخله، لأن الإساءة إلي الإسلام في رأيه من الممكن أن تحدث ممن ينتسبون إلي الإسلام نفسه. حتي لو كان ذلك بحسن النوايا وجهل فاضح بتعاليم الدين، والأخطر محاولة توظيف الدين لخدمة أغراض سياسية أو أطماع دنيوية. يقول: «الأصدقاء الجهال يقلبون هرم الأولويات الإسلامية رأسا علي عقب، ويقدمون الإسلام للآخرين من خلال المظاهر الشكلية علي أنه دين اللحية والجلباب والمسبحة والدروشة الفارغة وقطعة قماش تلغي شخصية المرأة».