«التضامن» تقر تعديل قيد 3 جمعيات بمحافظتي القاهرة والفيوم    اللواء سمير فرج: مصر الدولة الوحيدة التي حررت أرضها بالكامل من الاحتلال    مصر تحتضن المسابقة الإقليمية الأولى لمدارس الأبطال الموحدة للأولمبياد الخاص    وزير الأوقاف يمثل الرئاسة المصرية في حفل تنصيب الرئيس الإندونيسي الجديد    وزير الإسكان يوجه بإتاحة المزيد من الفرص الاستثمارية بمدينتي «المنيا وملوى» الجديدتين    البنك الأهلى يحتفظ بشهادة الجودة «ISO 9001» فى مجال الإمداد اللوجيستى من BSI للعام الثانى على التوالى    400 مليار جنيه محفظة تمويلات لصالح كبار المطورين العقاريين لدى بنك مصر    الإسكان تناقش الموقف التنفيذي لمشروعاتها وحصر مختلف المبانى الخدمية وتسليمها لجهات التشغيل    وزير الخارجية يكشف لإفريقية النواب أهم 3 ملفات تؤثر على الأمن القومي المصري    «التحرير الفلسطينية»: المعارضة الإسرائيلية تطالب بالذهاب إلى اتفاق لوقف الحرب وتبادل الأسرى    الحكومة السودانية: فتح مطارات كسلا ودنقلا والأبيض لتسهيل انسياب المساعدات الإنسانية    ترامب ينتقد فوكس نيوز.. ويوجه رسالة لمؤسسها مردوخ    أبو الغيط: حكومة لبنان هي وحدها من يتفاوض باسم البلد    سيدات يد الأهلي يفوز ببرونزية بطولة إفريقيا للأندية    القرعة توقع المصري البورسعيدي في المجموعة الثانية بكأس رابطة الأندية    براءة إمام عاشور من تهمة التعدى على فرد أمن بالشيخ زايد    القبض على متهمين بالاعتداء على طفل والتسبب في إصابته بالطالبية    وزارة الداخلية تقرر السماح ل63 مواطناً مصرياً بالحصول على جنسيات أجنبية    احتفالية خاصة بمئوية "الشرنوبي" في بيت الشعر العربي    تكريم جيهان قمري بالمهرجان الدولى للتعليم والثقافة في دورته الثانية    الاستلقاء فوق حبات الزيتون، طقوس غريبة لجذب العريس في بلاد الشام    استمرار صرف مقررات تموين شهر أكتوبر 2024 لأصحاب البطاقات    الرئيس السيسى: إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة السبيل لنزع فتيل التوتر الإقليمى    تذكرتى تعلن طرح بطاقة Fan ID للموسم الجديد 2024 - 2025    حكم قضائي جديد ضد "سائق أوبر" في قضية "فتاة التجمع"    وزير الكهرباء يكشف عن أسباب سرقات التيار وإهدار ملايين الجنيهات    وزيرة التنمية المحلية: النهوض بموظفي المحليات ورفع مهاراتهم لجذب الاستثمارات    رغم امتلاء بحيرة سد النهضة، إثيوبيا تواصل تعنتها وتخفض تدفق المياه من المفيض    تأجيل محاكمة بائع خضار لاتهامه باستدراج سائق تروسيكل وقتله بشبين القناطر لجلسة الأربعاء المقبل    جامعة دمنهور تعقد أولى الجلسات التعريفية حول سوق الصناعات الغذائية (صور)    خبراء ل"صوت الأمة": نتائج إيجابية للاقتصاد أهمها توفير منتجات للسوق الداخلي وتقليل البطالة    رفع الإشغالات بمنطقة السيد البدوى بطنطا بعد انتهاء الاحتفالات    فرق المتابعة تواصل المرور على الوحدات الصحية لمتابعة الانضباط الإداري بالزرقا بدمياط    عميد طب الأزهر بأسيوط: الإخلاص والعمل بروح الفريق سر نجاحنا وتألقنا في المنظومة الصحية    ضبط 3 طلاب تحرشوا بسيدة أجنبية في القاهرة    استعدادات مكثفة لاتحاد كرة السرعة قبل إقامة بطولة العالم في مصر    6 غيابات تضرب يوفنتوس أمام لاتسيو.. وعودة فاجيولي وويا    مدبولي: القطاع الصحي ركيزة رئيسية ضمن خطط تطوير الدولة المصرية    رئيس الوزراء: شبكة الطرق الجديدة ساهمت في زيادة الاستثمارات وخلق فرص عمل    محافظ السويس يشارك أبطال أفريقيا و100متسابق في ماراثون الدراجات بالكورنيش الجديد    «آثار أبوسمبل» تستعد للاحتفال بتعامد الشمس على وجه رمسيس الثاني    بالاسم .. الصحة تدشن موقعاً إلكترونياً لمعرفة المثائل و البدائل للادوية الهامة    داعية بالأوقاف: الانشغال بالرزق قد يبعدنا عن ما طلبه الله منا    مصر تشدد على ضرورة إيقاف العدوان الإسرائيلي وفك الحصار عن قطاع غزة    ارتدوا الملابس الخريفية.. الأرصاد تكشف حالة الطقس المتوقعة خلال الأيام المقبلة (تفاصيل)    5 لاعبين أمام المحاكم.. ضرب إمام عاشور وسحر مؤمن زكريا الأبرز    14 عبادة مهجورة تجلب السعادة .. عالم أزهري يكشف عنها    التصرف الشرعي لمسافر أدرك صلاة الجماعة خلف إمام يصلي 4 ركعات    إعلام عبرى: انفجار الطائرة المسيرة بمنزل نتنياهو فى قيسارية أحدث دويا كبيرا    11 شهيدا وعدد من المصابين جراء قصف الاحتلال منزلا بمخيم المغازى وسط غزة    ستترك أثرا خلفها، سكان الأرض على موعد مع ظاهرة فلكية خريفية مميزة تزين السماء    الشيخ أحمد كريمة يوجه رسالة لمطرب المهرجانات عمر كمال    تطورات جديدة بشأن مستقبل جافي مع برشلونة    «مينفعش الكلام اللي قولته».. إبراهيم سعيد يهاجم خالد الغندور بسبب إمام عاشور    عمرو أديب: المتحف المصري الكبير أسطوري ولا يضاهيه شيء    تامر عاشور ومدحت صالح.. تفاصيل الليلة الثامنة من فعاليات مهرجان ومؤتمر الموسيقى العربية    أفضل 7 أدعية قبل النوم.. تغفر ذنوبك وتحميك من كل شر    الصور الأولى من حفل خطوبة منة عدلي القيعي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدعوة الإسلامية أمن قومي
نشر في روزاليوسف اليومية يوم 26 - 02 - 2010

إن الدعوة الإسلامية المعاصرة تمثل إحدي ركائز بل أهم ركائز الأمن القومي في مصر علي وجه الخصوص ولو قلت ركائز الأمن الإقليمي العربي ما تجاوزت الحقيقة وليس معني كون الدعوة الإسلامة أمناً قومياً أن المسئول عنها في تأصيل أصولها واختيار وسائلها ومصادرها هو وزارة الداخلية أو جهاز المخابرات العامة إن المقصود من العنوان هو لفت الأنظار إلي أهمية العودة بالدعوة الإسلامية إلي أصولها الأولي في الصدر الأول للإسلام فعلي قدر استقامة الدولة الإسلامية المعاصرة وضبطها بالضوابط الشرعية - ومراعاة الزمان والمكان والمتغيرات العصرية واعتبار قاعدة درء المفاسد مقدم علي جلب المصالح والأخذ في الاعتبار مدي قوة أو ضعف المسلمين - يكون الأمن والاستقرار إن البعض يظن أن تجاهل الخطاب الديني أو تهميشه أو ترويضه أو علمنته يحقق أمناً أو استقراراً وهذا وهم كبير لا ألتفت إلي نوايا أصحابه وإنما أتحدث عن الواقع المشاهد بكل تجرد إحقاقاً للحق وإبطالاً للباطل فلا يمكن بأي حال تجاهل الخطاب الديني المعبر عن الدعوة الإسلامية بكل سلبياته وحسناته فهذا التجاهل يؤدي إلي مزيد من عدم الاستقرار وزعزعة الأمن إن مفهوم تجديد الخطاب الديني المعاصر يتمثل في تنقيته من الخرافة والشعوذة والأحاديث المكذوبة وتنقيته كذلك من العنف والغلو والتكفير وليس تجديد الخطاب الديني هو إلغاء الخطاب الديني كما يحوم حول ذلك البعض أو تفريغ الخطاب الديني من مضمونه الإسلامي فإنني أتفق مع كل من يري انحرافاً في هذا الخطاب المعاصر ولكني أختلف مع الكثير في طريقة تقويم الخطاب الديني فمهما روج البعض من ادعاءات حول نفي بعض المفاهيم الإسلامية أو إلغاء بعض العقائد الإسلامية أو بعض الفرائض والواجبات فلن يفلحوا لأن هناك أصولاً مازالت قائمة في حس العوام والخواص هذه الأصول تتمثل في كتاب الله وفيما صح عن رسول الله من أحاديث ثابتة في مدونات ومراجع أهل الإسلام تمثل حالة اتفاق في عمومها وهذا معلوم عند أدني الناس انشغالاً بالدعوة فمثلاً صحيح الإمام البخاري هو محل اتفاق بين المسلمين قاطبة ومهما صنع بعض المشككين بادعائهم وجود أحاديث مكذوبة أو ضعيفة ضمها صحيح الإمام البخاري أو صحيح الإمام مسلم فلن يفلحوا أبداً إن هذه الدعوات تؤجج نار التطرف وتوسع دائرة التكفير وبالتالي يؤثر ذلك علي أمن واستقرار المجتمع.
إن انضباط الدعوة الإسلامية بالأصول الشرعية والأحوال المرعية يخفف من العبء الأمني ويؤدي ذلك إلي الهدوء والاستقرار الاجتماعي كما أن انحراف الخطاب الديني الممثل للدعوة الإسلامية يؤدي إلي خلخلة اجتماعية داخلية وممكن أن يؤدي إلي كوارث تتعدي المجتمع الداخلي وبالمثال يتضح المقال:
1 - الخطاب التكفيري للنظام والدولة والذي يقوده بعض التيارات يؤدي في النهاية ولو بعد حين إلي رغبة في جمع السلاح والحصول عليه لإزالة هذا النظام وفق معتقد التكفير وإن كان الأمن قد استطاع أن يقلم أظفار الجماعات التكفيرية المسلحة إلا أنه لم ولن يستطيع أن يستأصل أظفارهم بالكلية فتقليم الأظافر يتبعه بعد حين إطالتها وهذا واضح من تتبع التاريخ المعاصر حينما ظهر هذا الفكر في أوائل القرن العشرين علي يد حسن البنا ففي سنة 1954 قام الأمن بتقليم أظافر هذا التيار إلا أنه لم يقلم أظفاره الفكرية واعتمد النظام علي السيطرة الأمنية فمرت السنون وفاجأنا هذا التيار بتيار متفرع منه أشد هو التيار القطبي من خلال تنظيم 1965 وللأسف الشديد استمر نفس النهج بالاكتفاء بتقليم الأظافر العسكرية وترك الأظافر الفكرية فظهرت في المجتمع مع بداية السبعينيات وحتي الآن تجديدات لهذا الفكر تتعدي حدود مصر إلي كل البلاد الإسلامية وما ذاك إلا لتجاهل الردع الفكري المبني علي ضوابط شرعية أصيلة مغيبة - عن عمد أو غير عمد عن علم أو عن جهل - عن الساحة الدعوية والساحة الفكرية بصفة عامة.
2- الخطاب الفكري المبني علي اقتحام الشأن العام والسياسات الخارجية بل والعسكرية والولوج فيها باستخدام آيات وأحاديث في غير محلها مما يؤدي إلي كوارث داخلية وخارجية فدعوي الجهاد المسلح ضد يهود أو ضد أمريكا بدون إذن من النظام وبدون توجيه ممن ينوط بهم أمر إعلان الحرب من عدمها يؤدي إلي إحراج الدولة واستعداء الدول الاستعمارية في وقت وظرف لا يساعد علي هذه الحرب.
3- التدخل في شئون دول أوروبية أو أمريكية في معاملاتها مع المسلمين في تلك البلدان يؤدي إلي إحراج الدولة في معاملات بالمثل قد تسبب احتقاناً طائفياً فالخطاب الديني الرشيد ينبغي أن يصرف جل اهتمامه في توعية المسلمين في مصر علي وجه الخصوص ولا يتدخل في شئون دول أخري بدون إذن مسبق من القيادات السياسية التي تدرك مالا يدركه الخطباء والعلماء بالنسبة للشأن الخارجي.
4 - وكلنا يعلم مدي البلبلة التي أحدثها خطاب ديني منحرف حينما أقامت مصر حواجز أمنية علي حدودها مع غزة لضبط العبور من وإلي مصر وكيف حول البعض المسألة إلي ولاء وبراء يترتب عليه تكفير النظام إما بلازم الكلام أو بصريحه.
5 - وكلنا يذكر تدخل الخطاب الديني في أحداث جنوب لبنان وغزة بدون تنسيق أو تفاهم مع أجهزة الدولة المعنية بالخطاب السياسي والمعنية بالخطاب العسكري والأمني وما نجم عن ذلك من احتجاجات ومظاهرات أدت إلي استنفار أمني كان علي حساب أمن المجتمع واقتصادياته واتساع دائرة المسئولية الأمنية.
6 - كما أن الخطاب الديني الصوفي التواكلي والخرافي يؤدي إلي نفس النتائج وإن كان بأسلوب آخر حيث قد رأينا تجمع بعض الطرق الصوفية وشجبها للقرارات الوزارية التي صدرت بشأن الوقاية من وباء الخنازير كما لا يخفي علي أهل البصيرة أثر الخرافة في تنشئة مجتمع يعيش مغيبا عن واقعه ولاغياً عقله ومبتعداً عن صريح التشريع كما لا يخفي علي الباحثين مدي التوافق بين بعض الطرق الصوفية والدولة الشيعية في إيران وما للأخيرة من توجهات طائفية ومذهبية وأطماع في المنطقة العربية فالفكر الصوفي تربة خصبة وبوابة مفتوحة للتشيع في مصر ينبغي إغلاقها وتجفيفها بالحجة والبرهان بالتي هي أحسن.
فخلاصة القول: إن محاولة تهميش الخطاب الديني أو تجاهله أو تركه علي حاله إنما هو خطأ فاحش ونتائجه وخيمة وقد يظن البعض أنه لا حاجة للنظام لمثل هذا الخطاب في المعترك السياسي داخليا أو خارجيا والحقيقة غير ذلك حيث إنه يصعب علي أي نظام يريد لنفسه استقراراً وبقاءً وعدلاً وتنمية أن يتجاهل هذا الخطاب بل الحكمة تقتضي رد هذا الخطاب إلي ما كان عليه الصدر الأول في بساطته ووسطيته واعتداله وحكمته وعلمه ورحمته فالآفة أننا لا نبحث في مصادرنا الأولي وبالتالي نعالج مشاكلنا بوسائل غير مجدية وكما عبرت عن ذلك من قبل إن المعالجة الحالية تشبه من أراد أن يطفئ النار فأخطأ صنبور المياه وأخذ صنبور البنزين فزاد النار اشتعالاً كما أتمني أن يعكف بعض المفكرين المتجردين لدراسة تراثنا الأول في الصدر الأول فسيجدون ثروة فقهية تعينهم علي وأد الفتن الفكرية من خلال الشعارات الإسلامية ومن هذا المنبر الإعلامي أدعو إلي ندوات محدودة بمفكرين محدودين للبحث فيما يمكن أخذه من أصول الصدر الأول للإسلام وأنا علي يقين من استفادتهم من ذلك في وضع آلية مقبولة للمشاكل الفكرية الدينية المعاصرة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.