تحتل كرة القدم المرتبة الأولي عالميا في جذب قلوب وعقول المتفرجين علي اختلاف أعمارهم وأجناسهم.. وعندما يبدأ الحديث عن أي بطولات عالمية مثل كأس العالم أو حتي قارية مهمة مثل كأس الأمم الأوروبية أو الأمم الأفريقية أو أمريكا اللاتينية. ينقطع الحديث لدي أكثرية الناس عن السياسة والمال والاجتماع وحتي الثقافة وتختصر الحياة كلها في مستطيل أخضر هو ملعب كرة القدم. فلا شك في أن هذه اللعبة تحمل السرور والبهجة إلي قلوب متابعيها، لكن هناك فئة يصل تعلقها باللعبة إلي حد الهوس والجنون حيث يتجاوز حدود العقل والمنطق.. ويعلم متتبعو الساحرة المستديرة أن بمقدورعشاقها القيام بأشياء غريبة وعجيبة يصعب تفسيرها لمن لا يهواها لذلك كان لابد من التطرق في روزا ستاد الي أبرز حماقات المتيمين بحب الساحرة المستديرة والتي تطرق لها أيضا موقع الاتحاد الدولي لكرة القدم "الفيفا".. فمع اقتراب ساعة الصفر من انطلاق بطولة كأس العالم 2010 بدأت الجماهير في البحث عن سبل حضور مباريات منتخباتها. ورغم أن مصاريف الرحلات باهظة إلا أن هناك فئة من الجماهير يقومون برهن منزل أسرتهم من أجل حضور المباريات. وينطبق هذا الأمرالذي يبدو للوهلة الأولي مبالغا فيه علي حالة المشجع الكولومبي الشهير ب"ديفيد 83" الذي قال: "احتاج أبي 5 سنوات من أجل سداد القرض الذي حصل عليه من أجل الذهاب إلي طوكيو ومشاهدة مباراة نهائي كأس انتيركونتيونتال بين أتليتيكو ناسيونال وأي سي ميلان شهر ديسمبر 1989 وأعتقد أني قادر علي تكرار الأمر ذاته". لا حدود لتضحيات جمهور الساحرة المستديرة وعشاقها، ولنا في حالة الصيني لي وينجانج خير مثال علي ذلك. إذ أسس هذا الكهربائي المهووس بالكرة أول جمعية للمناصرين في الصين عام 1984 ثم دفعه عشقه الكبير لهذه الرياضة إلي القيام بطواف عبر مختلف أرجاء البلاد من أجل تشجيع ممارسة اللعبة الأكثر شعبية في العالم. وقد أطلق عليه البعض لقب روسي، تشبيها له بالأسطورة الإيطالي، وأصبحت صورته رمزا في الصين. طقوس دينية وليس من الغريب المزج بين كرة القدم والمعتقدات الدينية، رغم ذلك يبقي إنشاء كنيسة وتيار ديني خاص للاحتفاء بلاعب أمرا منقطع النظير. إذ يحتفل عشاق الأسطورة الأرجنتينية دييجو مارادونا يوم 30 أكتوبر من كل سنة بعيد مولد الداهية، ويعتبرون هذا التاريخ مرادفا لبداية "حقبة" جديدة، وينظمون طقوسا وشعائر خاصة، بل ويتزوجون فيما بينه أيضا. كما قامت جماهير فريق سان لورينزو عام 1995 بحج جماعي إلي كنيسة لوخان الكبري من أجل الاحتفال بتحقيق فريقهم لقب الدوري بعد غياب دام أكثر من 21 سنة. بعد ذلك بثلاثة أعوام، زارت أيقونة عذراء لوخان أنصار نادي راسينج أفيانيدا من أجل "تطهير" الملعب وإبعاد الحظ العاثر عن الفريق، الذي غابت عنه الألقاب منذ موسم 1966 . وقد شهد ذلك اليوم إجراء مباراة ودية، سبقتها طقوس وشعائر للتبرك، وعرض لموسيقي الروك وإطلاق للشهب الاصطناعية. وقد شاءت الصدف أو الأقدار أن يتوج النادي بلقب البطولة ثلاث سنوات بعد ذلك. مشاهدة المباريات أهم من الزواج وتجدر الإشارة إلي حالة "تاي بايج"، وهو شاب باكستاني سافر إلي لندن مع أصدقائه للاحتفال بزواجه القريب، لكنه وجد نفسه في مدينة اشبيلية لمشاهدة نهائي كأس الاتحاد الأوروبي لموسم 2003 وتشجيع فريقه المفضل سيلتيك، في الوقت الذي كان عليه أن يكون في مدينة لاهور الباكستانية بجوار عروسه. وبينما كان أزيد من 1500 ضيف ينتظرون قدوم العريس في باكستان، كان تاي يجيب علي اتصالات أقاربه الهاتفية قائلا أن الحدث تاريخي ولا يعوض، وسط عبارات تأييد من أخيه. كما تزوج أحد المشجعين الصينين ويدعي "ميي نانشينج" وسط ملعب لكرة القدم، وقد قال: "ربما لم أولد لألعب كرة القدم، لكني سأموت من أجلها". وفي عام 2008 قرر هذا المشجع الكبير لفريق هويان، الذي أحبطته نتائج فريقه، ترك عالم الساحرة المستديرة جانباً والدخول في الرهبانية البوذية بعد أن قرر ناديه المفضل الخروج من مسابقة الدوري الصيني الممتاز. مشجعون بعد الموت ورغم فقدان هذا المشجع حب الرياضة الأكثر شعبية في العالم، فهناك من يحملون عشقها حتي بعد الموت. إذ تقترح بعض شركات تنظيم الجنائز توابيت بألوان الفرق والمنتخبات، بينما طلب أحد المهووسين بحب بيتيس من ابنه وهو يحتضر حمل رماده إلي جميع مباريات النادي. وقد وافق الابن علي الطلب ولباه. أما فريق بوكا جونيورز، فقد قام بإعداد مقبرة خاصة بعشاق النادي وأنصاره، تلافيا لهذا النوع من الأمور. لا يتم طلاء التوابيت فقط بألوان الفريق المفضل، بل يمكن طلاء الشعر والمنزل والسيارة وحتي...المدفع...وهذا ما ينطبق علي الفريق الألماني "شالك 04" حيث يملك مدفعا بألوانه... ورغم أن دراجة "أوزفالدو جارسيا" غير مطلية بألوان المنتخب البرتغالي، فإنه يحمل راية البلد الإيبيري بين أغراضه، وسيقوم هذا البطل السابق في رياضة ترايل بايكينج بتسليمها لرجال كارلوس كيروش خلال المعسكر الذي سيسبق مباراتهم الأولي أمام كوت ديفوار. وقد انطلق أوزفالدو يوم 5 أبريل من بلدة بينافييل، بالقرب من بورتو (البرتغال)، في رحلة طويلة سيقطع خلالها 20 ألف كيلومتر وسيعبر 18 دولة قبل الوصول إلي فالي لودجي، بمدينة ماجالييسبورج بجنوب إفريقيا.