جرأة الأمل كانت الباعث وراء الثورة الوردية التي اندلعت في جورجيا فلم تراق قطرة دم واحدة، بل طالب الشعب الحكومة بالاستقالة من خلال مسيرات سلمية محملة بورود ولكن بعد مرور 7 سنوات تقريبا علي تلك الثورة هل تحقق أمل هذا الشعب. هذا ما يستعرضه الباحث الأمريكي لينكولن ميتشيل - أستاذ علوم سياسية بجامعة بنسلفانيا ومتخصص في الشئون الأوروبية الحالة الجورجية -كشاهد عيان علي حقبة ما قبل وبعد الثورة الوردية في جورجيا دور الولاياتالمتحدة في هذه الثورة والاوضاع الحالية الآن بجورجيا من خلال كتابه "Uncertain Democracy: U.S. Foreign Policy and Georgia Rose Revolution". يقول ميتشيل أن عدم الاستقرار الديمقراطي وتردي الاوضاع كان باعثا علي اندلاع الثورة الوردية التي قادها شباب المعارضة الجورجيون وخصوصا بعد زيادة نسبة الفساد في جميع المؤسسات الحكومية وتدهور ظروف المعيشية والولاء المطلق لحكومة إدوارد شيفرنادزه لروسيا ذلك الوقت، كل هذه العوامل مجتمعة أدت إلي اندلاع الثورة الوردية في نوفمبر 2003. ويضيف ميتشيل أن الحراك السياسي الداخلي وانخفاض شعبية شيفرنادزه ومحاولات حكومته تزوير الانتخابات، فضلا عن دور المنظمات غير الحكومية مثل المعهد الوطني الديمقراطي "الذي كان يضم ميخائيل ساكاشفيلي بين صفوفه وهو الرئيس الحالي الآن" والمعهد الوطني للحزب الجمهوري ومؤسسة أوراسيا ومعهد المجتمع المفتوح وغيرها من منظمات المجتمع المدني هي الداعم الرئيسي لهذه الثورة. رافضا الادعاءات التي تقول إن الثورة الوردية قامت بدعم مباشر من الولاياتالمتحدة، حيث يري أن دور الولاياتالمتحدة كان غير مباشر في ذلك الوقت. ومن جهة أخري ينتقد بعض النقاد هذه الرؤية للدور الأمريكي في الثورة الوردية، حيث يري البعض أن الولاياتالمتحدة لعبت دورًا حيويا في دعم المعارضة للقيام بالثورة الوردية من خلال منظمات المجتمع المدني التي وفرت المنح التدربية للشباب المعارضة للسفر لكل من الولاياتالمتحدة وأووربا، فضلا عن أن السفير الأمريكي جون تيفيت - المبعوث الأمريكي لاوكرانيا حاليا - قد قال عن هذه الثورة أنها نموذج لاجندة الرئيس بوش للديمقراطية والتحول الديمقرطي. ويشير النقاد إلي أن الولاياتالمتحدة قد حاولت تعزيز صفوف السياسيين الجورجيين "المعارضة الموالية لها" وذلك من خلال زراعة جيل جديد من القادة أمثال ساكاشفيلي. وفيما يتعلق بالحياة السياسية، فقد أتت الثورة الوردية بمخائيل ساكاشيفلي الذي كان أملا لشعبه ورمزًا للتغيير، ولكن بعد مرور 7 سنوات علي الثورة الوردية يري ميتشيل أن الاوضاع لم تتغير كثيرًا فمازالت جورجيا تلك الدولة التي تحصل علي أكبر قدر من المساعدات المالية من قبل الولاياتالمتحدة وأوروبا - تعاني من سيطرة الحكومة علي وسائل الاعلام وانتهاك حقوق الشعب وعمليات اغتيال مستمرة وفقا لتقرير منظمة العفو الدولية عام 2005. فمع الاسف لم تفرز الثورة سوي تكريس لعهد قديم من الانتهاكات لحقوق الانسان. ويؤكد ميتشيل أن الحكومة الجورجية بذلت مزيدًا من الجهد لتحقيق الاستقرار السياسي الذي حلم به هذا الشعب وهو لن يتحقق إلا من خلال تحسين علاقتها بالدول المجاورة و تحسين البنية التحيتة للمؤسساتها. وفيما يتعلق بعلاقة جورجيا بالولاياتالمتحدة ينتقد ميتشيل السياسة الأمريكية لانها دخلت في علاقات شخصية مع المسئولين بجورجيا ويطالب الادارة الأمريكية بتركيز جهودها علي المصالح الجوهرية لها بهذه المنطقة. وفي النهاية يشكك ميتشيل حول ما إذا كانت الديمقراطية علي أولويات الحكومة الجورجية بقيادة ساكاشفيلي ويقول إن الحكومة بحاجة لرفع يدها عن وسائل الاعلام وتشجيع المناقشة والجدال حول الوضع هناك وإعادة التوازن بين السلطات التشريعية والتنفيذية.