هل صحيح ان الدين والإبداع لا يلتقيان، تتساءل الكاتبة الاردنية سلوي اللوباني في كتابها "أنت تفكر إذن أنت كافر" الصادر مؤخرا عن الدار العربية للعلوم ناشرون عن تنامي دور المؤسسات الدينية في الرقابة علي العمال الابداعية إضافة إلي بروز مشكلة الارهاب الفكري الذي تغلغل في الحياة العامة واصبح يمارس سطوته ضد اعمال المبدعين وضدهم شخصيا. تقول اللوباني في الكتاب الذي يستعرض حالات 200 مبدع عربي تعرضوا لمشاكل كثيرة بسبب كتاباتهم، بغض النظر عن اختلافنا مع افكارهم فهي نتاج تجربتهم، في الوقت الذي يتوقف فيه مقص الرقيب عن اشكال الفن الرديء الذي بات يملأ شاشاتنا ويحتل جزءا كبيرا من الواقع الادبي والثقافي. تعرفت المؤلفة وفق ما تقول في كتابها عن قرب مع العديد من المبدعين العرب من خلال اللقاءات الشخصية في الفعاليات الثقافية أو عن طريق القراءة المتعمقة لقضاياهم وتشير إلي ان كثير منهم اتهم بالكفر والالحاد فاجبر علي النفي خارج حدود وطنه أو تم اغتياله ومنهم من وصل به الأمر حد الانتحار أو الجنون كما ان ظاهرة السجن والاعتقال ليست غريبة من وجهة نظرها علي المبدع العربي، وتتساءل لماذا ينال مبدعا دعما بينما لا يلقي الاخر غير التعتيم في حياته والتجاهل خلال مرضه. تتعرض المؤلفة باستنكار إلي انشغال بعض الشخصيات التي تدعي الوصاية علي الدين لانشاء مواقع علي شبكة الانترنت أو تاليف كتب أو تقديم رسائل اكاديمية لتكفير الاخرين، مستشهدة بكتاب الانحراف العقدي في ادب الحداثة وفكرها" الذي كفر فيه الدكتور سعيد بن ناصر الغامدي 200 مبدع ومؤلف من مختلف الدول العربية وهو عبارة عن رسالة قدمها لنيل درجة الدكتوراة من كلية اصول الدين بجامعة الامام محمد بن سعود الإسلامية. اللافت ان المؤلفة تدرج سيد قطب منظر تيارات العنف الديني علي مستوي العالم بين اسماء المبدعين امثال طه حسين ونصر حامد ابو زيد وفرج فودة ونجيب محفوظ ومحمود امين العالم وغيرهم ، ومن بين الاسئلة التي تسجلها المؤلفة في ثنايا كتابها: هل يكفي ان نسجل كلماتنا عن الراحل في مجلة أو جريدة.. هل يكفي ان ترتفع نسبة مبيعات كتبهم بعد موتهم لأننا شعوب لا تقدر قيمة ما هو بين ايديها الا بعد زواله؟ وتمضي المؤلفة مستعرضة اراء بعض النقاد والمبدعين في الوصاية التي يفرضها بعض دعاة الحسبة علي الابداع ومن ذلك قول الناقد اللبناني صلاح هاشم ان الهدف من الدين ليس الوصول إلي سدة الحكم والسيطرة علي البشر .. وثم تيار ديني عقائدي سلفي متشدد ومتطرف يتحكم الآن في الاعلام العربي ويقف ضد الابداع ويعمل علي تكفيرهم والظاهر ان الحكومات استسلمت فاصبحت له السيطرة علي توجيه الراي العام العربي من خلال التمويل. وتختتم المؤلفة كتابها بفصل خاص عن الدور الثقافي لمصر والذي لم يزل يحتفظ بريادته وتورد فيه اراء مفكرين من مصر ومن باقي الدول العربية مثل المفكر سيار الجميل ودصلاح فضل والشاعر شوقي مسلماني والروائي محمد العشري.