حطت موجة استدعاء حوادث الحادي عشر من سبتمبر علي الولاياتالمتحدة لتضع علامات استفهام كثيرة حول التوقيت والأسباب التي أعادت إلي الصدارة مجددًا تنامي مشاعر العداء والكراهية ضد المسلمين في أنحاء الولاياتالمتحدة، لماذا الآن أو بعد أن ظن مسلمو أمريكا بعد مرور تسع سنوات علي الأحداث أن مشاعر الغضب تجاهه قد هدأت لاسيما بعد وصول أوباما إلي البيت الأبيض وبعد جهود مضنية بذلها مسلو أمريكا لتغيير الصورة النمطية التي ربطتهم ودينهم بالإرهاب.. فجأة انقلبت الأمور رأسًا علي عقب وفي إطار حملات تبدو منظمة للغاية وأديرت بشراسة ومتخذة من قضية بناء مجمع قرطبة الإسلامي والثقافي بالقرب من موقع برجي التجارة في نيويورك وقودا لإذكاء مشاعر الكراهية لدي المجتمع الأمريكي تجاه الإسلام والمسلمين لدرجة دفعت بأحد الشباب الأمريكي إلي طعن سائق تاكسي ومحاولة ذبحه لمجرد معرفته بأنه مسلم. هذه الحملة التي برز علي رأس من شنها أعضاء حزب الشاي اليميني الرافض لرئاسة أوباما (ذو الأصل الأفريقي) انضم إليهم فيها ساسة جمهوريون مثل نيوت جنجريتش رئيس مجلس الشيوخ الأسبق الذي لم يتورع عن المطالبة بمقايضة إنشاء مجمع قرطبة بإنشاء كنيسة في الحرم المكي وهي الدعوة التي مافتًا يتحدث عنها في مختلف وسائل الإعلام لا سيما علي قناة فوكس الإخبارية المملوكة لروبرت ميروخ بل وكتب مقالاً بارزًا صحيفة الواشنطن بوست بالمعني نفسه بلغت حدته ضد المسلمين والإسلام وهو المقال المسموم الذي لقي استهجانا من قطاعات واسعة من مواطنين أمريكيين عاديين أرسلوا إلي البوست ينتقدون سماحها بنشر مقال لها أخلاقي كهذا. الهجوم شمل أيضا أوباما وذلك باستمرار التشكيك في أنه مولود بأمريكا وفي رئاسته للقوات المسلحة لدرجة رفض ضباط الخدمة تحت رئاسته، وإثارة مزاعم تتحدث عن كون أوباما مسلمًا متخفيا وكأن الإسلام عورة في بلد نص دستوره علي احترام حرية المعتقد. إن الحقيقة المسكوت عنها تتلخص في كلمتين وهما تحالف «السلاح والأعمال» فالمعروف أن شركات صنع السلاح وخدمات الحرب ازدهرت تجارتها وأرباحها في عالم بوش- تشيني، حينما كان اليمين يحكم البيت الأبيض، إلا أنه ومنذ مجيء أوباما للحكم بمنهجه الذي يركز علي تحسين اقتصاد الولاياتالمتحدة الذي دمرته بوش- تشيني وحروبهما وانعكس سلبا علي اقتصاديات العالم، ثم سحب القوات المقاتلة من العراق واستتباب بقية القوات داخل قواعد منعزلة ومحمية هناك، مع تريكز حرب في أفغانستان علي القاعدة واعتزامه القيام بسحب قواته من هناك تدريجيا في وقت لاحق كلها سياسات كارثية بالنسبة للوبي السلاح والمال والأعمال و«شركات خدمة الحروب» وشركات البترول المستفيد الأكبر من حرب العراق، ولذا كان من اللازم بالنسبة لهؤلاء التحالف مع لوبي إسرائيل المستفيد من عودة هؤلاء إلي مركز القيادة ومن ثم التعجيل بدق طبول الحرب ضد إيران.. حيث وجد الجمهوريون الجدد في اللوبي الإسرائيلي مخلبا يقربها من تحقيق الأمل بتوجيه ضربة للديمقراطيين ووجه لوبي «صناعة الحروب» والإتجار بها في اللوبي الإسرائيلي الأمريكي مخلبا يقربه من تحقيق هدفه لاستعادة ازدهار أرباحه وكانت الإدارة استخدمت كارت الإرهاب الإسلامي كفزاعة تماما كما استخدمته إدارة تشيني- بوش لتمهد لحرب العراق ولتمرير سلسلة قرارات غير مسبوقة من الكونجرس، سدد فواتيرها دافع الضرائب الأمريكي بمليارات انتهت إلي خزائن لوبي شركات الحرب هذا، ووجدنا كيف هاجمت إيباك رسميا مجمع قرطبة وكيف كعادتها للإمساك بالعصا من المنتصف سارعت بشجب حرق القرآن.. وهو الأمر الذي حذا بالصحفي الأمريكي المخضرم فريد زكريا إلي إعادة جائزة منحته إياها إيباك ومعها خطاب يعكس غضبه من إيباك كمسلم جرحه سلوكها. لقد وجد هذا التحالف السياسي والمالي والعسكري في التصعيد ضد الإسلام والمسلمين وسيلة تقربه من الفوز واصطياد عدة عصافير بحجر واحد أولها استعادة الأغلبية في الكونجرس ومن ثم لاحقا البيت الأبيض والتمهيد لمواجهة إيران. أما عن مسلمي وعرب أمريكا فحدث ولا حرج فلا يكاد يمر يوم واحد دون الإبلاغ عن حوادث تحرش وامتهان وصلت للمساجد والبيوت وإن كان العمل، فوصلت نسبة التحرش بسبب الدين في العمل من 697 حالة سجلت في العام 2004 إلي 1495 بلاغًا العام الماضي فقط، حملات الكراهية تلك لم تدع أحد حتي الأطفال بمدارسهم وهي حوادث ومواجهات تستحق حديثا آخر.. لنا معه بقية.