تكليف جديد من وزير التعليم بشأن مدارس المطرية بالقاهرة    القوات المسلحة تنظم زيارة لعدد من الملحقين العسكريين لإحدى القواعد الجوية    جامعة بنها تفتتح المؤتمر السنوي الثالث للدراسات العليا للعلوم الإنسانية    الأكاديمية الطبية العسكرية تنظم المؤتمر السنوى للطب النفسى للقوات المسلحة    جامعة بني سويف: فوز كلية الإعلام بالمركز الثالث مكرر في مسابقة "العهد2"    مدبولي لأعضاء منظومة الشكاوى: يجب إبلاغي بالجهة التي تقاعست في الرد لاتخاذ إجراءات ضدها    الأكاديمية العسكرية تنظم المؤتمر السنوي للطب النفسي    حقيقة زيادة مرتبات أكتوبر، مصدر بالمالية يحسم الجدل    حبس سائق بتهمة دهس شاب أثناء عبوره الطريق في الساحل    أكثر من 27 مليون جنيه.. حصيلة مزاد بيع وإيجار مساحات للإصلاح الزراعي في 6 محافظات    بحضور وزير البترول.. مصطفى مدبولي يعقد مؤتمرًا صحفيًا اليوم    إطلاق المرحلة الأولى من مبادرة "التشجير وفصل المخلفات وإعادة التدوير بالمدارس"    ننشر أنشطة وفعاليات مبادرة "بداية" بالوادي الجديد    204 شهداء ومصابين، جيش الاحتلال يرتكب 6 مجازر جديدة في غزة    لقاء مهم بين وزيرا خارجية السعودية وأمريكا    أقوى الحلفاء.. حملة ترامب تتهم حزب العمال البريطاني بالتدخل في الانتخابات الرئاسية الأمريكية    الصحة العالمية: نطالب بحل سلمي للنزاع والحرب في الأراضي الفلسطينية المحتلة ولبنان    رودريجو خارج كلاسيكو الريال ضد برشلونة في الدوري الإسباني    سول تهدد بإرسال أسلحة إلى أوكرانيا ردا على دعم كوريا الشمالية لروسيا    بعد تجديد حبس ثلاثي الفريق، فرمان للاعبي الزمالك بشأن مباراة الأهلي    أول سابقة بين أبناء الأهلي.. الكفراوي ونور يطعنان على العامري في انتخابات السباحة    طارق السيد: فتوح أصبح أكثر التزامًا واستفاد من الدرس القاسي.. وبنتايك في تطور واضح مع الزمالك    القوات المسلحة تعلن عن فعاليات تنظيم بطولة مصر الدولية للفروسية    الطبطة مبقتش تنفع.. رسالة قوية من شوبير بعد أزمة ثلاثي الزمالك بالإمارات    تجديد حبس عاطل بتهمة قتل سائق توك توك في عين شمس    معلومات الوزراء ينشر توقعات درجات الحرارة اليوم (إنفوجراف)    الأمن يكشف ملابسات فيديو إطلاق أعيرة نارية تجاه منزل عامل بالشرقية    محافظ كفر الشيخ: تحرير 19 محضراً لمخالفات تموينية بدسوق    السيطرة على حريق شب في مصنع للملابس بالقليوبية    تبدأ من 30 أكتوبر.. الداخلية تعلن مواعيد وشروط التقديم لحج القرعة 2025    التحقيق مع تشكيل عصابي في سرقة الهواتف المحمولة في أبو النمرس    ندوة مبتكرة بجامعة بنها الأهلية تستشرف مستقبل التعليم والابتكار "Tech-Wave"    أسرار العين الواحدة يكشفها هاني عادل مع عمرو الليثي| الأحد المقبل    "قوتنا الناعمة".. اليوم ذكرى ميلاد عمدة الدراما المصرية صلاح السعدني    لأول مرة.. هاني عادل يفتح قلبه لبرنامج واحد من الناس على قناة الحياة    مهرجان VS-FILM للأفلام القصيرة جدا يكرم الفنانة درة    «التدخل السريع» ينقل سيدة وأطفالها تفترش الشارع أسفل كوبري أكتوبر    تعرف على "مفاجآت" حفل علي الحجار بمهرجان الموسيقى العربية    لماذا العمل والعبادة طالما أن دخول الجنة برحمة الله؟.. هكذا رد أمين الفتوى    منها انشقاق القمر.. على جمعة يرصد 3 شواهد من محبة الكائنات لسيدنا النبي    كم مدة الغفوة التي لا تنقض الوضوء؟.. اعرف الأحكام والحالات التى لا تلزمك إعادته    من توجيهات لغة الكتابة.. الجملة الاعتراضية    صحة المنيا: فحص وعلاج 1168 مواطنًا خلال قافلة طبية في سمالوط    وزير الصحة: تطعيم الأطفال الفلسطينيين الموجودين في مصر ضد التيتانوس والدفتيريا    غدا.. "تمريض بني سويف" تحتفل باليوم العالمي لشلل الأطفال    فريق طبي بمستشفى القلب بجامعة أسيوط ينقذ حياة فتاة من جلطة حادة    وزير الخارجية الأمريكي يصل الرياض    لوفتهانزا تمدد تعليق الرحلات إلى بيروت وطهران حتى أوائل 2025    بعد صعودها 1.5%.. التوترات السياسية تجبر أسعار النفط على التراجع    بعد مقترح النائب محمد أبو العينين| خبير: خطوة نحو ربط التعليم بسوق العمل    "وقولوا للناس حسنا".. الأوقاف تحدد موضوع خطبة الجمعة عن القول الحسن    تداول 19 ألف طن بضائع عامة ومتنوعة و550 شاحنة بموانئ البحر الأحمر    عمرك ما ترى حقد من «الحوت» أو خذلان من «الجوزاء».. تعرف على مستحيلات الأبراج    نشرة المرأة والمنوعات.. فواكه تخلصك من رائحة الفم الكريهة.. سعر فستان هنا الزاهد في إسبانيا    قرار قضائي جديد بشأن المتهمين بتهشيم جمجمة سائق في حلوان    موعد مباراة أتلتيكو مدريد ضد ليل في دوري أبطال أوروبا والقنوات الناقلة    مدرب أرسنال يصدم جماهيره قبل مواجهة ليفربول بسبب كالافيوري    ملخص أهداف مباراة ريال مدريد ضد بروسيا دورتموند في دوري أبطال أوروبا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المتاجرون بالحسبة الدينية
نشر في روزاليوسف اليومية يوم 12 - 05 - 2010

الدين هو ذلك النص الديني المقدس الذي يشكل العقيدة الدينية.
وهذه العقيدة واعتمادًا علي ذلك النص تشكل منهاجًا حياتيًا يحدد لصاحب العقيدة كيف يعيش حياته.
في إطار ذلك المنهج وعلي هديه يسعي إلي تلك الحياة الآخرة ما بعد الموت. وهذا السعي يتراكم ويتم من خلال العبادات والمعاملات التي يقوم بها ويمارسها الفرد. أو ما يسمي الإيمان والأعمال.
هذا هو الدين أو العقيدة، ولكن التدين أو الفكر الديني هو تلك الممارسات والأفكار الإنسانية التي يتم استخلاصها من النص الديني وعن طريق تفسير هذا النص. ذلك التفسير الذي لا ينفصل عن فكر الإنسان سواء كان فردًا أو جماعة أو طائفة.
ولذا يتأثر هذا التفسير بظروف المكان والزمان والأحداث المتغيرة والرؤية الذاتية مما جعل هناك تعددًا وتباينًا أحيانًا لتلك الجماعات ولهذه الطوائف علي مر التاريخ الديني ولكل الأديان.
وهنا لابد أن نفرق بين الدين وهو النص والعقيدة الدينية وبين التدين والفكر الديني الذي يتأثر بمدخلات كثيرة مع النص الديني.
والتدين في مصر بشكل عام هو ميراث تاريخي طويل بدأ قبل نزول الأديان السماوية. وعرف مع الديانات المصرية القديمة والتي كانت تعتمد علي عقيدة التوحيد.
تلك العقيدة التي هي النواة الأولي والهدف الأساسي لكل الأديان عامة.
وعلي ذلك نجد أن المسيحية قد انتشرت في مصر اعتمادًا واستغلالاً لكثير من الممارسات الدينية المصرية القديمة. مثل فكرة الكهنوت المصري القديم والمعبد الفرعوني. ومفتاح الحياة الذي أصبح بعد ذلك صليبا ناهيك عن تمرير عقيدة التثليث من خلال الثالوث المصري القديم. لذا قد شكل هذا الميراث التاريخي التديني في مصر بنية أساسية للفكر الديني المصري تميز بالوسطية سواء مع المسيحية في ممارساتها المصرية غير تلك الممارسات الغريبة. أو مع الإسلام المصري الوسطي أيضًا.
ولكن قد كان أيضًا مع ذلك الموروث تلك الأشكال التدينية التي ورثناها وتأثرنا بها وهي هنا تلك الممارسات الشكلية والتي نطلق عليها حالة التدين الشكلي والتي تهتم بالشكل الديني والممارسة اليومية الدينية الشكلية والتي لا علاقة لها بالإيمان الحقيقي للدين والذي يفعل النص الديني قلبًا وقالبًا في الحياة اليومية للمتدين.
مثلاً نجد حالة الشكل الديني والتدين الشكلي ظاهرة تسيطر علي كل المتدينين من جميع الأديان حيث تهتم بالشكل الذي يظهر اسم الدين الذي يعتقده المتدين بل أصبح الجميع يغالي ويزايد في هذا التدين الشكلي.
وفي ذات الوقت نجد أن الأفعال الحياتية واليومية لهذا المتدين المحافظ علي الشكل تنتج فسادًا لا حدود له وشرورًا لا نهاية لها ولا علاقة لها لا بالنص الديني ولا بالمقاصد العليا لأي دين مما أحدث تناقضًا ظاهرًا ومسيطرًا علي الحياة المصرية فنجد الجميع يتسابق للتواجد في أماكن العبادة ويؤدي الصلاة وكل الالتزامات الدينية التي تقع في إطار العبادات بل تزايد في هذا الإطار.
ومع ذلك لا يفرز هذا في إطار المعاملات ما يجب أن يكون في إطار القيم من الأمانة والإخلاص في العمل وفي إعلاء قيم الحب والتسامح وقبول الآخر.
ومن المعروف في فلسفة الأديان أن الهدف من باب العبادات والالتزام بها ليس الشكل ولكن مضمون تلك العبادات التي تسعي وتؤسس وتؤكد ذلك الإيمان الحقيقي والصحيح الذي ينتج أفعالاً وأعمالاً تتسق وتتطابق كل التطابق مع ذلك الإيمان.
ولكن من الواضح أن المصريين والآن أكثر قد استمرأوا واستحسنوا واستسهلوا ذلك الشكل من التدين وبعدوا عن الأعمال التي يجب أن تكون «إيمان بدون أعمال إيمان ميت»، «الإيمان ما وقر في القلب وصدقه العمل».
ونتيجة لتلك الحالة المتسمة بالازدواجية نجد الجميع يستغل بل يتاجر بهذه العاطفة الدينية والتي يمكن إثارتها بل السيطرة عليها من خلال ما يثير أو يحفز وكله باسم الدين.
ولأن التدين شكل بعيد عن المضمون لذا يصبح الشكل أسهل من المضمون. فنجد الآن الكل يتسابق علي تلك المتاجرة زاعمًا أنه المدافع الأول عن الدين والفاهم الوحيد لصحيحه والمضحي بحياته في مواجهة الآخر الديني أو الذين يحملون الدين اسمًا ويسيئون إليه فعلاً.
وقد نصبوا أنفسهم حراسًا للدين وحماة للعقيدة وكله للاسترزاق والأهم للظهور الإعلامي والأخطر لتمرير أچندات أجنبية تسعي لاستغلال تلك الحالة التدينية وتلك المتاجرة البغيضة علي أرضية العاطفة الدينية المتأججة.
من يتاجر بتلك العاطفة استغلالاً لمكسب سياسي أو برلماني أو انتخابي.. ومن يتاجر بزعم الدفاع عن الدين ضد من يزورونه.
ومن يزعم الدفاع عن القيم الأخلاقية وباسم الدين، ولماذا لا يتم ذلك والمناخ العام مشحون بالطائفية ضد الآخر الديني؟
وحالة التدين الشكلي مسيطرة والعاطفة الدينية مستبدة علي قلوب البشر وعقولهم. والإعلام بكل وسائله فقد الحصول علي قضايا حياتية مهمة تتهم جموع المصريين فلا مشاكل اقتصادية ولا سياسية ولا اجتماعية. ولا قضايا داخلية أو خارجية عويصة. فلذلك لم يجد سوي الاهتمام بهؤلاء المرضي بالظهور الإعلامي وبتأدية دورهم المرسوم لهم.
من هنا أو هناك بهدف تشتيت الأفكار وهدم العزائم وقسمة الوطن وتكريس الطائفية مسايرة لذلك المخطط الذي يتم تنفيذه الآن في المنطقة بهمة وعزيمة لا تلين.
فالقضية ضد ألف ليلة وليلة أهم مليون مرة من مشكلة مياه النيل. طبعًا لأن ألف ليلة وليلة ستجعل المصريين بغاة ومنحرفين وكأن ألف ليلة هذه وجدت اليوم بل الآن.
ولا مانع من حماية المجتمع المتدين إسلاميًا ومسيحيًا من المصيبة التي وقعت علي رأسه عندما عرض فيلم واحد صفر. وكيف يستقيم الوطن ويستقر إذا لم يدخل المسيحي جامعة الأزهر.
والأمثلة كثيرة من هنا وهنا لهؤلاء المرضي بالإعلام والذين يخترعون تلك القضايا التافهة والفارغة من أجل تواجدهم وتأدية أدوارهم وهم لا علاقة لهم بالدين الصحيح أو الإيمان الحقيقي. ولا هم لهم سوي مصلحتهم ولا علاقة لهم بمصلحة الوطن.
فهل من مصلحة الوطن كبت الإبداع والرقابة علي الفكر وتجميده؟ وهل يواجه الفكر بغير الفكر إذا كان هؤلاء يملكون فكرًا أصلاً؟ وهل يتذكر أحد كيف كان الفكر في مصر في أوائل القرن العشرين عندما كان يصدر كتاب يقول لماذا أنا ملحد فيقابله كتاب آخر يقول لماذا أنا مؤمن؟
وهل يتذكر ويعي هؤلاء القيم التي أرسيت من خلال معركة كتاب الشعر الجاهلي لطه حسين وكتاب الإسلام وأصول الحكم لعلي عبدالرازق؟
وهل يتصور المتاجرون أن صاحب العقيدة المختلف لابد له من الإيمان بعقيدتك؟ وإذا عبر عن هذا الاختلاف فهل هذا يكون ازدراءً أم أنكم قد أصبحتم لا تملكون دورًا سوي هذا الدور المهيمن؟
وما علاقة الدفاع عن حقوق الإنسان من خلال تلك الدكاكين الحقوقية التي تمول من منظمات حقوقية خارجية وبين هذا الدور الذي لا يهدف سوي لكبت حرية الإنسان وحرية التعبير؟
وهل سنجد في قابل الأيام دعاوي ضد تلك القنوات الدينية الإسلامية والمسيحية التي تتبادل قمة الإساءة للأديان وازدرائها؟
الأديان أكبر من كل البشر، والأديان هي من عند الله ويحميها الله والبشر مهمته أن يكن متدينًا حقيقيًا وأن تكون أفعاله مطابقة لإيمانه.
والأديان أرفع وأعظم من أن يتاجر بها أحد، فهل يمكن أن نجد حلاً في مواجهة تلك البدعة التي أنتجت تجار الحسبة هؤلاء.
والأهم الدين هو العقل والفكر والحرية والإبداع ومن يؤمن بغير ذلك فلا علاقة له بالدين. وهناك فرق بين الدين وبين المتاجرة بالدين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.