ستون عاما تمر اليوم علي صدور البيان الثلاثي، الذي وقعته الولاياتالمتحدةالأمريكية وإنجلترا وفرنسا، في الخامس والعشرين من مايو سنة 1950، ويتعهد بضمان حدود إسرائيل والحفاظ علي أمنها، وإذا وضع في الاعتبار أن الاتحاد السوفيتي، القوة الدولية الكبري والمناوئة لهذا الاتجاه الثلاثي، كان بدوره من المؤيدين لوجود إسرائيل والحفاظ علي أمنها، فإن الصورة النهائية تبدو بالغة الوضوح، وعنوانها في إيجاز أن إسرائيل ولدت لتبقي، وأن العرب مطالبون بالانحياز العقلاني والموضوعي لأبناء الشعب الفلسطيني، بغية الحصول علي مكاسب تنتشله من هاوية ضياع الهوية، والمزيد من التشتت والهوان. منذ ذلك التاريخ البعيد نسبيا، خاضت مصر حربين ضد إسرائيل، في عامي 1967 و1973، وثمة حرب ثالثة في العام 1956 لم تقتصر علي إسرائيل وحدها، أما عن الأمة العربية التي لا يغلب وحدتها غلاب، فقد أبلت البلاء الحسن في التنديد بكل ما تفعله مصر، سلما وحربا، وفي الدعم البلاغي والإنشائي منقطع النظير للقضية الفلسطينية، وصولا إلي المرحلة التعيسة التي نعيشها الآن، حيث يمثل التصالح بين الفصائل الفلسطينية المتناحرة حلما بعيد المنال، وليس مستبعدا أن تتحول هذه المصالحة - إذا تمت - إلي عيد قومي عربي، يحصل فيه الموظفون علي إجازة جديدة تضاف إلي ما يحصلون عليه في أعياد الوحدة والكرامة والصمود!. يؤكد السيد خالد مشعل في حديث صحفي أخير، أن الاعتراف بإسرائيل ليس واردا أو مطروحا، وأن استمرار المقاومة هو البديل الوحيد، لاشك أن ما يقوله نضال مجاني لا يعني شيئا، فلا وجود للمقاومة التي يتشبث بها، وحماس حريصة علي التهدئة دون تفكير في المواجهة العسكرية، والمستقبل بلا ملامح، والأوضاع تزداد تعقيدا وغموضا، وإسرائيل وحدها من تستفيد من حالة الجمود التي لا تشهد حراكا أو تقدما. إلي أين يقودنا هؤلاء الأشاوس الذين يدمنون الكلام الملون؟ وما التصور المتكامل الذي يقدمونه حتي يتخلص الشعب الفلسطيني من الغربة التي طالت، والمعاناة التي تتفاقم، والغد الغائم الذي يبدو بلا ملامح؟!. هذا ولا يهتم به مشعل ومن يهللون له!.