مع بداية شهر رمضان ظهرت برامج علي الفضائيات تتخصص في الفضائح، وسيطرت وصلات الردح الجنسي علي المضمون فيها، وهو ما ظهر بوضوح في الحلقات الأولي لبعض البرامج في أول أيام الشهر الكريم، أبرز هذه المواجهات الحمراء كانت في برنامج «اتنين * اتنين» الذي شهد خناقة وتراشقاً جنسياً صريحاً واتهامات جارحة بين آثار الحكيم وإيناس الدغيدي ، وصل بعضها إلي حد القذف، والاتهام بالكبت الجنسي، كما ظهر واضحا في برنامج «مع نضال» الذي تقدمه «نضال الأحمدية» في قناة القاهرة والناس، حيث احتوت حلقتها الأولي التي استضافت فيها «رولا سعد» شريكتها في عداء «هيفاء وهبي» ردحاً وإيماءات جنسية ضد «هيفاء». تلك البرامج وأمثالها ظهرت فجأة هذا العام لتلفت انتباه الناس لأمور خاصة ، وأسلوب لم يعهده المواطن المصري لا سيما في شهر العبادة، الأمر الذي دفع عدداً من علماء الأزهر إلي مهاجمة تلك البرامج واعتبروها برامج مفسدة لثواب المسلم في رمضان، وطالبوا بفرض الرقابة علي مضمون تلك البرامج، بينما أعتبر بعض العلماء أن البرامج المثيرة للفضائح هي برامج شيطانية تؤدي بصاحبها إلي النار. بداية تؤكد الدكتورة سعاد صالح أستاذ الفقه بجامعة الأزهر أنه علي المسلم أن يجاهد نفسه ولا يجر لمشاهدة تلك البرامج الفجة التي تعتمد علي الإثارة وإبراز الخصومات بين اثنين، فينبغي علي كل مسلم ومسلمة الابتعاد التام عن برامج قلة الأدب والردح التي وجدناها عبر الفضائيات في رمضان هذا العام. وطالبت بضرورة عمل استفتاء شعبي يبين الرأي في عرض مثل هذه البرامج في هذه الأيام المباركة، وبضرورة تدخل وزير الإعلام لمنع مثل هذه البرامج وعدم استهداف الربح منها وحسب مؤكدة أن سمعة الإعلام المصري أصبحت في خطر نتيجة جذب الفضائيات الخاصة له بسبب الإعلانات. وتؤكد الدكتورة سعاد أن كل من يقدم برامج الإثارة التي تعرض اليوم عبر الفضائيات والمسئولين عنها سيسألون أمام الله عن كل مسلم ومسلمة قاموا بمشاهدة تلك البرامج ، لافتة إلي أن الردح الجنسي في برامج الفضائيات الذي قد يصل لحد القذف حكمه الجلد 80 جلدة لكل من قام بالحديث عن عرض أو شرف غيره في برامج الفضائيات، وتتساءل قائلة :«أين دور الرقابة علي البرامج في الإذاعة والتليفزيون ؟ ولماذا توجد لجنة رقابة علي البرامج الدينية برئاسة شيخ الأزهر بينما البرامج التي تخرب عقول الشباب نجعلها سداح مداح بلا رقابة ؟ مطالبة بأن تفعل لجنة الرقابة الدينية مرة أخري لإنهاء العبث الحاصل في البرامج الدينية ، وتنظيم رقابة مشددة علي البرامج المختلفة لمنع التجاوزات الحاصلة اليوم لا سيما في رمضان. تطاول و قذف بينما يؤكد الشيخ محمد عبد العزيز رئيس لجنة الفتوي بالجيزة أن سماع المسلم للألفاظ التي ترد في البرامج التي تخرج عن آداب الحوار إلي حد الإقحام في الحياة الخاصة وتبادل ألفاظ وسب هو أمر يؤثر في سلامة صوم المسلم ، ويصرفه عن الانشغال بعبادة الله إلي تتبع عورات الناس وهو أمر محرم شرعا. وأكد أن الإسلام لا يعرف السب ولا اللعن وأمر كل مسلم الابتعاد عن سماع السباب والفسوق واللعن، فقد قال رسول الله صلي الله عليه وسلم "ليس المؤمن بطعان ولا لعان ولا فاحش ولا بذيء" وكل ما نراه بذاءات وأمور محرمة في البرامج يدخل في باب اللعن.. بل إن التطاول الجنسي يدخل في باب القذف. وأشار الشيخ عبد العزيز إلي أن كل من يقدم تلك البرامج يعتبر مفلساً فكريا ويؤدي لفساد العقول في رمضان الذي هو شهر عبادة ، مؤكدا أنه ينبغي بدلا من تلك البرامج أن يتم التوجه لبرامج العلم والدين ، وتثقيف الناس وتوعيتهم اجتماعيا. برامج شيطانية فيما يري الدكتور أحمد كريمة أن برامج الإثارة الجنسية التي تعرض في رمضان إنما تتبع خطوات الشيطان ومصير صاحبها النار، ويوضح أن المجتمع الآن يعاني في الإعلام الرمضاني من توجهين: الأول تشدد ومغالاة من قنوات الوهابية، والثاني دعوة للانحلال غابت الوسطية والموضوعية عن المجتمع، مؤكدا أن عرض برامج علي طريقة فضح الآخر هي برامج تأخذ بمتفرجيها إلي ارتكاب ذنب سماع الفحش وتتبع عورات الناس. واعتبر كريمة أن مثل تلك البرامج التي تحتوي علي فضائح جنسية ينطبق عليها قول الله تعالي: " إِنَّ الَّذِينَ يحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيا وَالآَخِرَةِ وَاللهُ يعْلَمُ وَأَنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ * وَلَوْلاَ فَضْلُ اللهِ عَلَيكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللهَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ* يا أَيهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيطَانِ وَمَن يتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيطَانِ فَإِنَّهُ يأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَوْلاَ فَضْلُ اللهِ عَلَيكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَا مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللهَ يزَكِّي مَن يشَاءُ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ». وأضاف أنه علي ضوء هذا فإن طرح وعرض ما أمر الله بستره يعد من قبيل إشاعة الفحشاء وإعلاء المنكر في مجتمع محافظ سواء في شهر رمضان الذي تتعاظم فيه الحرمة أو في غير شهر رمضان وهذه الموضوعات مضارها كبيرة ، ويتساءل قائلا : «ما الفائدة التي تعود علي مجتمع يعيش ثلثاه تحت خط الفقر ومرافقه الحيوية تراجعت كالمياه والكهرباء، والغلاء يحوطه من كل جانب، من عرض تلك البرامج التي تحتوي علي فضائح الفنان والمشاهير؟ وهل بلغت به الرفاهية حتي لم يتبق من خفايا المجتمع إلا أمور الجنس ؟» وشدد كريمة علي أن ما يعرض في تلك البرامج هو «قول زور»، والذي قال رسول الله صلي الله عليه وسلم فيه «من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه، وأوضح أن المشاركين في مثل هذه البرامج ينطبق عليهم قاعدة المتسبب كالمباشر، بداية ممن باشر العرض وتسبب فيه وأطلع عليه وساهم فيه، فكلهم آثمون من أول من يقدم تلك البرامج وحتي القائم بالبث، مطالبا بضرورة محاكمة القائمين علي عرض تلك البرامج والإنفاق عليها لأنهم قاموا بتبديد المال والوقت وإثارة الفتن، وأكد أن تلك البرامج الجنسية مليئة بالخلاعة اللفظية وقلة الأدب التي بحاجة إلي شرطة آداب، لافتا إلي أن مشاهدة تلك البرامج تفسد علي المسلم ثواب الصيام لأن المسلم مطالب بغض البصر في الصيام وغيره وإذا لم يفسد الصيام كشعيرة من الناحية الظاهرية بطبيعة الحال فالثواب قد يمحق ويمحي بالكلية، لأن المشاهدة هنا ينطبق عليها تحذير النبي صلي الله عليه وسلم: «رب صائم ليس له من صيامه إلا الجوع والعطش».