عقد الرئيس حسني مبارك اجتماعا موسعا أمس لمجلس الوزراء بكامل هيئته، استغرق نحو ثلاث ساعات وشهد نقاشا مكثفا حول قضايا العمل الوطني ذات الأولوية خلال المرحلتين الحالية والمقبلة. وقال السفير سليمان عواد المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية أن الاجتماع الوزاري جاء في اطار ما يوليه الرئيس محمد حسني مبارك من اهتمام بمتابعة سياسات وبرامج الحكومة، ومتابعة تنفيذ برنامجه الانتخابي وتحقيق اهدافه. وشدد الرئيس في مستهل الاجتماع علي ضرورة مواصلة تنفيذ برنامجه الانتخابي، واستكماله خلال العام المتبقي من اطاره الزمني، خاصة ما يتعلق بالخدمات العامة للمواطنين في الريف والحضر.. كما شدد علي الأهمية القصوي لألوليتي رفع معدلات النمو والتشغيل وإتاحة فرص العمل.. وتوسيع قاعدة العدل الاجتماعي.. ودعا الحكومة والوزراء للتعامل بشكل سريع وفعال مع مشكلات المواطنين.. والتواصل معهم من خلال أجهزة الإعلام لتقديم التوضيحات اللازمة للقضايا التي تشغل الرأي العام.. كما دعا الرئيس الحكومة للاستعداد لانتخابات مجلس الشعب المقبلة.. وشدد سيادته علي ضرورة اتخاذ الإجراءات الكفيلة بأن تتم هذه الانتخابات في إطار من النزاهة والشفافية، وبما يتيح للمواطنين أوسع مشاركة للإدلاء بأصواتهم. كما أعطي الرئيس عدداً من التوجيهات المحددة للحكومة.. من أجل إعطاء دفعة قوية للاستثمار والتشغيل وما يقدم للمواطنين من خدمات.. وذلك علي الوجه الآتي: 1- وضع نظام جديد وشامل لاستغلال والتصرف في أراضي الدولة.. ومراجعة كل القوانين والقرارات ذات الصلة.. وعرض تصور متكامل علي الرئيس في موعد لا يتجاوز الشهر.. وبما يكفل الحفاظ علي أراضي الدولة واحترام الملكيات العامة والخاصة للأراضي.. وتيسير إجراءات تخصيص الأراضي للأنشطة الإنتاجية والخدمية بقواعد واضحة ومعلنة.. تشجيعاً للاستثمار وتحقيقاً للشفافية.. ولقطع الطريق علي اية شبهات للتلاعب أو الانحراف. وشدد الرئيس علي ضرورة وضع قواعد موضوعية لتسعير أراضي الدولة بما يتفق مع موقعها والنشاط الاقتصادي المخصصة من أجله.. كما شدد علي عدم السماح بتغيير النشاط بعد التخصيص.. أو بترك الأراضي المخصصة دون استغلال.. مع تحديد جهة حكومية واحدة تكون مسئولة عن التخطيط العمراني لأراضي الدولة.. بما يراعي أولويات التنمية والمزايا النسبية في محافظات الدلتا والصعيد.. واحتياجات المواطنين من الخدمات المختلفة بشتي المحافظات. 2- الإسراع في تنفيذ إقامة مناطق تجارية وخدمية ومناطق للمشروعات الصغيرة والمتوسطة في المحافظات، حيث شدد الرئيس علي ضرورة الإسراع بتحديد مواقع هذه المناطق بالتنسيق مع السادة المحافظين.. وتحديد قواعد طرح هذه المناطق خلال الستة أشهر المقبلة. كما شدد سيادته علي دور المحافظين في تذليل أية معوقات.. وطلب من الحكومة تقريراً خلال شهرين بما تم اتخاذه في هذا الصدد من خطوات التنفيذ. 3- الإسراع في إنشاء التجمعات الزراعية الصناعية المتكاملة بمحافظات الوجه القبلي والبحري.. لإتاحة فرص العمل للإيدي العاملة في الريف وزيادة دخولهم.. وبحيث تشمل المرحلة الأولي استصلاح «250» ألف فدان في الصعيد والدلتا. وأعطي الرئيس توجيهاته للحكومة لسرعة تحديد الصناعات الغذائية الواعدة والمحاصيل المرتبطة بها علي مستوي المحافظات.. مع قيام المحافظين بتحديد المساحات المتوافرة لإقامة هذه التجمعات.. وقيام وزارة الري بتحديد مقننات المياه.. ومع الانتهاء من وضع نظام طرح واستغلال هذه الأراضي ومعاودة العرض علي الرئيس في غضون الشهرين. 4- إعطاء دفعة قوية للاستثمارات في مشروعات البنية الأساسية.. خاصة مشروعات المياه والصرف الصحي والطرق والكباري والتعليم والصحة. حيث أوضحت المناقشات خلال اجتماع اليوم احتياج هذه القطاعات لما لا يقل عن «58» مليار جنيه من التمويل الإضافي.. إلي جانب ما يخصص لها من الموازنة العامة للدولة.. خلال السنوات الثلاث المقبلة. وقد وجه الرئيس الحكومة لاستخدام كل وسائل التمويل المتاحة لتنفيذ هذه المشروعات.. بما في ذلك تفعيل قانون المشاركة بين القطاعين الخاص والعام في مشروعات البنية الأساسية.. بعد أن اعتمده البرلمان في دورته المنتهية. كما طالب الرئيس بأن تنتهي الحكومة خلال الشهرين القادمين من تحديد المشروعات وتكلفتها في كل القطاعات المعنية.. وتحديد أسلوب الطرح والتعاقد وفق أحكام القانون الجديد.. وتيسير وتبسيط إجراءات بدء المشروعات ومنح التراخيص.. وتحديد قواعد التسعير لتقديم هذه المشروعات لخدماتها. هذا وقد أوضحت المناقشات أن الحكومة بدأت بالفعل في دراسة وطرح عدد من المشروعات بنظام المشاركة بين الدولة والقطاع الخاص.. منها محطات للصرف الصحي في «القاهرةالجديدة» و«6 أكتوبر» و«أبورواش» و«غرب الإسكندرية».. ومشروعات للطرق «محور روض الفرج».. والمستشفيات «سموحة - المواساة». 5 - انتقل الرئيس بعد ذلك إلي مناقشة عدد من محاور سياسات وبرامج الحكومة والبرنامج الانتخابي.. مصدراً توجيهاته للسادة الوزراء كل فيما يخصه علي النحو الآتي: (أ) محور الاستثمار والتشغيل: حيث استعرض الرئيس مبارك سياسات وبرامج الحكومة ذات الصلة مع وزراء المالية التجارة والصناعة الاستثمار البترول الزراعة الري والموارد المائية، وأوضحت المناقشات توفير «3.9» مليون فرصة عمل منذ بدء تنفيذ البرنامج الانتخابي وحتي الآن، وذلك من مجموع «4.5» مليون فرصة عمل استهدف البرنامج إتاحتها في ست سنوات، وشدد الرئيس علي مضاعفة الجهد لاستكمال أهداف البرنامج علي عدد من المحاور منها توفير مصادر الطاقة اللازمة للنشاط الاقتصادي، ومضاعفة الصادرات غير البترولية في ثلاث سنوات، وتخصيص الأراضي للمناطق الصناعية ومراكز التجارة الداخلية الجديدة، فضلاً عن تخصيص الأراضي لمشروعات التصنيع الزراعي. (ب) محور الزراعة: استمع الرئيس إلي تقرير من وزير الزراعة حول برنامج استصلاح الأراضي الصحراوية، وإجراءات دعم الفلاح المصري من خلال بنك التنمية والائتمان الزراعي، وأسعار توريد المحاصيل الرئيسية بما يراعي مصالح المزارعين في مواجهة ارتفاع تكلفة مستلزمات الإنتاج. كما استمع الرئيس إلي تقرير من وزير الري حول تطوير وصيانة نظم الري القائمة في الدلتا والصعيد، ومشاكل نقص المياه في نهايات الترع ببعض المحافظات، وشدد الرئيس علي ضرورة الإسراع ببرامج التطوير والصيانة والتصدي لهذه المشكلات في ضوء زيادة مخصصات وزارات الري بالموازنة الاستثمارية لهذا العام، كما شدد علي أهمية التوسع في محطات تحلية المياه، وتطوير الري السطحي بالأراضي القديمة ورفع كفاءة استخدامات المياه في القطاعات غير الزراعية. (ج) محور الصحة والسكان: تلقي الرئيس تقريراً من وزير الصحة حول الانتهاء من إنشاء وتطوير «1826» وحدة صحية و«169» مستشفي عام ومركزي، وأعطي توجيهاته بالمضي في برنامج تطوير الوحدات الصحية الأساسية خاصة في الريف.. والتوسع في إنشاء مراكز الأورام علي مستوي الجمهورية، كما استفسر عن التحديات التي تواجه برنامج التأمين الصحي وإصدار القانون الخاص به وخطط الحكومة للتعامل معها، كما أدار الرئيس نقاشاً موسعًا مع وزيرة الأسرة والسكان حول سياسات تنظيم الأسرة وضبط النمو السكاني.. وشدد علي ضرورة تضافر الجهود لمواصلة الحملات الإعلامية للتوعية بمخاطر الزيادة السكانية غير المحسوبة، والترويج لمفهوم الأسر الصغيرة المكونة من طفلين، كما عاود الرئيس تأكيد أهمية دور الرائدات الريفيات في التوعية باستخدام وسائل تنظيم الأسرة والدور الموازي والمماثل في أهميته للجمعيات الأهلية. (د) محور التعليم: تم استعراض الانتهاء من إنشاء «2300» مدرسة جديدة منذ بداية البرنامج الانتخابي.. تضم «35 ألف فصل».. وشدد الرئيس علي ضرورة استكمال أهداف البرنامج من المدارس والفصول الجديدة، كما أولي اهتماماً خاصاً بمواصلة برامج تطوير مهارات المعلمين، وتوفير المخصصات اللازمة لتطوير التعليم قبل الجامعي والجامعي، والتركيز بوجه خاص علي التعليم الفني، ووجه الرئيس الي التوسع في تشجيع القطاعين الخاص والأهلي علي تمويل التعليم وفقاً للأطر التشريعية المستحدثة، مثل التعديل التشريعي الخاص بإنشاء الجامعات الأهلية، وقانون تنظيم المشاركة بين القطاعين العام والخاص الذي اعتمدته الدورة الأخيرة للبرلمان. (ه) محور الإسكان: قدم وزير الإسكان تقريراً عن الانتهاء من إنشاء (300) ألف وحدة سكنية للشباب منها (25 ألف وحدة) للأسر الأولي بالرعاية، ووجه الرئيس بالإسراع في استكمال أهداف البرنامج الانتخابي، كما وجه سيادته إلي الإسراع بالانتهاء من الأحوزة العمرانية الجديدة للقري والمدن المصرية.. واستفسر عن الموقف بالنسبة للائحة التنفيذية لقانون البناء الجديد خصوصاً فيما يتعلق ببعض المشكلات التي ترتبت علي تطبيق القانون في الريف.. كما استفسر عن موقف تنفيذ خطط مشروعات المياه والصرف الصحي. (و) محور النقل: تلقي الرئيس تقريراً من وزير النقل حول مشروعات تطوير السكك الحديدية، وتطوير النقل الجماعي بين المحافظات، وتطوير شبكات الطرق والكباري، واستفسر عن الموقف من الموارد اللازمة لتمويل هذه المشروعات في ضوء المخصصات المالية المرصودة لها بموازنة الدولة، ووجه لضرورة الاستفادة من الفرص التي يتيحها قانون تنظيم المشاركة بين القطاعين العام والخاص.. لتوفير التمويل الإضافي اللازم لهذه المشروعات. (ز) تطبيق قانون التأمين والمعاشات الجديد: استعرض الرئيس قانون التأمين والمعاشات الجديد، وأكد أن البدء في تطبيق بعض مواد القانون منذ أول يوليو الماضي قبل الانتهاء من هياكله وترتيباته المؤسسية قد أدي إلي رفع معاشات الفئات الأدني لنحو (7.3) مليون مواطن بنسب تصل إلي (300%). كما أكد أن ربط المعاشات بالأسعار علي نحو ما يكفله القانون الجديد قد انهي بصفة قاطعة تآكل القوي الشرائية لأرباب المعاشات نتيجة ارتفاع الأسعار. وقد شدد الرئيس علي ضرورة الإسراع في تسجيل العمالة غير المنتظمة والموسمية والزراعية حتي يتمتع المشتغلون بها بالتغطية التأمينية التي يكفلها القانون الجديد فور بدء العمل به في يناير 2012، كما طلب الرئيس من الحكومة البدء في حصر وتسجيل كل من لا معاش له حتي يتمكنوا من الانتفاع بالمعاش الأساسي منذ اليوم الأول لتطبيق القانون، هذا وقد وجه الرئيس وزير المالية للإسراع بالانتهاء من اللائحة التنفيذية للقانون، والتعجيل بإصدار البطاقات الذكية لأرباب المعاشات لتسهيل صرف معاشاتهم من خلال الجهاز المصرفي بجميع أنحاء الجمهورية، وطلب الرئيس رفع عدد حملة هذه البطاقات من (5.1) مليون إلي (5.2) مليون مواطن قبل نهاية العام الحالي. (ح) برامج مكافحة الفقر وتفعيل قانون الضمان الاجتماعي الجديد: استعرض الرئيس ما تحقق من مضاعفة الأسر المستفيدة من معاش الضمان الاجتماعي علي مدار السنوات الخمس الماضية ليصل اجمالي هذه الأسر حاليا إلي مليون ومائتي ألف أسرة وفقا لما تعهد به البرنامج الانتخابي، وقد وجه الرئيس وزيري المالية والتضامن الاجتماعي للإسراع في مضاعفة مظلة الضمان الاجتماعي مجددا لتستوعب (5.2) مليون أسرة خلال السنوات الثلاث المقبلة، خصوصاً بعد التعديل الأخير لقانون الضمان الاجتماعي الذي يتيح مرونة أكبر في معايير تحديد الأسر المستفيدة، كما أكد ما يوليه من أهمية لمشروع بطاقة الأسرة وبرنامج الاستهداف الجغرافي للقري الأكثر فقرا، وجدد تعليماته للحكومة بالانتهاء من البرنامج خلال خمس سنوات. (ط) محور اللا مركزية: شدد الرئيس مبارك علي ضرورة استمرار الحكومة في دعم اللا مركزية بتحويل بعض عناصر الموازنة العامة من المستوي المركزي إلي مستوي المحليات، واستعرض سيادته مع وزراء التنمية المحلية والمالية والشئون القانونية التعديلات المقترحة علي قانون الإدارة المحلية تحقيقا لهذا الهدف. هذا وقد أشار الرئيس إلي أنه سيدعو لاجتماعات دورية مع مجموعات وزارية مصغرة خلال المرحلة المقبلة.. لمتابعة تنفيذ تكليفاته في جميع المجالات.