عقد الرئيس حسني مبارك بمقر رئاسة الجمهورية أمس جلسة مباحثات ثنائية مع الرئيس التركي عبدالله جول تناولت العلاقات الثنائية بين مصر وتركيا وسبل دعمها في جميع المجالات السياسية والاقتصادية والاستثمارية. واستعرض الرئيسان القضايا الدولية والإقليمية ذات الاهتمام المشترك، وبحثا آخر تطورات عملية السلام في الشرق الاوسط والجهود المبذولة لاحيائها، ونتائج المفاوضات غير المباشرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين التي تجري برعاية أمريكية، وكيفية الانتقال إلي المفاوضات المباشرة. وصرح السفير سليمان عواد المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية بأن الرئيس مبارك قد اجري مباحثات مهمة مع اخيه الرئيس التركي عبدالله جول استمرت لأكثر من ساعتين، وذلك عقب استضافة الرئيس مبارك للرئيس جول صباح اليوم لحضور حفل تخريج دفعة جديدة من الكلية الحربية الذي يعد ختام المسك في تخريج شباب الكليات العسكرية، مشيرًا إلي أن حضور الرئيس التركي لهذا الاحتفال يعد دليلا واضحا علي رسوخ العلاقات المصرية التركية، حيث انه لم يسبق أن استضاف الرئيس مبارك أحدا من الرؤساء في هذا الحفل سوي الأخ العقيد معمر القذافي قائد الثورة الليبية والرئيس السوداني عمر البشير . واكد السفير عواد ان الرئيس مبارك يكن كل التقدير للرئيس جول وتربطهما علاقات صداقة منذ أن كان جول رئيسا للوزراء ثم وزيرًا للخارجية ثم رئيسا للدولة.. كما أكد أن مغزي زيارة جول لمصر في هذا التوقيت يعد رسالة واضحة علي ان العلاقات التركية المصرية علاقة تكامل وليس تنافسًا في الأدوار سواء علي الصعيد السياسي أو الاقتصادي، كما أنها تنفي ما رددته التقارير الدولية من أن هناك تنافسًا في الادوار بين مصر وتركيا في منطقة الشرق الاوسط بشكل عام أو فيما يتعلق بجهود حل القضية الفلسطينية بشكل خاص. وأضاف عواد أن الرئيس عبدالله جول أعرب للرئيس مبارك عن تقديره وتقدير تركيا لدور مصر الأساسي فيما يتعلق بالموضوعات الإقليمية بصفة عامة وفيما يتعلق بالقضية الفلسطينية بصفة خاصة. وذكر جول أن مصر تحتل موقع الصدارة في المنطقة، وأن العلاقات القائمة بين البلدين تجعل من الدور التركي مكملاً للدور المصري في تناول هذه الموضوعات الإقليمية أو في القضية الفلسطينية. وقال: إن الرئيس مبارك أكد أن مصر ترحب بالدور التركي أو بدور أي طرف إقليمي يمكن أن يسهم إيجابيًا في تحقيق أمن وسلام واستقرار الشرق الأوسط. وفيما يتعلق بالعلاقات الثنائية بين مصر وتركيا أوضح عواد أن المباحثات تناولت الترحيب بالتنامي المتزايد في حجم التبادل التجاري بين البلدين، الذي حقق حتي الآن ملياري دولار سنويًا، وعن إعادة التأكيد علي تحقيق الهدف المعلن بزيادة هذا التبادل إلي 5 مليارات دولار بحلول عام 2012، مشيرًا إلي أن حجم الاستثمارات التركية في مصر تجاوز مليارًا ومائتي مليون دولار. وقال السفير سليمان عواد: إن الرئيسين مبارك وجول أكدا التزامهما باستكمال المنطقة الصناعية التركية في مدينة السادس من أكتوبر، كما اتفق الرئيس علي الإعلان قريبًا عن قيام مجلس التعاون الاستراتيجي بين مصر وتركيا برئاسة رئيسي وزراء البلدين، كما اتفقا علي أن يتم التوقيع قريبا علي مذكرة تفاهم لتسهيل تبادل التأشيرات بين مصر وتركيا خاصة بالنسبة للمستثمرين ورجال الاعمال وكذلك الاتفاق علي اعلان عام 2011 عاما لمصر في تركيا. وردًا علي سؤال حول رؤية مصر للتحالف الاستراتيجي الجديد بين تركيا وسوريا ولبنان والأردن قال السفير سليمان عواد: لا يجب وصف هذابالتحالف ولكنني استخدم نفس التعبير الذي استخدمته الاطراف المعنية ذات الصلة حيث أنشأوا مجالس تعاون استراتيجي مثل المجلس الذي اتفق الرئيسان مبارك وجول علي المضي في إجراءات توقيعه قريبا.. وقال السفير عواد إن أي تقارب تركي مع دول عربية شقيقه هو مكسب للجميع. وأكد عواد ان مصر لا تبحث عن أي دور اقليمي فهي لها دورها الاقليمي الثابت بحكم اعتبارات التاريخ والجغرافيا تمسك بخيوط الملفات الاقليمية خاصة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية وأي دور سواء من تركيا أو من أي جانب اقليمي أو عربي آخر يمكن ان يسهم في دعم الاهداف المصرية وخدمة لقضايا الامة العربية سيكون مرحبا به من جانب مصر.. وشدد عواد علي أن مصر لا تبحث عن دور إقليمي بل تمارس دورها الإقليمي دون أجندة خفية في إطار ومفهوم روح التكامل وليس التنافس. وردًا علي سؤال عما إذا كانت مصر توافق علي دور تركي في ملف المصالحة الفلسطينية قال المتحدث باسم رئاسة الجمهورية: إن الدور التركي مكمل للدور المصري حيث أكد الرئيس التركي ورئيس وزرائه ووزير خارجيته علي هذا وآخرها اليوم وقال: إن الدور التركي يسعي للتكامل مع الدور المصري الرئيسي ويسعي إلي دعمه سواء فيما يتعلق بمفاوضات السلام أو فيما يتصل بملف المصالحة الفلسطينية، فموقف مصر واضح وثابت لا رجوع فيه.. وفيما يتعلق بورقة المصالحة الفلسطينية نشرح للجميع بمن فيهم الجانب التركي بأن هذه الورقة تعكس بأمانة مشاورات مطولة بدأت في مارس عام 2009 وانتهت في اكتوبر من نفس العام واعترفت الفصائل الفلسطيينية بما فيها حماس انها تعكس بأمانة ما انتهت اليه خمس لجان فرعية تواصلت اعمالها خلال هذه الفترة ولا مجال الآن لفتح هذه الورقة بتعديلها هنا أو هناك لأن ذلك سوف يستدعي طلبات اخري بتعديلات اخري اضافية من جانب باقي الفصائل. وأشار عواد إلي أن الجانب التركي يتفهم التأثير المباشر للقضية الفلسطينية بوجه عام والوضع في غزة بوجه خاص لاعتبارات الامن القومي المصري مثلما تتفهم مصر التأثير المباشر للوضع في جنوب تركيا وشمال العراق نتيجة عمليات حزب العمال الكردستاني علي الأمن القومي التركي. وردا علي سؤال عما اذا كان الرئيسان بحثًا التوتر بين حزب العمال الكردستاني وتركيا قال عواد: ان الرئيس مبارك استمع إلي الرئيس التركي عبدالله جول ومن الطبيعي ان يكون هذا الموضوع علي اجندة المشاورات لانه موضوع ذو اهمية خاصة للجانب التركي ..واشار عواد إلي أن موقف مصر هو دعوة حل القضية الكردية علي نحو يلتزم بالحوار وادانة أي اعمال للتخريب يقوم بها حزب العمال الكردستاني أو أي أعمال تخريبية تقوم بها أي منظمة إرهابية في أي مكان في العالم.. وقال: إن مصر لها موقف ثابت هو دعم انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي. وردًا علي سؤال حول تطرق المباحثات إلي تنسيق مصري تركي بشأن التحرك علي الساحة الدولية لملاحقة المسئولين الإسرائيليين عن الاعتداء علي أسطول الحرية، قال السفير سليمان عواد: إن هذا الموضوع كان في بؤرة الحديث عن القضية الفلسطينية والوضع في غزة، فالرئيسان مبارك وجول يدينان ما حدث لأسطول الحرية، مشيرًا إلي أن مصر وتركيا والمجموعة العربية يسعون حاليًا سعيًا حثيثًا في نيويورك لتنفيذ ما تضمنه البيان الرئاسي الصادر عن مجلس الأمن حول هذه الاعتداءات الإسرائيلية علي اسطول الحرية، خاصة فيما يتصل بتشكيل لجنة تحقيق دولية محايدة .. وأضاف: إن مصر والمجموعة العربية وتركيا وماليزيا يسعون مع السكرتير العام للأمم المتحدة للإسراع. وردًا علي سؤال حول تأثير الهجوم علي اسطول الحرية علي الدور التركي في عملية السلام بالشرق الاوسط، قال عواد: إن السعي لعملية السلام يستلزم ان يكون هناك مناخ مواتٍ لبدء هذا الطرف أو ذاك اية جهود لها مصداقية ونتائج، بدليل أن علاقات مصر بإسرائيل هي التي أنهت أزمة سفينة الأمل الليبية التي حملت مساعدات انسانية إلي غزة بتوجيهها إلي ميناء العريش، وإدخال حمولتها عبر منفذي رفح وكرم ابو سالم، وقد كانت مصر قد عرضت علي اسطول الحرية نفس المخرج، مشيرا إلي انه اذا امكن لتركيا ان تواصل دورها فيما يتعلق بقضايا الشرق الاوسط، فإن توتر علاقاتها مع اسرائيل لا يساعد علي ذلك، والجانب التركي هو أول من يتفهم ذلك . وأضاف عواد: أن الجانبين الإسرائيلي والتركي يسعيان إلي احتواء التوتر الحالي في علاقاتهما بطرق عديدة. وقال عواد: إن مصر لا تبحث عن دور اقليمي، لأن هذا الدور مكفول لها ومنذ سنوات عديدة، وهناك اعتراف من الجانب الفلسطيني، بما في ذلك السلطة والفصائل بمحورية هذا الدور، اضافة إلي الاعتراف الدولي بمحورية هذا الدور الرئيسي لمصر، ونحن نرحب بأي دور سواء من تركيا أو غيرها أو لأي طرف عربي أو اقليمي أو دولي يمكن أن يحقق أهداف الدور المصري، من أجل تحقيق السلام والاستقرار في الشرق الأوسط. وحول ما يبدو من تناقض في بعض المواقف التركية ازاء اسرائيل، خاصة بعد الاعتداءات الإسرائيلية علي اسطول الحرية، قال السفير سليمان عواد: إن هذه هي سمة العلاقات الدولية التي تمر احيانا بفترات من التوتر، ثم تعود إلي طبيعتها مرة أخري. وردًا علي سؤال عن مدي تأثير الاعتداء علي اسطول الحرية علي الوساطة التركية في مسار السلام السوري الإسرائيلي، قال عواد: إن الدور التركي علي هذا المسار كان ايجابيا للغاية، مشيرًا إلي أن الرئيس السوري بشار الأسد خلال جولته الاخيرة بأمريكا اللاتينية أكد أن هذا التوتر الحادث في العلاقات التركية الإسرائيلية أصبح لا يوفر الأجواء المواتية لاضطلاع تركيا بهذا الدور للوساطة في أي محادثات للسلام، ثم عاد ليقول: إن المسار السوري الإسرائيلي بأي حال ليس مطروحًا الآن أو في المستقبل المنظور. وردًا علي سؤال حول صحة التقارير التي تتناول صحة الرئيس بالتزامن مع النشاط المكثف للرئيس مبارك خلال الفترة الماضية قال المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية: إن نشاط الرئيس مبارك هو خير رد علي هذه التقارير التي تثور من هنا أو هناك.. فهذه التقارير من اسرائيل ومن دوائر امريكية مؤكدا ان حجم الرئيس مبارك ومصر يجعل من هذه التقارير تنتقل من مكان لآخر..فمؤسسة الرئاسة لا تعتزم ان تتصدي بنفي هذا الخبر أو ذاك ..واشار عواد إلي انه اطلع علي التقرير المنشور في جريدة الواشنطن تايمز والسؤال لأي مدقق ما مصادر الخبر مشيرا إلي أن هذا الكلام مرفوض ولسنا ملزمين بالتصدي له والرد عليه. وأشار إلي أن الرد العملي علي هذه التقارير هو العمل الدءوب للرئيس مبارك والانشطة المكثفة إلي يقوم بها فهي خير رد.. مؤكدًا أن العاملين في مؤسسة الرئاسة وباقي الوزارات يلهثون وراءه ليواكبوا سرعة حركته لان الرئيس لا يكل من العمل وذلك من منطلق حرصه علي متابعة جميع التقارير اليومية التي يتلقاها والاتصالات إلي يتلقاها ويجريها مع كل من يعمل بالعمل السياسي في مصر. وأشار عواد إلي أن مؤسسة الرئاسة تحرت الشفافية الكاملة عندما توجه الرئيس مبارك لإزالة الحوصلة المرارية في هايدلبرج بألمانيا فكانت تصدر تصريحات دورية من مصدر طبي هو رئيس الفريق المعالج للرئيس مبارك ..هذه الشفافية والمصداقية لسنا مستعدين ان نحاول الدفاع عنها مرة اخري لان صحيفة السفير اللبنانية ذكرت ان الرئيس مبارك سيتوجه لالمانيا فتلقف العديد من الوكالات هذا الخير المجهل عن أي مصدر ورددته.. وقال عواد: إن شخصية بحجم الرئيس مبارك عندما قامت بزيارة لفرنسا لكي تلتقي الرئيس الفرنسي ساركوزي ما كان يمكن أبدًا أن تتوجه لهذا المستشفي أو ذاك دون أن يتم الاعلان عن ذلك فالرئيس مبارك ومؤسسة الرئاسة حريصان علي التزام الشفافية والمصداقية وقال عواد: إن الرئيس مبارك يعمل عملا أرجو أن يقوم به غيره من الزعماء وأن يلتزم به حجمًا وقيمة المشتغلون في العمل العام في مصر.