تمتاز امتحانات الثانوية العامة التي بدأت أمس بأنها الأهدأ منذ سنوات بعيدة، وتحديداً منذ تقسيم الثانوية إلي امتحانين في الصفين الثاني والثالث الثانوي، حيث تحولت المرحلة الفاصلة بين التعليم العام والجامعي إلي كارثة في كل بيت. عدة أسباب تجعل الاهتمام يخفت قليلا هذا العام، منها أن من يؤدون امتحان الصف الثالث معظمهم يعيدون الامتحان من العام الماضي بسبب سنة الفراغ، ولا تزيد أعدادهم علي ثلاثين ألفا، ومنها أيضا أن وزير التعليم الدكتور أحمد زكي بدر توقف عن الحديث عن الثانوية منذ شهر، وطلب من العاملين بالوزارة التوقف أيضا عن الحديث باعتباره امتحاناً مثل أي امتحان آخر. والسبب الثالث المهم أن امتحانات هذا العام تأتي متزامنة مع مباريات كأس العالم، وهي أبرز حدث في العالم الآن، وقد فرض نفسه علي مصر، حتي إن الطلاب يقسمون وقتهم بين الدروس الخصوصية والمذاكرة ومشاهدة مباريات كأس العالم، وإن كانوا قد ضحوا بالاستوديوهات التحليلية. بالنسبة لي هذه هي المرة الثانية التي أخوض فيها امتحان الثانوية العامة، الأولي عام 1980 حينما كنت تلميذا في مدرسة المحلة الكبري الثانوية بنين، وها أنا أعيد التجربة بعد ثلاثين عاما لكن هذه المرة مع ابني في الصف الثاني الثانوي. والفرق بين المرتين أنني في الأولي احتجت إلي درس خصوصي في مادة واحدة هي اللغة الإنجليزية من أجل الحصول علي مجموع كبير يؤهلني للالتحاق بإحدي كليات القمة، بينما ابني يأخذ دروسا في كل المواد حتي التربية الدينية، وهو ليس استثناء، وإنما جزء من حالة عامة جعلت الدروس الخصوصية أمرا لازما في هذا الامتحان المعجزة. ومنذ بدء العام الدراسي حتي الآن وأنا أدفع يوميا نقدا للسادة المدرسين في المواد كافة، نظير الدروس الخصوصية، وسأظل في هذه الحالة حتي نهاية يونيو من عام 2011حتي ينهي ابني امتحان السنة الثالثة. وبينما أتمني له النجاح، وأضع يدي في جيبي كل يوم، لفتح بيوت السادة المدرسين الخصوصيين، أدعو الله من كل قلبي أن يجعلها آخر الامتحانات، وأن تكون وزارة التعليم قد وجدت حلا لوحش الدروس الخصوصية حينما يلتحق باقي أبنائي بالثانوية العامة.. لأنه ليس معقولا أو مقبولا، أن أعمل أنا وكل الناس لصالح السادة المدرسين فقط.