أدت الخلافات الأيديولوجية بين حركة حماس من ناحية والتنظيمات الدينية المختلفة في قطاع غزة، إضافة إلي حملتها العنيفة للتضييق علي السلفيين، إلي زيادة معدلات التطرف وتنامي إعداد هذه الجماعات التي يحمل بعضها أفكار تنظيم القاعدة في القطاع، وان كانت تنظيماتها تتميز بقلة العدد، ما جعلها تتحول إلي ظاهرة بكتيرية.. هذه الخلاصة رصدتها الدراسة الصادرة عن مركز واشنطن لسياسة الشرق الادني وتضمنها تقرير تحليلي صادر عن المركز الدولي للدراسات المستقبلية. وبحسب الدراسة، فان انخراط حركة حماس في السياسة، وفشلها في تطبيق المفهوم الجهادي للشريعة في القطاع، وتصديها لكل محاولة من جانب الفلسطينيين لتنفيذ عمليات ضد أهداف إسرائيلية انطلاقا من القطاع، خلق فراغا كانت الجماعات الدينية السلفية حريصة علي ملئه، بل ان العناصر الأشد تطرفا في حماس انفصلت عنها وانضمت إلي هذه التنظيمات، ولما كانت الجماعات التي تدور في فلك تنظيم القاعدة تهدد سلطة حماس، فلم يكن مفاجئا ان تعمل الحركة علي خنقها والتضييق عليها بكل السبل بل وقتل قياداتها في بعض الاحيان كما حدث مع ابو النور المقدسي زعيم تنظيم جند أنصار الله. تستند الدراسة إلي مسح أجراه المركز الأردني للدراسات الاستراتيجية واظهر ان الفلسطينيين الذين يعيشون في الضفة الغربيةوغزة لديهم درجة كبيرة من التأييد لتنظيم القاعدة تفوق جيرانهم في الدول الاخري، ف 7% فقط ممن ادلوا برأيهم اعتبروا القاعدة تنظيما ارهابيا في مقابل 70% اعتبروها حركة مقاومة، وتظهر الدراسة ان حجم التأييد لأفكار القاعدة في غزة اكثر منه في الضفة الغربية ورام الله، وزاد ذلك بعد العزلة التي فرضت علي القطاع عقب انقلاب حماس علي السلطة في يونيو 2007 . وتقول الدراسة الأمريكية إن هذه التنظيمات لا تتلقي توجيها أو دعما من قبل تنظيم القاعدة الا انها تعتبر نفسها جزءا من الأيديولوجية السلفية الجهادية وتحاكي في تكتيكاتها واستيراتيجيتها تلك التي يستخدمها التنظيم الدولي، كما تستشهد بأيديولوجية القاعدة وقياداتها في البيانات الصادرة عنها ومن ابرز النماذج علي ذلك جماعة تسمي "قاعدة الجهاد في ولاية فلسطين". تعزز الوجود السلفي في غزة بحسب ما يسجل الباحث بفعل المقاتلين الاجانب الذين دخلوا القطاع للانضمام إلي الحركة الجهادية، حيث دخل القطاع بضع عشرات من الاجانب إلي غزة من مصر وشبه الجزيرة العربية وخاصة اليمن، وفرنسا وبلجيكا ومناطق اخري. لم يأت نمو الايديولوجية السلفية في المجتمع الفلسطيني من فراغ فالممارسات التي تنتهجها حماس في القطاع ادت إلي زيادة وتيرة التطرف ساعد علي ذلك احساس قطاعات من الشباب بالإقصاء في مجتمعاتهم وانهم محاصرون بالفقر علاوة علي استمرار الاحتلال وفشل الحكومات المتعاقبة في توفير احتياجاتهم، إضافة إلي عدم نضج مؤسسات المجتمع المدني هناك، بالإضافة إلي سعي كثير من الاشخاص إلي هذه الجماعات بحثا عن المال. واذا كان الوضع في غزة هكذا فإن الحال في الضفة الغربية يختلف عنه بعض الشيء بسبب استمرار الوجود العسكري الإسرائيلي، علاوة علي التزام السلطة برئاسة محمود عباس بمنع المتطرفين الذين يمارسون العنف من القدرة علي العمل بفاعلية وان ظهرت حالات فردية لاشخاص يستلهمون أفكار القاعدة.