المتابع لأنشطة مؤسسات المجتمع المدني، يفاجأ أنها تحولت في رمضان لساحة تسول، انصب اهتمامها علي الشنط الرمضانية وتوزيع المواد التموينية، فالمصريون يتبرعون في رمضان بملايين الجنيهات معظمها للايتام والمحتاجين واقامة موائد الرحمن، وهذا ما سبب خللاً مجتمعياً كبيراً فنحن ننفق أموالنا للخروج من دائرة الفقر الا ان الحقيقة اننا سقطنا فيها اكثر ونتوغل فيها للانهاية، اين نحن من الفكر التنموي الذي تحتاجه مصر اكثر وكيف نتجاهل القري الاكثر فقراً؟ وكيف ينصب اهتمامنا علي فئة بعينها من المحتاجين وهم الايتام ونتجاهل المعاقين والمسجونين الذين تم إلقاؤهم في السجون بمئات الجنيهات فهل يجهل المصريون الانشطة التنموية ام يتجاهلونها عن عمد؟ هذا ما ترصده «روزاليوسف» في السطور القادمة محاولة الاقتراب من جمعيات حملت لواء التنمية ورصد آراء بعض المتبرعين حول اسباب عزوفهم عن هذه الانشطة. المعاقون الأكثر احتياجاً تؤكد سماح سلام مؤسسة دار الحق الخيري بالاسكندرية ان معظم المسلمين يخرجون صدقاتهم في رمضان فضلاً عن التبرعات، لكن المشكلة هي الاقبال الشديد علي التبرع للايتام دون الالتفات لبقية الفئات، مثل ذوي الاحتياجات الخاصة او غير القادرين. وتضيف: نواجه صعوبة بالغة في جمع أي تبرع لفتيات مقبلات علي الزواج، ولأسر محتاجة، وذلك لأن المتبرع يقتدي بحديث الرسول صلي الله عليه وسلم «انا وكافل اليتيم كهاتين في الجنة واشار بإصبعيه السباية والوسطي» صدق رسول الله صلي الله وسلم ولكن لا يعني ذلك الاقلال من الاهتمام بالفئات الاخري، او ان الثواب اقل. علي الجانب الآخر هناك تجاهل من المصريين لمشاكل المعاقين خاصة المكفوفين، ونظل كجروب نقنعهم بمدي احتياجهم لأجندة ومصاريف اضافية من مواصلات ومرافق للكفيف ومن يساعده في التعلم. ويكفي القول اننا ظللنا نناشد اهل الخير لجمع الفي جنيه لاجراء عملية جراحية اياماً طويلة واستعنا بالانترنت كأداة للنشر، حتي فوجئنا برجل اعمال راغب في توزيع 10 آلاف جنيه علي اجراء العمليات. وشددت بقولها ان اليتيم هي كلمة السر في اي تبرع، وهذا ما دفع مئات الجمعيات في التخصص للايتام لانهم ايسر في جمع التبرعات والمجهود المبذول اقل والتكلفة بسيطة مقارنة بالمعاقين. البنية الأساسية للقري وكشفت اميرة مرزوق من جمعية مشوار ان اهتمام المصريين في مجال التبرعات ينصب علي النشاط الخيري في المقام الاول وهناك عزوف عن النشاط التنموي علي الرغم انه الاولي بالاهتمام. وتضيف ان المتبرعين في رمضان ينصب اهتمامهم علي توزيع الشنط الرمضانية والمواد التموينية وكسوة العيد بجانب النقود بينما لا يجد الكثيرون ممن يقبلون علي دخول البنية التحتية للقري من مياه، كهرباء، بناء اسقف في الاماكن الاكثر احتياجا، كذلك نجد عدم اقتناعهم بأي دور تنموي في الوطن مثل مساعدة الطلاب من سد مصاريف الدراسة او تكريم متفوقين، حتي سد الديون لا يلقي قبولاً علي الرغم من انهم في نفس مرتبة المساكين والفقراء والفارمين. علي الجانب الآخر تجد المتبرعين محددين لاوجه تبرعاتهم سلفا ولا يقتنعون بأي انشطة جديدة. من جانبها، اوضحت مها الدالي رئيس مجلس ادارة جمعية صحبة الخبر ان التبرعات الرمضانية للمصريين تنصب علي المأكولات والمشروبات لانها تدخل في اطار الصدقات، بجانب التعاطف علي شراء الكسوة، ونواجهه برفض اذا افترضنا عليهم توزيع الصدقات علي تطوير شخصية الفقراء من اطفال قد يحتاجون دروس تقوية منعا لتسربهم من التعليم او شراء كراسي ومواد للمدارس، وذلك اعتقادا منهم وان اموالهم ستتوجه للمدرسين والمدارس وليس الطفل المحتاج. تجاهل الفكر التنموي من جانبه، اكد خالد عبدالمنعم محمد جمعية مصر المحروسة بلدي ان 99% من تبرعات المصريين تنصب في المجال الاجتماعي الخدمي، وتعمل علي سد الحاجات الفسيولوجية بينما لا أحد يهتم بتربية او نمو عقلية ونفسية الطفل المحتاج والاسرة الفقيرة. فالمتبرعون لا يدركون اهمية توعية الامهات او كيفية اتخاذ اجراءات وقائية للاطفال الفقراء حتي لا يتحولوا لأطفال الشوارع، فهم من اسرة فقيرة بلا دخل او عائل فيكون الدور الاهم ان نوفر له مصاريف الدراسة، وتوفير مصدر دخل للأم حتي لا تجبر طفلها علي ترك الدراسة بجانب ربطه بنوادي الطفل حتي أنمي مهارته واشبع احتياجاته وابعده عن الشارع وبذلك اكون منعت كارثة عمالة الاطفال والتسرب من التعليم. كذلك المصريون يتجاهلون مرحلة رياض الاطفال التي لا يقدر اهميتها الا المدارس الخاصة، ولكن الفقراء يفاجأ اطفالهم بالتحاقهم بالسنة الاولي الابتدائية دون اي خلفية دراسية فيتعثرون بسبب صعوبة المواد وضعف المدرسين فيلجأ الوالدان للحل الاسهل وهو خروجه مبكراً وهنا يأتي دور الجمعيات التي عليها منحه مناهج مساعدة وتوفير من يعاونه، لكن هذه الانشطة يجهلها المصريون ويتجاهلونها عن عمد لانهم حددوا تبرعاتهم في الشنط الرمضانية في المقام الاول والاخير. المشروعات الواقعية وأفاد اللواء ممدوح شعبان رئيس مجلس ادارة جمعية الاورمان ان المتبرع هو الذي يحدد اوجه تبرعاته المكان الذي يخصص له التبرع ومعظمهم يختار الصدقة الجارية بجانب الايتام علي الرغم من ان هناك مشروعات في القري، ورحلات القوافل الطبية، وبناء الاكشاك للمحتاجين وتوزيع المواشي علي الارامل، بجانب اقامة مشروعات محو الأمية. ويضيف اننا نحاول جذب المتبرعين لانشطة جديدة تنموية ونوضح لهم العائد منها، وان هذه المشروعات تمت بعد اجراء الدراسات علي الاسر بجانب المتابعة علي ادائهم ونحن كجمعية منعنا فكرة اعطاء الفقير دخلاً شهرياً ثابت كبقية الجمعيات لأنه تسول ولكن نعمل في اطار القري الاكثر احتياجا فتمد هذه القرية بمواشي ومشروعات وخلال عدة شهور يتم تدوير رأس المال من تلقاء نفسه ويتطور دخل الاسر، وبالتالي تتحول المساعدات لفكر اقتصادي وقيمة حقيقية. واكد ان المتبرعين يحتاجون تغيير توجيه اموال تبرعاتهم من النقود والموارد الغذائية الي فكر تنموي وهذا يتطلب جهداً تسويقياً مكثفاً من الجمعيات لاقناعهم بأهمية هذه التبرعات سبل انفاقها بجانب المثابرة ومنح هذه المشرعات الوقت اللازم حتي تؤدتي ثمارها علي رفع مستوي قرية بأكملها، لأن الفكر التنموي يتطلب سنوات لجني ثماره، بينما التبرعات المادية والغذائية تؤتي نتائجها في اللحظة ولكنها لا تبني الشخصية المصرية او تطورها بل تهدم القوة والارادة في العمل والبناء. علي الجانب الآخر كشف المتبرعون انهم عازفون عن النشاط التنموي لانه دور المؤسسات الكبري واجهزة الحكومة ورجال الاعمال، بجانب ان الاحاديث النبوية اعطت للمحتاجين والايتام الاهتمام، كذلك ان الهدف من التبرع هو سد احتياج فقير واشباع جوعه وافطاره وليس اهدافاً طويلة المدي وهذا ما أكده «محمد سالم» ان رمضان فرصة للتبرع ولذا فانا اعتدت علي توزيع زكاتي السنوية فيه بجانب الصدقات وانا بصفة عامة اميل لتوزيع التبرعات في الشنط الرمضانية وعلي المرضي والايتام فهم الفئة الاكثر احتياجا فلا يعقل ان نترك مسلمين صائمين جوعي ونوجه التبرعات لفئات اخري.