.. لم يسلم فنيو الأشعة مثل المرضي تماماً من أخطاء الإهمال.. «روزاليوسف» رصدت معاناتهم مع الأمراض الخطرة في تحقيق ميداني.. إلي التفاصيل القصص الإنسانية الموجعة.. «أمجد داود» فني اشعة استقال من عمله بمستشفي قصر العيني ليعمل بوظيفة إدارية بنفس المكان. يروي قصته قائلاً: اصبت بفيروس «C» منذ عدة شهور وكان الفيروس «نشطاً» ولم تقم إدارة المستشفي بصرف الأدوية لعلاجي سوي بعد أن تقدمت بالعديد من التظلمات بحكم عملي كفني أشعة كنت أتعامل بشكل دائم مع مرضي العناية المركزة من خلال الأشعة المتنقلة إضافة إلي اجرائي للاشعة أثناء العمليات الجراحية، يضيف داود: أصبت بالعدوي نتيجة ذلك مع العلم أنه لا يوجد تاريخ مرضي بالفيروس بين أفراد عائلتي. إجراءات الوقاية ويضرب مثالاً علي غياب مكافحة العدوي داخل المستشفيات بقوله: في إحدي المرات كنا نتعامل كلنا ممرضات وفنيين اشعة وأطباء مع مريض بالإيدز بشكل مباشر دون أن نعرف خطورة الأمر ونتخذ إجراءات الوقاية، وقد أصابنا الهلع بعد مصعفتنا وقمنا كلنا بإجراء التحاليل حتي نطمئن علي أنفسنا،.م وضحاً أن أمراض الدم والسرطان الأكثر انتشاراً بيننا لأننا نتعرض للاشعة بكميات كبيرة وهناك زميلات لنا أصبن بسرطان الثدي وأخريات تعرضنا للاجهاض هذا بخلاف العقم والأمراض التناسلية وتشوهات في الأجنة. ولا تختلف قصة عبد الفتاح فتحي كثيراً عن أمجد داود فقد أصيب بسرطان بالغدد الليمفاوية ويعتبر الأمر قضاء وقدراً ولا علاقة بين طبيعة عمله، ومرضه، قائلاً إن لكل عمل اضراره المترتبة عليه وقد درسنا أضرار الاشعة في مادة الوقاية أثناء دراستنا بالمعهد. جدول المستشفي ويضيف: يوجد جدول بالمستشفيات حتي يتناوب الفنيون في عملهم ولا يكونون عرضة للإصابة بالأمراض إلا أن هذا لا يكفي، فعلي المدي البعيد تطالنا الأمراض المختلفة مثل ضعف في القدرة الجنسية وتكسير في كرات الدم البيضاء، إضافة إلي حروق في الجلد وسقوط الشعر وفقدان الطعم والتهابات شديدة بالفم، فمخاطر الأشعة كثيرة والرعاية المقدمة لنا معدومة فبدل العدوي 7.5 جنيه فقط كما أن الدراسة في المعهد غير كافية فالدراسة باللغة العربية والمناهج لم يتم تغييرها منذ 50 سنة وما ندرسه بالمعهد لا يتعدي 10% من ضمن تخصصنا ونأخذ الباقي من خلال الخبرة بعد التخرج فنحن ندرس نوعًا واحدًا من الأشعة رغم وجود 12 نوع أشعة تشخيصية وعلاجية وبالتالي فإن خريج المعهد يتخرج ولا يفقه شيئاً! ورغم وجود قوانين - كما يقول عبد الفتاح - نتساوي من خلالها بالمؤهل العالي منها القانون رقم 11 لسنة 1975 والقانون 135 لسنة 1980 والمعدل بالقانون 112 لسنة 1981 إلا أن وزارة الصحة تصر علي تعييننا بالدرجة الرابعة بدلا من الثالثة. «مصطفي عبدالغني» فني أشعة يري أن نسبة الإصابة بينهم كبيرة وتتنوع ما بين أمراض المناعة لتصل إلي السرطان، فهناك 12 نوعاً من الأشعة ما بين أشعة تشخيصية وأخري علاجية والتي غالبًا ما تستخدم لعلاج السرطان، وتكون مدمرة للمريض إذا زادت عن النسبة المقررة له. يقول: إذا كانت زيادة الإشعاع تسبب أمراضًا خطيرة للمريض الذي يعالج، فماذا عن الفني الذي يتعامل يوميا مع الأجهزة والمرضي بشكل مستمر، ورغم دراستنا لطرق الوقاية في المعهد الفني الصحي إلا أن التطبيق الفعلي في المستشفيات غير موجود. لوح رصاص وعن أدوات الوقاية التي يفترض أن توجد بالمستشفيات يوضح مصطفي: لابد من وجود لوح رصاص نقف خلفه لحمايتنا من الأشعة و«مريلة» رصاص إلا أن هذه التجهيزات غير موجودة وإن وجدت يصعب استخدامها حيث إن وزن المريلة يصل إلي 7 كيلوجرامات فكيف نلبسها اليوم كله. التأثر بالأشعة وخلف الزجاج السمين جلس «محمد مناع» أمام جهاز الكمبيوتر لعمل أشعة علي المخ لأحد المرضي وهو يقول: غرف الأشعة مختلفة فهناك غرفة الأشعة المقطعية والتي يوجد بها حامل صغير من الرصاص يقف الفني خلفه إلا أنه لا يمنع من تأثره بالاشعاع علي المدي الطويل وغرف الأشعة السينية أو أشعة «x» والتي يدخلها المريض بعد تجهيزه، وأقوم أنا بالتصوير من غرفة أخري من خلال جهاز الكمبيوتر الموجود أمامي وطبع الصور علي أفلام وتسليمها للمريض. لكن مناع يستدرك قائلاً: نتيجة تعرضي المستمر للأشعة اصبت بضعف في المناعة، واضطررت للامتناع فترة عن العمل لحين تحسن حالتي وحتي لا حدث عدوي لي. ومن المفترض أن نجري تحاليل دورية للدم حتي نتأكد من عدم وجود تأثير سلبي للأشعة إلا أن هذا لا يحدث، كما من المفترض أن نحصل أيضا علي تغذية معينة خلال فترة العمل من المستشفي إلا أنها ضعيفة ولا تراعي المعايير المفترضة. الأمان النووي ويتهكم علي سوء الحال بقوله: كل شيء معنا مفترض ولكن لا شيء يحدث فأغلب المستشفيات المصرية غير مطابقة لمواصفات الأمان النووي حيث تزيد جرعة الأشعة عن الحد المسموح به، اضافة إلي عدم وجود أجهزة قياس الأشعة للفنيين وعدم تهوية الغرف جيدًا مما يؤدي إلي زيادة نسبة الهواء الملوث بالاشعاع وبالتالي زيادة المخاطر، وهو ما يخالف القانون 59 لسنة 1960 الخاص بتنظيم العمل بالاشعاعات.