سعر الذهب في مصر اليوم الأحد 29-9-2024 مع بداية التعاملات الصباحية    أحدث استطلاعات الرأي: ترامب وهاريس متعادلان    إيران تدعو لعقد اجتماع طارئ لمجلس الأمن الدولي بعد اغتيال نصر الله    «سي إن إن»: الجيش الإسرائيلي يستعد لاجتياح بري محدود للبنان    تصعيد مكثف.. تجدد الغارات الإسرائيلية على مدينة صور اللبنانية    طائرات الاحتلال تشن غارة جوية على مدينة الهرمل شرقي لبنان    حالة الطقس ودرجات الحرارة المتوقعة اليوم الأحد 29-9-2024    مصرع شخص صدمته سيارة نقل في سوهاج    بعد اعتذارها.. شقيق شيرين عبد الوهاب يرد عليها: «إنتي أمي وتاج رأسي»    نشوي مصطفي تكشف عن مهنتها قبل دخولها المجال الفني    وزير الخارجية يوجه بسرعة إنهاء الإجراءات لاسترداد القطع الآثرية من الخارج    لصحة أفراد أسرتك، وصفات طبيعية لتعطير البيت    الجيش الأردني: سقوط صاروخ من نوع غراد في منطقة مفتوحة    «الأهلاوية قاعدين مستنينك دلوقتي».. عمرو أديب يوجه رسالة ل ناصر منسي (فيديو)    إصابة ناهد السباعي بكدمات وجروح بالغة بسبب «بنات الباشا» (صور)    أصالة ل ريهام عبدالغور: انتي وفيّه بزمن فيه الوفا وين نلاقيه.. ما القصة؟    شريف عبد الفضيل: «الغرور والاستهتار» وراء خسارة الأهلي السوبر الإفريقي    الفيفا يعلن عن المدن التي ستستضيف نهائيات كأس العالم للأندية    ضبط 1100 كرتونة تمر منتهية الصلاحية في حملة تموينية بالبحيرة    أمير عزمي: بنتايك مفاجأة الزمالك..والجمهور كلمة السر في التتويج بالسوبر الإفريقي    المنيا تحتفل باليوم العالمي للسياحة تحت شعار «السياحة والسلام»    رئيس موازنة النواب: نسب الفقر لم تنخفض رغم ضخ المليارات!    أحدث ظهور ل يوسف الشريف في مباراة الأهلي والزمالك (صورة)    لافروف يرفض الدعوات المنادية بوضع بداية جديدة للعلاقات الدولية    أول تعليق من محمد عواد على احتفالات رامي ربيعة وعمر كمال (فيديو)    "حط التليفون بالحمام".. ضبط عامل في إحدى الكافيهات بطنطا لتصويره السيدات    حكاية أخر الليل.. ماذا جرى مع "عبده الصعيدي" بعد عقيقة ابنته في كعابيش؟    الجيش السوداني يواصل عملياته لليوم الثالث.. ومصدر عسكري ل«الشروق»: تقدم كبير في العاصمة المثلثة واستمرار معارك مصفاه الجيلي    سحر مؤمن زكريا يصل إلي النائب العام.. القصة الكاملة من «تُرب البساتين» للأزهر    مصر توجه تحذيرا شديد اللهجة لإثيوبيا بسبب سد النهضة    الصحة اللبنانية: سقوط 1030 شهيدًا و6358 إصابة في العدوان الإسرائيلي منذ 19 سبتمبر    حدث في منتصف الليل| السيسي يؤكد دعم مصر الكامل للبنان.. والإسكان تبدأ حجز هذه الشقق ب 6 أكتوبر    أسعار السيارات هل ستنخفض بالفترة المقبلة..الشعبة تعلن المفاجأة    ورود وهتافات لزيزو وعمر جابر ومنسي فى استقبال لاعبى الزمالك بالمطار بعد حسم السوبر الأفريقي    «التنمية المحلية»: انطلاق الأسبوع التاسع من الخطة التدريبية الجديدة    راعي أبرشية صيدا للموارنة يطمئن على رعيته    نشرة التوك شو| أصداء اغتيال حسن نصر الله.. وعودة العمل بقانون أحكام البناء لعام 2008    برج السرطان.. حظك اليوم الأحد 29 سبتمبر 2024: عبر عن مشاعرك بصدق    الأوراق المطلوبة لتغيير محل الإقامة في بطاقة الرقم القومي.. احذر 5 غرامات في التأخير    القوى العاملة بالنواب: يوجد 700 حكم يخص ملف قانون الإيجار القديم    "100 يوم صحة" تقدم أكثر من 91 مليون خدمة طبية خلال 58 يومًا    قفزة كبيرة في سعر طن الحديد الاستثمارى وعز والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم الأحد 29 سبتمبر 2024    «شمال سيناء الأزهرية» تدعو طلابها للمشاركة في مبادرة «تحدي علوم المستقبل» لتعزيز الابتكار التكنولوجي    وزير التعليم العالى يتابع أول يوم دراسي بالجامعات    اتحاد العمال المصريين بإيطاليا يوقع اتفاقية مع الكونفدرالية الإيطالية لتأهيل الشباب المصري    تعرف على سعر السمك والكابوريا بالأسواق اليوم الأحد 29 سبتمبر 2027    «الداخلية» تطلق وحدات متنقلة لاستخراج جوازات السفر وشهادات التحركات    تعرف على برجك اليوم 2024/9/29.. تعرف على برجك اليوم 2024/9/29.. «الحمل»: لديك استعداد لسماع الرأى الآخر.. و«الدلو»: لا تركز في سلبيات الأمور المالية    سيدة فى دعوى خلع: «غشاش وفقد معايير الاحترام والتقاليد التى تربينا عليها»    ضبط 27 عنصرًا إجراميًا بحوزتهم مخدرات ب12 مليون جنيه    في عطلة الصاغة.. تعرف على أسعار الذهب الآن وعيار 21 اليوم الأحد 29 سبتمبر 2024    باحثة تحذر من تناول أدوية التنحيف    خبير يكشف عن السبب الحقيقي لانتشار تطبيقات المراهنات    أحمد عمر هاشم: الأزهر حمل لواء الوسطية في مواجهة أصحاب المخالفات    كيف تصلي المرأة في الأماكن العامَّة؟.. 6 ضوابط شرعية يجب أن تعرفها    وكيل صحة الإسماعيلية تتفقد القافلة الطبية الأولى لقرية النصر    دعاء لأهل لبنان.. «اللهم إنا نستودعك رجالها ونساءها وشبابها»    في اليوم العالمي للمُسنِّين.. الإفتاء: الإسلام وضعهم في مكانة خاصة وحثَّ على رعايتهم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العمل القومي : البترول والزعامة
نشر في روزاليوسف اليومية يوم 15 - 03 - 2010


هيكل : هل كنت شاهدا للأحداث أم كنت من صناع القرار؟
تزيد يا هيكل من استطراداتك قائلا: " لكن هنا كان واضحا أمامنا.. ما كانش واضح أمامنا بالقدر الكافي لكن كان باين إن فيه صراع بشكل أو آخر بين الاثنين واحد.. وممكن قوي نقول إن النظرات حتي النظرة للعالم والعلاقة بالعالم كانت ممكن تعمل مثل هذا الخلاف، سعود أقرب للبداوة وهو يعني تقليدي قوي، لكنه فيصل كان أقرب إلي العالم الخارجي موجود في جدة ووزير خارجية وإلي آخره لكن في ذلك الوقت لما يتبدي لنا، لكن تركيز جمال عبدالناصر كان علي الملك سعود وأظن هنا.. يعني ممكن قوي نقول نشوف فيه حساسية نوع من الحساسية نشأت، الخطوة التالية في جمال عبدالناصر في تفكيره في ذلك الوقت أنه المغرب العربي لأنه إذا جاءت السعودية بإمكانياتها إلي العمل القومي فمعني هذا إنه البترول أصبح داخلاً في حدود العمل القومي، وقتها الخليج كله كان لسه بعيد وراء ستارة الاحتلال البريطاني.. " ( نص هيكل).
لا أدري لماذا يتحدث هيكل بصيغة الجمع: كان واضحا أمامنا؟ لا ادري من منح هيكل الحق في أن يجعل من نفسه واحدا من أصحاب القرار عام 1954-1955؟ إذا كان هيكل سكرتيرا صحفيا للرئيس عبدالناصر وقت ذاك، فهل كان واحدا من أعضاء مجلس قيادة الثورة؟ هل كان واحدا من الضباط الأحرار، حتي يمنح لنفسه الحق يتكلم اليوم باسم القيادة المصرية؟ حلو تعبيرك يا هيكل: ما كانش واضح أمامنا بالقدر الكافي، لكن كان باين إن فيه صراع بشكل أو آخر بين الاثنين.. هل كنت تحضر اجتماعات القيادة المصرية حتي تكون الصورة واضحة أمامكم؟ هل كانت القيادة المصرية تستشيرك انت في مثل هذه المسائل؟ إذا كنت تتحدث باسم الرئيس الراحل منذ أكثر من اربعين سنة، ولم يردعك احد حتي الآن، وقد قلت الكثير مما لا نعرف صدقه من كذبه، فليس لك الحق أبدا أن تتحدث باسم القيادة المصرية من منطق المسئولية عليها، وكأنك كنت تقود مصر، ولم يرأسها جمال عبدالناصر؟! وسواء كان فيصل احضريا وسعود ابدويا.. وأن هناك حساسيات أو نوع من الحساسية، فلماذا تمّ تركيز عبدالناصر علي الملك سعود ولم يرّكز علي الامير فيصل؟ كأنك تقول إن عبدالناصر قد اخطأ التقدير.. علما بأن علاقة الاثنين بالزعيم عبدالناصر لم تكن طبيعية ولا حتي مهادنة، كونهما اختلفا جملة وتفصيلا عن سياسة الرجل منذ أيامه الأولي وحتي رحيله. أما هذا المانشيت الذي تتذرع به والذي جسدته بالعمل القومي المشترك، فهو مجرد دعابة من دعاباتك البهلوانية، فالحقيقة تكمن في البترول الذي بلغ الطموح عند الرئيس عبدالناصر استخدامه في العمل القومي، وحسنا تذكر مواقف العراق، ولكنك الآن منشغل عنه بالسعودية، وسنأتي بعد قليل إلي العراق لنري اعترافك بالاخطاء التي مارستها وانت تطعن علي مدي سنوات في السياسة العراقية من دون أي فهم محدد لاوضاع العراق الجيوبولوتيكية والاقليمية والداخلية .. اما قولك فيما يخص الخليج كله كونه كان لسه بعيد وراء ستارة الاحتلال البريطاني، فهذا صحيح، ولكن محميات الخليج لم تكن بعد دولا بترولية في ذلك الوقت حتي تنشغلوا بها! واذا كانت وراء ستارة الاحتلال البريطاني، فما الذي يجعلك تسكت حيال الاستعمار في الخليج؟ ألم يكن الخليج ولم يزل جزءا من العمل القومي المشترك؟
العراق والسعودية : هل وقفا ضد العمل القومي العربي؟
السؤال : هل كان كل من العراق والسعودية كبلدين بتروليين قد وقفا ضد العمل القومي المشترك؟ فمن يقرأ هيكل يجد أن ذلك " العمل " قد تجسّد لدي الرئيس جمال عبد الناصر، علما بأن الرجل قد استلهم كل افكاره ومبادئه من تجارب غيره في هذا الميدان.. دعونا نقرأ ما قاله السيد تركي الفيصل رئيس مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية في محاضرته التي ألقاها في معهد العالم العربي في باريس... بعنوان " الجزيرة العربية وفرنسا نظرة سعودية " ونشرتها جريدة الحياة، قال: " وأذكر أننا في المدرسة كنا نتبرع بريال سعودي من كل طالب لمصلحة الثورة الجزائرية. وعلت دعوة »تبرع بريال لنصرة الجزائر« لدي الشعب السعودي. كما وضع ريالاً سعودياَ إضافة علي سعر كل طابع بريد للغرض نفسه. وفعلت الدول العربية الأخري مثلما فعلت السعودية. لا بل إن المملكة موّلت شراء السلاح للثوار الجزائريين عن طريق مصر. لم يخف ذلك علي الحكومة الفرنسية، التي، ومنذ قيام إسرائيل في عام 1948، رمت بكل ثقلها لدعم الدولة اليهودية، ووفرت لها السلاح والمال، والتقنية النووية، والتي طوّرت القنبلة النووية بفضل الدعم الفرنسي. وفي عام 1956 دبّرت فرنسا بمشاركة إسرائيل وبريطانيا الهجوم علي مصر فيما عُرِف بحرب السويس. وقطعت السعودية علاقتها بفرنسا، بسبب تلك الحرب، ولم تعد العلاقات إلا بعد أن أنهي شارل ديجول الاحتلال الفرنسي للجزائر. فمثلما كان لاحتلال الجزائر أثره السيئ في العلاقات مع الجزيرة العربية كان لنيل استقلالها الأثر العكسي. فتحسنت العلاقات تدريجياً، وتوجت في اللقاء الخاطف الذي جري عشية حرب الأيام الستة بين الرئيس الراحل شارل ديجول والملك فيصل، رحمه الله. وكانت هناك المقولة الشهيرة لديجول، بعد اللقاء: (لقد فهمت من هذا الرجل في ساعتين عن القضية الفلسطينية ما كنت أجهله من قبل)، وأصدر ديجول تحذيره المعروف بأن فرنسا ستقاطع المبتدئ بالعدوان في الشرق الأوسط. ونفذ ديجول وعده فقاطع إسرائيل، وألغي كل صفقات السلاح المعقودة مع إسرائيل وسحب كل الخبراء الفرنسيين، الذين كانوا موفدين للعمل في إسرائيل. بعد أن كانت فرنسا دولة منبوذة في العالم العربي، أصبحت الآن الدولة الصديقة والحميمة لكل الدول العربية، خصوصاً في دول الجزيرة العربية، التي أصبحت بعد عام 1970 سبع دول مستقلة "
( الحياة) 7 / 6 / 2008
البترول أساس المشكلة
نتابع مع هيكل حيث يقول : " ولكن اللي ظاهر من الدول البترولية وإمكانيات الدول البترولية هو السعودية والعراق.. والعراق كان (Already) كان موجودا في الساحة بشكل أو آخر، لكن السعودية كانت بعيدة والصراع الهاشمي السعودي شديد للغاية وأظن أنه من الأسباب اللي خلت السعوديين رحبوا جداً بجمال عبدالناصر في ذلك الوقت وهو في موسم الحج كان موضوع إنه خائفين.. مصر الملكية كان واضحا موقف الملك فاروق فين، في الصراع علي الخلافة، علي أي حال ما كانش واقف مع الهاشميين، لكن أما وقد ذهب الملك فاروق فهنا دخل السعوديون في الموضوع موقف مصر ما بين الدعاوي المتنازَعة، نخلي بالنا إنه مرات أسباب نزاع معين قد تزول موضوع الخلافة كان انتهي، لكنه العداوات الموجودة والناشئة سواء بسبب جذوره مطلب معين عند طرف إقليمي أو دولي أو محلي طلب معين تزول أسباب، لكن تبقي المواريث تبقي عناصر العداء والكراهية موجودة.". ( نص هيكل ).
العراق والسعودية إزاء عبد الناصر
1 / الأكذوبة والنغمة المفلسة
ماذا اقول لهيكل بعد أن خبط عشواء هنا أو خبط رعناء هناك؟ ماذا أقول لكاتب كبير يدّعي المعرفة وقوة الذاكرة؟ ماذا اقول لرجل تيبس عقله علي مجموعة افكار خاطئة، وكان منذ خمسين ولم يزل يسوقها امام العباد العرب؟ في النص اعلاه مجموعة معلومات لا اساس لها من الصحة أبدا.. نعم، العراق والسعودية كانا هدفا حقيقيا كونهما يمتلكان البترول. ما معني كان العراق موجودا علي الساحة؟ نعم، كان العراق موجودا وفعالا ومقتدرا علي كل الساحة! وكان كل العالم يخطب ودّه يا هيكل! أي صراع علي الخلافة؟ أي خلافة هذه التي يتقاتل من أجلها الملوك العرب؟ هذه "الفكرة" الميتة التي تريد تسويقها علينا بالقوة يا هيكل.. هي مجرد اكذوبة! إن كان هناك صراع، فهو اليوم علي البترول! انه صراع يلبس لبوسات شتي وتحت شعارات ومسميات شتي.. كان صراعا دوليا وبدأ صراع اقليمي بين الدول العربية علي البترول. كن يا هيكل مرة واحدة واقعيا، واعترف بأن فجائع الامة لم تصنعها الا الشعارات الجوفاء! وهذه النغمة المفلسة التي تتغني بها منذ ازمان طوال حول الصراع الهاشمي السعودي كانت قد طويت تماما بين البلدين مذ التقي كل من الملكين فيصل الاول ملك العراق مع عبد العزيز آل سعود ملك السعودية، وكنت أتمني أن تراجع بعض المراجع العراقية (التي سأثبتها في التوثيق) للتأكد مما اقول.
2 تطور العلاقات العراقية السعودية
ولكي أوضح ذلك علميا، وأدحض ما تقول، اقول: إن التوترات كانت طبيعية علي حدود البلدين عشائريا، كما هو موجود بين كل دول المنطقة.. ولقد عقدت في العام 1922، أي بعد اشهر علي تأسيس الدول العراقية عام 1921 معاهدة المحمرة لتحديد جنسية القبائل البدوية المتنقلة بين الحدود المشتركة، وتنظيم علاقات تجارية بين رعايا البلدين، ثم اضيف اليها بروتوكول العقير لتوضيح مساند الحدود ومحطاتها المشتركة، وكان أن وقع فيصل الاول ملك العراق تلك الاتفاقيات ولكن الملك عبد العزيز رفض التوقيع عليها بسبب توتر العلاقات بين الطرفين حتي التقي العاهلان العراقي والسعودي في 24 فبراير 1930 علي ظهر البارجة (لوبن) احدي قطع الاسطول البريطاني في مياه الخليج العربي، وقد نتج عن ذلك اللقاء التاريخي توقيع معاهدة صداقة وحسن جوار، وازالة الجفاء بين البلدين واعتراف كل منهما بالآخر ومنع غزوات البدو وتنظيم الحدود. وعندما اعلن الملك عبد العزيز توحيد نجد والاحساء وحائل والحجاز وعسير وغيرها من الاقاليم تحت اسم " المملكة العربية السعودية " اعترفت بها الحكومة العراقية مباشرة. لقد تمّ التوقيع علي معاهدة الاخوة العربية والتحالف الدفاعي وتوحيد مساعيهما في الرد علي أي اعتداء خارجي في شهر ابريل 1936. وفي شهر مايو 1938، عقدت معاهدة بين البلدين تتعلق بتابعية العشائر، كما تم الاتفاق علي ادارة المنطقة المحايدة بينهما، وكذلك تنظيم شئون الرعي وموارد المياه.
3 المقاربة التاريخية
بعد وفاة الملك غازي بدأ نشاط جديد لتحسين العلاقات بين البلدين فقد تمت زيارات متعددة كان اولها زيارة نوري السعيد (رئيس الوزراء، آنذاك) إلي السعودية في نيسان 1940، وتم خلال تلك الزيارة التوقيع علي عدة اتفاقيات كان آخرها الاتفاق علي تأسيس جامعة الدول العربية والانضمام اليها عام 1945.. هذا التحسن الجديد في العلاقات واجه موقفا متشددا من قبل السعودية ضد ميثاق بغداد عام 1955 كونه بدأ بين العراق وتركيا ثم دخلت اليه بريطانيا وايران والباكستان.. ولكن بدأت صفحة جديدة من محاولات التقارب الكبير بين البلدين بهدف عزل مصر الناصرية التي وقفت ضد المملكتين العراقية والسعودية علنا.. وكانت زيارة العاهل السعودي إلي بغداد في مايو 1957 لتتبعها زيارة للملك فيصل الثاني إلي السعودية في نوفمبر من العام، نفسه تم خلالها التأكيد علي ضرورة توحيد الجهود لدرء التعديات والتطاولات التي تقوم بها مصر ووسائل دعايتها القوية من خلال صوت العرب ضد العراق والسعودية بالذات. وعليه، اقول إن ما يسوّقه محمد حسنين هيكل للعالم هو محض افتراءات لا اساس لها من الصحة التاريخية.. إن العداء القديم بين العائلتين الهاشمية والسعودية قد انتهت تماما منذ العام 1930، وان شكوك السعوديين بحلف بغداد عام 1955 قد زالت نهائيا، باعتراف الملك سعود بفائدة الميثاق علي العراق، فتّم التعاون بين البلدين في مكافحة ما اسموه ب الافكار الهدامة داخليا وخارجيا. من هنا، وبناء علي هذا المبدأ، انطلق تأييد السعودية لمشروع ايزنهاور عام 1957، ووجدت السعودية نفسها مع كتلة العراق في تبني المشروعات الغربية التي كان يقودها نوري السعيد رئيس وزراء العراق إزاء المشروعات الثورية والانقلابية التي كان يقودها جمال عبد الناصر.. إن المؤرخين قاطبة يشيرون إلي أن العلاقات العراقية السعودية كانت علي طول الخط في تحالف حقيقي. وعليه، سواء اتفقنا مع سياسة عبدالناصر ام اختلفنا، أو اتفقنا مع سياسة نوري السعيد ام اختلفنا، فإن ما سجله هيكل هو محض هراء لا اساس له من الصحة أبدا.
الاستمالة
يتابع هيكل تسطيحاته ومفبركاته قائلا : " لكن علي أي حال هنا كان فيه صراع علي مصر وأظن لما رحنا السعودية للحج جزء كبير جداً من الحفاوة اللي قوبل بها جمال عبدالناصر هو الرغبة في استمالة مصر، الحاجة الثانية.. لكن جمال عبدالناصر كان في ذهنه إنه البترول والاقتراب.. اقتراب السعودية من العمل القومي وإنه البترول يقرب علي حدود فلسطين بشكل أو آخر علي عكس.. أو إفشالاً للسياسة الأمريكية والبريطانية اللي هي عزل البترول تماماً عن قضايا العرب، الحاجة الثانية كانت المغرب العربي لأنه هنا كان فيه قوة عربية نائمة ومهمة جداًَ وإيقاظها مسألة كبيرة، قوة مصر الناعمة قبل 23 يوليو كانت جابت في واقع الأمر جابت كل المناضلين العرب من أجل استقلال المغرب سواء أمير عبد الكريم الخطابي، حبيب بو رقيبة كل الناس اللي كانوا بيكافحوا من أجل الاستقلال كانوا موجودين في جبهة المغرب العربي الموجودة في القاهرة في مقرها 8 شارع عدلي باشا وجاءت 23 يوليو وما بعدها وفي تفكير جمال عبدالناصر في الفترة اللي بدأ فيها يشعر إن هو بيولِّد النظام الجديد وإنه ما بقاش فيه مفر إنه يشيل المسئولية وعنده خطة للعمل العربي وهذه الخطة للعمل العربي موجودة، فيها مصر النموذج هأفكر ثاني، فيها مصر النموذج فيها السعودية والبترول، فيها الدفاع المشترك اللي في قلب العالم العربي.. " ( نص هيكل ).
لا اعتقد أن الانظمة العربية الحاكمة في الخمسينيات كان بينها صراع علي مصر التي تحوّلت من نظام ملكي إلي نظام جمهوري.. ومن سلطات تشريعية إلي سلطات ثورية.. ومن حكم مدني إلي حكم عسكري.. لم يكن عبدالناصر في ذلك الوقت قد ثبّت قاعدته الشعبية ولا قاعدته في الحكم! لم يكن قد نزع عنه ملابسه العسكرية وتحوّل إلي رئيس مدني لمصر.. كانت مصر في تلك المرحلة غير مكتشفة من قبل تلك الانظمة الملكية في كل من العراق والسعودية والاردن وليبيا واليمن.. ولم يزل كل من الخليج العربي شرقا والمغرب العربي غربا يعاني من هيمنة البريطانيين والفرنسيين. الحفاوة التي قوبل بها عبدالناصر وهو يحج هي من قبيل الأعراف الشائعة بالمحتفين، ولا اعتقد أبدا أن ثمة رغبة كانت في استمالة مصر بدليل ما كانت عليه السياسة الخارجية السعودية وما عرف عن الملك سعود من جولات عربية لبلدان عدة في كل من عامي 1956 و 1957 منها : العراق والاردن ومصر وليبيا وتونس والمغرب. ويبدو أن اثارة عبدالناصر لمسألة البترول قد سببت بولادة حساسيات بقيت مستمرة ومتفاقمة بين مصر والسعودية حتي نهاية عهد عبد الناصر..
انتظروا الحلقة المقبلة الكاتب.. مفكر عربي عراقي مقيم في كندا وأستاذ في جامعات عربية وأمريكية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.