أسعار اللحوم والأسماك اليوم 27 يونيو    الأرصاد الجوية تكشف موعد انخفاض درجات الحرارة    ليه التزم بنظام غذائي صحي؟.. فوائد ممارسة العادات الصحية    إصابة فلسطينيين اثنين برصاص قوات الاحتلال خلال اقتحام مخيم الدهيشة جنوب بيت لحم    غارة إسرائيلية تستهدف مبنى شمال مدينة النبطية في عمق الجنوب اللبناني    يورو 2024| «يلماز» رجل مباراة تركيا والتشيك    7 معلومات عن أولى صفقات الأهلي الجديدة.. من هو يوسف أيمن؟    والدة لاعب حرس الحدود تتصدر التريند.. ماذا فعلت في أرض الملعب؟    هانئ مباشر يكتب: تصحيح المسار    إعلان نتيجة الدبلومات الفنية الشهر المقبل.. الامتحانات تنتهي 28 يونيو    مسرحية «ملك والشاطر» تتصدر تريند موقع «إكس»    دعاء الاستيقاظ من النوم فجأة.. كنز نبوي منقول عن الرسول احرص عليه    جالانت: لا نريد حربا ضد حزب الله لكن بإمكاننا إعادة لبنان إلى "العصر الحجري"    إصابة محمد شبانة بوعكة صحية حادة على الهواء    موظفو وزارة الخارجية الإسرائيلية يهددون بإغلاق السفارات    فولكس ڤاجن تطلق Golf GTI المحدثة    فى واقعة أغرب من الخيال .. حلم الابنة قاد رجال المباحث إلى جثة الأب المقتول    بعد اجتماع اللجنة المرتقب.. هل هناك زيادة متوقعة في تسعير البنزين؟    حظك اليوم| برج الأسد 27 يونيو.. «جاذبيتك تتألق بشكل مشرق»    حظك اليوم| برج الجدي الخميس27 يونيو.. «وقت مناسب للمشاريع الطويلة»    جيهان خليل تعلن عن موعد عرض مسلسل "حرب نفسية"    حظك اليوم| برج العذراء الخميس 27 يونيو.. «يوما ممتازا للكتابة والتفاعلات الإجتماعية»    17 شرطا للحصول على شقق الإسكان التعاوني الجديدة في السويس.. اعرفها    سموحة يهنئ حرس الحدود بالصعود للدوري الممتاز    مجموعة من الطُرق يمكن استخدامها ل خفض حرارة جسم المريض    الكشف على 1230 مواطنا في قافلة طبية ضمن «حياة كريمة» بكفر الشيخ    أشلاء بشرية داخل القمامة تثير الذعر بأوسيم.. وفريق بحث لحل اللغز    "الوطنية للإعلام" تعلن ترشيد استهلاك الكهرباء في كافة منشآتها    منير فخري: البرادعي طالب بالإفراج عن الكتاتني مقابل تخفيض عدد المتظاهرين    هل يوجد شبهة ربا فى شراء شقق الإسكان الاجتماعي؟ أمين الفتوى يجيب    إبراهيم عيسى: أزمة الكهرباء يترتب عليها إغلاق المصانع وتعطل الأعمال وتوقف التصدير    سيدة تقتحم صلاة جنازة بالفيوم وتمنع دفن الجثمان لهذا السبب (فيديو)    محاكمة مصرفيين في موناكو بسبب التغافل عن معاملات مالية كبرى    العمر المناسب لتلقي تطعيم التهاب الكبدي أ    نوفو نورديسك تتحمل خسارة بقيمة 820 مليون دولار بسبب فشل دواء القلب    رئيس قضايا الدولة يُكرم أعضاء الهيئة الذين اكتمل عطاؤهم    الجيش البوليفي يحاول اقتحام مقر الحكومة في انقلاب محتمل    ملخص وأهداف مباراة جورجيا ضد البرتغال 2-0 فى يورو 2024    هيئة الدواء المصرية تستقبل وفد الشعبة العامة للأدوية باتحاد الغرف التجارية    بيان مهم بشأن حالة الطقس اليوم.. والأرصاد الجوية تكشف موعد انتهاء الموجة الحارة    الدفاع السورية: استشهاد شخصين وإصابة آخرين جراء قصف إسرائيلى للجولان    إجراء جديد من جيش الاحتلال يزيد التوتر مع لبنان    وزراء سابقون وشخصيات عامة في عزاء رجل الأعمال عنان الجلالي - صور    لإنهاء أزمة انقطاع الإنترنت.. توصيل 4000 خط تليفون جديد بالجيزة (تفاصيل)    بسبب عطل فني.. توقف تسجيل الشحنات ينذر بكارثة جديدة لقطاع السيارات    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه المصري اليوم الخميس 27 يونيو 2024 في البنوك (التحديث الأخير)    الحكومة تحذر من عودة العشوائية لجزيرة الوراق: التصدى بحسم    "ما علاقة هنيدي وعز؟"..تركي آل الشيخ يعلق على ظهور كريم عبدالعزيز مع عمالقة الملاكمة    خالد الغندور: «مانشيت» مجلة الأهلي يزيد التعصب بين جماهير الكرة    ميدو: الزمالك «بعبع» ويعرف يكسب ب«نص رجل»    انقطاع الكهرباء عرض مستمر.. ومواطنون: «الأجهزة باظت»    مدير مكتبة الإسكندرية: استقبلنا 1500 طالب بالثانوية العامة للمذاكرة بالمجان    عباس شراقي: المسئولون بإثيوبيا أكدوا أن ملء سد النهضة أصبح خارج المفاوضات    حدث بالفن | ورطة شيرين وأزمة "شنطة" هاجر أحمد وموقف محرج لفنانة شهيرة    تعرف على سبب توقف عرض "الحلم حلاوة" على مسرح متروبول    سماجة وثقل دم.. خالد الجندي يعلق على برامج المقالب - فيديو    حكم استرداد تكاليف الخطوبة عند فسخها.. أمين الفتوى يوضح بالفيديو    هل يجوز الرجوع بعد الطلاق الثالث دون محلل؟.. «الإفتاء» تحسم الجدل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



معركة الذاتية الإسلامية بين الديموقراطية والحرية.
نشر في الشعب يوم 24 - 10 - 2007


yehia_hashem@ hotmail .com
[email protected]

..... وما هذه الديموقراطية التي تحتفل أو تستمتع بسماع مجموعة هائلة من الأكاذيب عن امتلاك العراق لأسلحة الدمارالشامل يقدمها وزير خارجية أقوى دولة في العالم لتبرير غزو دولة من الدول النامية على مسمع من صفوة رجال السياسة والدبلوماسية والاستراتيجية العالميين في اجتماع مخصص لسماعها بمجلس الأمن دون أن ينبس منهم أحد ببنت شفة ، أو تترجم منهم شفة عن تقزز بما يسمعون من أكاذيب وهم أو أكثرهم يعلمون أنها أكاذيب بدليل ما أخذ يتسرب عنها من حقائق بعد تحطيم العراق ؟
أهذه هي الديموقراطية التي قامت فيها الإدارة الأمريكية بمحاربة إصدار تقرير التنمية البشرية الخاص بالحرية في الوطن العربي، الذي أعده الصندوق الاقتصادي والاجتماعي التابع للأمم المتحدة، لدراسة موضوع التنمية الإنسانية في العالم العربي ، وكان قد انتهى من إعداد الجزء الثالث من مشروعه، الذي عالج مسألة الحرية والحكم الصالح في العالم العربي.
وكما يعلم كثيرون فإن التقريرين، الأول والثاني، أثارا لغطا كبيرا في العالم العربي، في حين جرى الترحيب بهما من جانب الإدارة الأميركية. أو بتعبير أدق ، فقد وظفت إدارة الرئيس بوش بعض المعلومات التي وردت في التقريرين لصالح مشروعها، لمحاولة اجتياح المنطقة العربية.
ورغم حفاوة الإدارة الأميركية وتوظيفها لبعض معلومات التقريرين، إلا أنها لم تكن سعيدة تماما بكل ما جاء فيهما، خصوصا ما تضمنه التقرير الثاني من انتقاد للموقف الأميركي، لأن أحدا لا يستطيع أن يتجاهل في أي بحث موضوعي، أن الممارسات والسياسة الأميركية، تمثل أحد مصادر أزمة العالم العربي. فماذا فعلت واشنطن لكي تعبر عن امتعاضها إزاء ذلك النقد؟
بعثت الإدارة الأميركية برسالة غير مباشرة إلى مسئولي صندوق التنمية، من خلال خصم 12 مليون دولار من مساهمة الحكومة في ميزانيتها. وكان عليهم أن ينجزوا التقرير الثالث عن «الحريات»، غير أن الشق الذي أزعج الإدارة الأميركية وأثار غضبها، هو ما تعلق بتطورات البيئة الإقليمية والدولية. إذ تحت هذا العنوان ذكر التقرير أنه «كان لاستمرار الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، ولاحتلال الولايات المتحدة للعراق، ولتصاعد وتائر الإرهاب، آثار بالغة السوء على التنمية الانسانية العربية. وحيث تحتل الحرية محل الصدارة في مفهوم التنمية الإنسانية، ويمتد مفهومها إلى تحرر الأوطان ، فإن الاحتلال يغتال الحرية ، منظور حرية الوطن وحرية الشعب في تقرير المصير».
هذا الكلام الذي لم يكن اكثر من شهادة أمينة على الحقيقة، ضاعف من غضب الإدارة الأميركية ، التي اعتبرت الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين والاحتلال الأميركي للعراق خطوطا حمراء، وأوضاعا فوق النقد ولها حصانتها الخاصة. وكانت النتيجة أن هددت الإدارة الأميركية بحجب كل المساهمات التي تقدمها لصندوق التنمية، إذا ما صدر التقرير متضمنا تلك الشهادات. ولذلك اختار المسئولون عن الصندوق حلا وسطا ، وهو أن يصدر التقريرعن مؤسسة عربية خاصة، ولا يحمل شعار صندوق التنمية ولا الأمم المتحدة.
المدهش في الأمر أن واشنطن لا تكف عن إعطائنا دروسا في التسامح والقبول بحق الاختلاف والشفافية، في حين أنها في النموذج الذي نحن بصدده، استخدمت أسلوب القمع المباشر لحجب الحقيقة واغتيال الشفافية.
وإذا لم تكن هذه «فضيحة»... فماذا تسمى إذن...؟!) من مقال فهمي هويدي بجريدة الشعب بعنوان " درس امريكي في حجب الحقيقة “ بتاريخ 712005 نقلا عن الشرق الأوسط

وما هذه الديموقراطية التي تستصدر قانونا يتدرع به البنتاجون والمخابرات في اعتقال من تشاء بتهمة الإرهاب بغير محاكمة أو تهمة محددة ، ولغير موعد معروف في الإفراج ، ولتصدير من تشاء منهم إلى معتقلات دول في الشرق الأوسط تقوم بالمهمة نيابة عن " المعلم" في واشنطن؟!
وما هذه الديموقراطية الأمريكية المفضوحة في فضيحة نقل المخابرات الامريكية للمتهمين في قضايا ما يسمى الإرهاب إلي دول تقوم بتعذيبهم للحصول علي معلومات. إذ كشفت شبكة تليفزيون » سي. بي. إس« الأمريكية عن استخدام المخابرات المركزية لطائرة سرية من طراز بوينج 737 وتم اقتفاء اثر هذه الطائرة عبر أسماء شركات وهمية. وقامت الطائرة بما لا يقل عن 600 رحلة الي 40 بلدا وكلها بعد هجمات 11 سبتمبر 2001 ومن بينها 30 رحلة إلي الأردن و17 إلي افغانستان و16 إلي العراق، كما قامت برحلات إلي مصر وليبيا وخليج جوانتانامو في كوبا. وروي المواطن الألماني خالد المصري أنه كان يمضي عطلة في مقدونيا عندما اعتقلته الشرطة لمدة 3 أسابيع ثم نقلته إلي المطار ، وقام بضربه رجال ملثمون ثم حذروه ، وغادرت الطائرة السرية مقدونيا إلي بغداد ، ثم كابول ، وعندما استعاد وعيه في زنزانته بكابول قال له الخاطفون "انك في بلد بدون قانون ولا يعرف أحد أنك هنا" ، وأوضح المصري انه امضي5 شهور في السجن الانفرادي التام ، ثم تم إطلاق سراحه بدون أي تفسير.
وأوضح سفير بريطاني سابق في أوزبكستان إحدي دول التعذيب أن المكلفين بعمليات الاستجواب يستعملون وسائل قاسية غير مألوفة بما في ذلك الغرق والخنق والاغتصاب. وأوضح السفير السابق أن معظم المعلومات التي حصلت عليها المخابرات الامريكية جاءت من التعذيب وأن هذا لا يشكل أي قلق لها. وقد أشارت شبكة " سي. بي. اس" إلي استدعاء الدبلوماسي البريطاني إثر ذلك إلي لندن منذ 4 شهور حيث تم وقفه عن العمل منذ ذلك الوقت. الوفد بتاريخ 832005


وما ذا تعني المطالبة بالديموقراطية التي تسعى أمريكا لفرضها وفقا لمشروعها الكبير للشرق الأوسط الكبير كما جاء بالمذكرة الأمريكية التي نشرتها جريدة الأسبوع بتار يخ 1622004؟
غير أنها تقول و بتركيز شديد ولكنه دقيق : على حكام المنطقة أن يمنحوا هذه الديموقراطية " لأصدقاء أمريكا " في بلادهم ، وأن يمنعوها عن أعدائها بيد النظام ولو كانوا من بطانة الحكام أ و ركائز النظام .

وأشارت المذكرة إلي أن البرنامج الديمقراطي المقترح يتطلب أن تكون الشخصيات المرشحة للعمل النقابي وإدارته من الشخصيات الداعمة للتوجهات السياسية والفكرية للمصالح الاستراتيجية العليا للأمن والاستقرار في الشرق الأوسط. و دعم بعض الشخصيات غير المعادية للسياسة الأمريكية من أجل تولي قيادة وإدارة العمل النقابي.
وأشارت المذكرة الأمريكية إلي أن الكتاب والصحفيين المصريين درجوا علي نشر أي مادة إعلامية مناهضة للولايات المتحدة في صحفهم حتي اكتسبت أمريكا في أذهانهم وأذهان المواطنين مفهوم 'قوة الشر الأولي في العالم' وأن الإدارة الأمريكية تري أن ذلك لا يتفق مع متطلبات الحوار الاستراتيجي المهمة في المرحلة القادمة، وأن الحكومة المصرية ستكون إحدى مسئولياتها كبح جماح هذه الادعاءات المزيفة أو تلك الأقلام التي تضر فعليا بالأمن والاستقرار في المنطقة.....وتقول المذكرة: إن استمرار هذا التوجه وبذات الكيفية سيؤثر حتما علي مصالح الأمن والاستقرار في المنطقة، وأن الأمر يستوجب إجراءات حاسمة في مواجهة هذه الصحف وهؤلاء الكتاب .) اه التقرير باختصار

أهذه هي الديموقراطية المستوحاة من أم الديموقراطيات ؟ المنتدبة عالميا لفرضها علينا بقوة السلاح ؟ تبا لها إذن

وما هذه الديموقراطية في بلد كبريطانيا تسمح لها باعتقال ستمائة شخص مسلم دون تهمة أو محاكمة بالرغم من إبطال هذه الاعتقالات من أعلى جهة قضائية في البلاد ، أو تسمح لها باستصدار قانون – بتاريخ 1132005 – يسمح باعتقال المتهمين بالإرهاب دون إطلاع أحد منهم على التهمة أو أدلتها المأخوذة عليه ؟
وما هذه الديموقراطية في بلد كأسبانيا تسمح لها باعتقال تيسير علوني الإعلامي الشهير في زنزانة شديدة الضيق شديد البرودة شديدة الحرمان ؛ في انتظار محاكمة لا يدرى مبتدأها ولا منتهاها لمحض شبهة تعرفه على بعض أعضاء القاعدة – وهي مهنته البحتة – بل لمحض كونه بشرا يحس إحساس البشر، ببعض كوارث المسلمين من البشر : في أفغانستان والعراق ، فقط يحس ، فقط لظهور حسه في صوته عند تقديم أخبارهم .!!
وما هذه الديموقراطية في بلد كألمانيا تسمح بما حدث منذ سنين قليلة في برلين إذ رفضت السلطات " العلمانية " انعقاد ( المؤتمر الشعبي العربي الإسلامي الذي كان مزمعا في 1-2-3 102004) رفضت انعقاده لا لسبب في قوانينها ، ولكن لسبب من حساباتها " لصالح الصهيونية اليهودية في ألمانيا " ، وهي تيار ديني ، ويا للمفارقة .
وما هذه الديموقراطية في بلد كفرنسا تسمح باستصدار حكم قضائي بمنع بث قناة " المنار " في الفضاء الذي تسيطر عليه ؟ 14122004 ، ولا تسمح للفتيات المسلمات بتغطية شعورهن ؟
وما هذه الديموقراطية التي دعت وزيرة الشؤون الداخلية النمساوية ليزا بروكوب الى اصدار قانون يمنع الفتيات من ارتداء الحجاب الاسلامي في المدارس بالنمسا، الامر الذي اثار استياء العديد من المجموعات المسلمة في البلاد. حيث اعتبرت الوزيرة في حديث بمناسبة اليوم العالمي للمرأة ان الحجاب لا يتماشى مع معايير الحياة الغربية. موقع شهود 932005.
وما هذه الديموقراطية التي تسعى إلى علاقة حرام مع الطائفية في لبنان ولا ترضى بعلاقة مشروعة مع حزب الله
وما هذه الديموقراطية التي تجمع بين أمريكا وفرنسا في ادعاء عدم صحة إجراء الانتخابات في لبنان في وجود قوات سورية ولا ترى مانعا من إجرائها في ظل الاحتلال الأمريكي في كل من أفغانسان وفلسطين والعراق ؟
وما هذه الديموقراطية التي تحرم على المستوى العالمي نقد دولة إسرائيل بدعوى معاداة السامية ؟
وما هذه الديموقراطية التي تسمح بتسليم مواطنات مصريات لسلطة زمنية موازية لسلطة الدولة لإثنائهن عن إسلامهن تحت ما يسمى النصح والإرشاد لتغييبهن هناك في دياجير الدير دون أن يعرف عنهن أحد شيئا بعد ؟

وما هذه الديموقراطية التي تسمح بأن تكون " هيئة الأمم المتحدة " مرهونة بإرادة مطلقة لدولة " الفيتو" الكبرى ؟ وتحت أنيابها سحقت حقوق الإنسان الفلسطيني والعراقي والأفغاني والشرق الأوسطي
وما هذه الديموقراطية التي تسمح بتزايد حالات التعصب والتمييز حيال المسلمين ا في أوروبا الغربية. وفقا لما أعلنه اتحاد هلسنكي الدولي لحقوق الإنسان في تقرير نشر الاثنين 732005في فيينا.. وأضاف الاتحاد أن "الشعور المتنامي بالتهديد المرتبط بالتطرف الديني عزز حالات التمييز ضد المسلمين الذين يشعرون بأنهم يتعرضون أكثر فأكثر للعدائية بسبب دينهم". كما أكد الاتحاد زيادة حالات التعرض للإهانات والإضرار بالممتلكات والاعتداءات الجسدية التي يتعرض لها المسلمون في 11 دولة من دول غرب أوروبا (ألمانيا والنمسا وبلجيكا والدنمارك وإسبانيا وفرنسا واليونان وإيطاليا وهولندا وبريطانيا والسويد). وقال رئيس الاتحاد اولريش فيشر في مؤتمر صحافي في مقر الاتحاد في فيينا "لا نستثني أي دولة من هذه الظاهرة". وذكر مدير الاتحاد اهارون رود أن "الأوضاع إلى تدهور مستمر ، و باتت بعض وسائل الإعلام والأحزاب السياسية تشعر بحرية في "التعبير بوضوح عن عدائها للمسلمين" الذين غالبا ما باتوا يعتبرون "غرباء" و"يشكلون خطرا". ". وتضم أوروبا الموسعة نحو 20 مليون نسمة يتحدرون من دول مسلمة بينهم خمسة ملايين في فرنسا وثلاثة ملايين في ألمانيا و1,5 مليون في بريطانيا

ومع ذلك يتمسح بعضنا بهكذا ديموقراطية وهي ماثلة أمامهم في صورتها الممسوخة في" محض إجراءات " صندوقية متنافسة للوصول إلى السلطة ، ليقوم فريق منها بفضح فريق أخر في لعبة القوى الرأسمالية الاستعمارية العالمية ؟
مع ذلك يتمسح بعضنا بهكذا ديموقراطية مهما أعلنت علينا الحرب في فلسطين وأفغانستان والعراق ولبنان والشرق الأوسط الكبير ؟ إذ صارت " محض إجراءات إدارية مظهرية خالية من أساسها في "الحرية " ، وهي الحرية التي لا يحسها المسلم ولا يمكن أن يحس بها – بحكم جيناته الثقافية - - في غير توحيد الله في الإسلام " إياك نعبد " ، وحدك لا شريك لك ، وحدك لا شريك لك من مال أو حزب أو زعيم أو فيلسوف !
وأخيرا نقول : إنه إذا كان قد تقرر في الديموقراطية في التسعينيات من القرن الماضي أنها محرمة على الإسلاميين ( الحالة الجزائرية ) إلا إن اتخذوا الإسلام مجرد يافطة ( الحالة التركية ) ...فلقد أصبح الأمر أكثر تحديدا في بداية القرن الواحد والعشرين فيما يتصل بشعوب الشرق الأوسط " الكبير " عندما تقرر أنها – أي الديموقراطية – حكر لأصدقاء أمريكا وإسرائيل في هذه الشعوب ( وهم أعداء الإسلام بالضرورة ) ، ولا نصيب فيها لخصوم أمريكا ( ومنهم أبناء الإسلام عادة ) : على وجه التحديد ولو كانوا من " أصدقاء النظام الصديق " !! ولذا فقد جاءت إلينا في تجلياتها الشيطانية في دعاواها الكاذبة ، وعندما أطل التيار الإسلامي برأسه من بين منافذها قلبوا المائدة على رءوس الحاضرين ، كما حدث في الجزائر في بداية التسعينات ، وكما حدث ويحدث في تركيا ومصر وسوريا وتونس وليبيا والمغرب مع تنوعات مختلفة على لحن واحد

وبينما يدعو الدراويش السماسرة إلى نظامهم المنقول حرفيا باسم الحرية تجدهم عندما تضيق بهم الحجة - إزاء مذابح الحرية التي يمارسها الغرب ضد القوميات والألوان والأيديولوجيات المخالفة - تجدهم ينسحبون سريعا إلى الدعوة لهذا النظام باسم القوة التي أحرزها .
ويتناسى هؤلاء أن القوة ليست بالضرورة دليلا على الحرية - وهي موضوعنا - أو ثمرة من ثمراتها .
كما يتناسون أن القوة إن كانت حجة لصلاحية النظام فإنها تقف في جانب النظام الإسلامي - في حال تطبيقه - ذلك الذي يشنعون عليه ، إذ من الثابت أنه حقق أقوى دولة في دورته التاريخية في عصور فجره وضحاه وظهره ، ويكفي أن نتذكر ما لا يريدون لنا أن نتذكره في مستوى المعيشة والتعليم والمنعة ، ولنسأل البحر الأبيض كيف كان بحيرة عربية إسلامية .
كما أنهم يتناسون أن القوة الحالية للغرب ما هي إلا قشرة الرعب الذي صنعته عبقرية السلاح النووي ، كطفرة تكنولوجية خالية من جميع القيم الإنسانية ، وإلى حين .
ويتناسون - أو يجهلون - طبيعة الانتفاخ البالوني للدولار الأمريكي ، ذلك الذي يسمح للولايات المتحدة الأمريكية بمقايضة أربعين دولارا وهميا في البورصات العالمية مقابل كل دولار واحد يتم تداوله تجاريا بشكل فعلي ، كما يقول الدكتور خير الدين عبد الرحمن في مقال له بجريدة الخليج 2031998 ، وتكتمل دائرة فهمنا لهذا الوهم عندما نشير إلى الرأسمالية الصهيونية العالمية التي ترتهن هذه الأكذوبة الكبرى ومصير الغرب كله لحسابها الخاص .

وفي غمرة نشوة الدراويش بقوة هذه الديموقراطيات للترويج لها كنموذج حضاري للعولمة تراهم يزعمون أن من فضائل الديموقراطية أنها لا تتسبب في إشعال الحروب ، ويرد أحد الكتاب على هذا الزعم فيقول : ( إن هذا القول مردود عليه تاريخيا عشرات المرات ، فالاستعمار وحروبه ضد معظم شعوب الأرض قامت بها حكومات ديموقراطية ، ... والصحيح هو أن الحكومات الديموقراطية وغير الديموقراطية تشعل حروبا ، إن كان في إشعالها مصلحة ولو بعد فترة . ) [1]
وماذا حدث بعد أن خاضت الدول الديموقراطية الحرب العالمية الثانية وضحت فيها بخمسة وخمسين مليون قتيل من أجل خاطر عيون الديموقراطية ، وعلى مذبحها المقدس ، واصبح العالم في قبضة المنتصرين تحت حكم الأمم المتحدة وتحت قيادتهم الاستعمارية ؟
[2].
وحلف الناتو – الديموقراطي – هو الذي ما إن فرغ من إسقاط الاتحاد السوفيتي بمختلف الطرق العسكرية والاقتصادية والمخابراتية حتى توجه إلى مناجزة الإسلام حيث قرر في قمته التي عقدت في 24 4199 توسيع نطاق عمله ليشمل التدخل العسكري خارج حدود الدول الأعضاء لمواجهة ما سماه خطر الإرهاب الدولي ، وانتشار أسلحة الدمار الشامل – إلا في إسرائيل –!! وهذا يعني البلاد الإسلامية في المقام الأول .

إن الديموقراطية في الغرب - وتلك ثمراتها - ديموقراطية محددة ،مفصلة على مقاس السلطة هناك .. هي حرية القول لا حرية الفعل ، وحرية التعبير لا حرية التغيير .. ففي دول الديموقراطية الغربية تستطيع أن تكتب كل شيء دون إن تغير أي شيء ،

والحرية في الغرب للاستهلاك المحلي ، ففي بلادهم ينادون بحرية المرأة ، أما في مستعمراتهم فيصادرون حرية الرجل . والقانون الغربي يحظر قتل شخص ..ويتجاوز عن قتل مئات الألوف في هيروشيما. وفي يوم واحد
وقوانين النظافة عندهم تحظر إلقاء النفايات في الشارع ولا بأس من إلقاء النفايات في العالم الثالث!
وهم يتطورن صناعيا ويخترعون ما لا يحصى من المنتجات الصناعية لخير البشرية .. ولا يمنعهم ذلك من اختراع أدوات التدمير والقنابل النووية ، والانشطارية ، والفوسفورية ، والفراغية ، والارتجاجية ،وقنابل النيوترون التي تقضي على الإنسان وتبقي على الأبنية [3].

وهم يشتهرون دعائيا بالتزام الصدق في المعاملة لكنهم يرتكبون جريمة الكذب في نسبة الأعمال العلمية الكبرى لغير أصحابها ، فبعض العباقرة الذين يتحدث العالم عن عبقرياتهم بما يشبه الانبهار لم يكونوا عباقرة على الإطلاق ، وإنما أناس عاديون سرقوا عبقريات غيرهم ،ونسبوها لأنفسهم ،ومنهم صمويل مورس في عالم الاتصالات ، وتوماس إديسون في عالم التسجيلات الصوتية ، ،وجراهام بيل في عالم التليفونات [4].
ومن هنا فإنه ليحق لنا أن نضيف الديموقراطية إلى المستحيلات التي استقرت في التراث العربي : الغول والعنقاء والخل الوفي

أية ديموقراطية تقدمها إلينا العلمانية إذن ؟
ليس هذا رفضا مجردا ولكن تساؤل ؛ تساؤل حقيقي
أجيبونا قبل أن تقولوا : رافضة .
ومهما يكن فإنها عندما تأتي إلينا من رحم العلمانية – وهو رحم غير متطهر - لنختار بينها وبين الجهاد ضد صليبية الغرب – وهي صليبية مشهورة - ينبغي أن نقول بغير تردد : إلى مقبرة الغرب علمانية وديموقراطية معا .
مشفوعة بتحيتنا :
ألا أيتها الديموقراطية الممهورة بخاتم الامبراطور الأمريكي في واشنطن : لقد كفرنا بك من أجله
ألا أيتها الديموقراطية الممهورة بخاتم الامبراطور الأمريكي في واشنطن : " الله الغني " .
ألا أيتها الديموقراطية الممهورة بخاتم الامبراطور الأمريكي في واشنطن : طظ .


إفراغ الجعبة :
ونحن لا نذكر ذلك في مجال المقارنة بين هذه الأوضاع في البلاد الديموقراطية ، وبين الأوضاع المتردية في البلاد الإسلامية المعاصرة ، ولكننا نذكره في مجال المقارنة بينها وبين نداء الذاتية الإسلامية ولتذهب الأوضاع المتردية إلى الجحيم .
ومع ذلك فإننا لا ندعو إلى صد محاولات تطبيق الديموقراطية في بلادنا ، من باب المساعدة على ( إفراغ الجعبة ) إذ أن ذلك في رأينا هو من باب كيد الله الذي يمهد لرجوع الإسلام بذاتيته المستقلة بعد فشل التجارب الغريبة عنه ، خاصة وأننا نلعب في الوقت الضائع !! .
لا بأس فليحاول من يملك المحاولة الديموقراطية ، أو من هو مضطر إليها ، فلعل المحاولة أن تكشف عن أبواب ستظل مغلقة ، أو تفضح دعاوى لن تزال مضطربة ... أو تؤكد فشل تجارب مستغربة ... لكن ... لا ينبغي أن نخدع أنفسنا عن جوهر القضية ظانين أننا بذلك نضع أقدامنا على أول الطريق .
لقد كانت للأمة الإسلامية بعد انهيار دولتها تجارب طويلة فاشلة ، وطنية أو قومية أو اشتراكية أو حداثية إلخ ماهنالك ... وستستمر لفترة غير قصيرة ، وعلينا أن نستفيد منها بأن نسأل أنفسنا ونجيب عليها : لماذا كان الفشل ؟

ولاشك أن الفشل لدينا - في تجارب الديموقراطية - هو أضعاف عجزها عن تحقيق أهدافها في الغرب - فلماذا كان الأمر كذلك ؟
للجواب على ذلك نقول : إن التجربة في بلاد الغرب أقرب إلى نسق الحضارة التي احتضنتها ، هناك حيث تقوم الحضارة مستقلة عن مصادر التوجيه والعناية الإلهية ، هناك حيث يتناسب نسق الإنسان والدولة والحضارة تحت مفهوم العلمانية دون نزاع أو شقاق ،
إنها حضارة ( من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها وهم فيا لا يبخسون ) لذلك استقر الوضع بالرغم من عوراته ، استقر وتعضون كما استقرت وتعضونت مفاسد البيئة ، والعنصرية ، والانحلال ، والبطالة ، والربا ، الخ ، .. استقر هناك لأنه اتسق مع النسق الأساسي للمجتمع : نسق العلمانية ، نسق صنع الحياة وفق إرادة الإنسان ، هناك حيث طرح النسق الحضاري وراء ظهره ما هو معجون في دماء شخصيتنا الإسلامية - وان بدا مفقور الدم بعدوى الفيروس الأوربي - نسق صنع الحياة وفق إرادة الله .
فهيهات أن ننقل نسقهم إلى نسقنا : إنه فارق هائل بين مشروعهم للحضارة ، ومشروعنا نحن .. وهو ينعكس بدوره على قضية الحرية في عالمنا الإسلامي .
إننا لو نقلنا نسقهم لفسد في يدنا نسقهم ونسقنا جميعا ، إننا إذن نرفع شعارا من واقع نظريات وفلسفات وتجارب منبتة الصلة بضمائرنا وأرواحنا وشخصيتنا ، ويكفي أن نستذكر معا - ما الذي كان يقوله المسلم - في الأجيال الماضية - عندما كان يشعر بضغوط غير مقبولة واقعة عليه ؟ لم يكن يقول كما يقول الرجل العلماني المعاصر : اذهب عني فأنا حر ، وإنما كان يعلن كلمته الاحتجاجية قائلا : لا إله إلا الله ، سبحان الله ؛ وذلك كان عنوان رفضه للعبودية والذل والخضوع لغير الله .

وإذا كان لنا أن نقوم هذه الفروق من زاوية الحرية ، فإننا ننطلق هنا من مبدأ : أن من يشرع لك فانه يستعبدك .
ففي الإسلام يكون التشريع لله وحده والعبودية لله وحده ، والحرية عن كل ماعداه . بينما في الديموقراطية يكون التشريع لغير الله ، فتكون عبوديتك لمن يشرعون لك ، وحريتك عن الله وما يصدر عنه من أوامر الدين ونواهيه . وانظر بعد ذلك مساحة الحرية وسموها في كل من الجانبين وفقا لما سبق أن قدمناه .
نعم فان من يشرع لك يستعبدك .
ذلك أن التشريع لكائن ما : يعني أن المشرع يضع له خطة بنائه وخطة تشغيله .
ففي المعجم الكبير للطبراني بسنده عن عدي بن حاتم قال : أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وفي عنقي صليب من ذهب ، فقال : يا عدي اطرح هذا الوثن من عنقك . فطرحته فانتهيت إليه وهو يقرأ سورة براءة ، فقرأ هذه الآية { اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله } حتى فرغ منها ، فقلت : إنا لسنا نعبدهم ، فقال : أليس يحرمون ما أحل الله فتحرمونه ، ويحلون ما حرم الله فتستحلونه ، قلت : بلى ، قال : فتلك عبادتهم .
لسنا وحدنا الذين نقول بذلك في مجالنا الإسلامي ، ولكن هذا المعنى متقرر أيضا عند الذين يؤرخون أو يشرعون في المستوى الإنساني العام أو في مستوى العلمانية بوجه خاص . يقول الدكتور هرمان راندال في كتابه تكوين العقل الحديث عن تأثير بنتام في حركة التشريع في القرن الثامن عشر : ( إن الناس أخذوا يسعون لتقليد الله بوضع قوانين للمجتمع البشري ، فما صنعه الله للطبيعة والإنسان معا يصنعه المشرع للمجتمع . ) ويقول مونتسكيو : ( لو لم يكن هناك إله على الإطلاق ، وتحررنا كما يجب من عبودية الدين ( !! ) فيجب ألا نتحرر من عبودية العدالة ) .وهذا إدراك صادق منهما لعبودية الإنسان للمصدر الذي يشرع له .
وإذا كان مونتسكيو ينتقل أو يرى أن ينتقل من عبودية الدين إلى ما يسميه عبودية العدالة فإنه لا يخفي علينا أن عبودية الإنسان للعدالة إنما هي في حقيقتها عبودية منه للمصدر الذي يحدد له مفهوم العدالة وتطبيقاتها .. وإذن فلا مبالغة في قولنا : إن من يشرع لك يستعبدك
ومن هنا يصبح النظام الإسلامي بذاتيته المتفردة هو النظام الوحيد الذي يحميك من المشرع غير الله ، والذي يحميك بالتالي من العبودية لغير الله ، والذي يحقق لك حريتك الإنسانية كأسمى ما تكون بشريا .
وهنا نعود فنؤكد أن الحرية المطلقة لا تتفق مع طبيعة الإنسان ، إذ لابد من ناحية عبودية تقوم فيه .
والفلسفات التي تلقي بالإنسان في صحراء التمرد على طبيعته ، أو تزعم له نظريا أنها تدعوه إلى الحرية بعيدا عن الدين ، تلقي به في تيه لا يتفق مع قدراته ولا مع طبيعته ، وتؤدي به عمليا إلى الوقوع في براثن النخاسين الذين يشرعون له والذين يتربصون به على طريقه .
كذلك فان الفلسفات أو السلطات التي تكبل الإنسان بالعبودية تقمع فيه قدرته وتشوه طبيعته ،وتنزل به من رتبته في سلم الوجود .
ومن هنا كان لابد من توازن بين الحرية والعبودية . توازن دقيق صارم . وليس هناك من توازن في هذا السبيل يطلق قدرات الإنسان ويحافظ على طبيعته إلا بما نجده في التشريع الإسلامي . توازن دقيق صارم بسيط . عبودية لله ، وحرية عما عداه . ولا تسمو حرية للإنسان إلا بعبوديته لله . ولا تتطهر عبوديته إلا بحريته عن كل ماعداه ، في ( إياك نعبد )

مشكلة الحرية والذاتية :
في هذه المشكلة يتكشف لنا مجال جديد من مجالات الزيف الذي وقعنا فيه ، وأسهمنا معه ، وصممنا عليه . وهو زيف لابد من إزاحته قبل أي عمل جاد مثمر في مجالات البناء السياسي والاقتصادي والاجتماعي ...الخ
انه زيف لا يبدو أننا بدأنا بعد في محاولة التخلص منه ؛ إننا يجب أن ندرك في مشكلة الحرية حقيقة المنطلق الذي زرع في أحشائنا : وهو منطلق العبودية لله وحده طريقا للحرية .
أما أولئكم في المشروع العلماني فانهم يطرحون شعار الحرية لينتهي بهم إلى العبودية ، وليس أدل على ذلك مما هو وارد في عمق الذاتية الإسلامية من حقيقة محض إنسانية ، وذلك في قوله صلى الله عليه وسلم ( تعس عبد الدينار ، تعس عبد الدرهم ) حيث بين في كلمات ثلاثة : وضع الإنسان المعاصر - الذي اتخذناه مثلا - : عبودية ، لغير الله ، وتعاسة، معا .
إن الطريق في حل مشكلة الحضارة يبدأ في الكف عن البحث عن أوجه التشابه بيننا وبين الحضارة الأوربية العلمانية المعاصرة ، ولنلتفت إلى البحث عن وجوه التميز الذاتي ، لابد من تصحيح مسارنا الحضاري أساسا ، لابد من تحديد مشروعنا لبناء الحضارة وفقا لمبدأ الذاتية .
وعندئذ - في الطريق إلى الحرية - لابد من رفع شعار العبودية ، العبودية لله وحده ، عندئذ أيضا لا تكون الحرية مشكلة ، إنه عندما يكون الجو نقيا فليس من ضرورة للتحدث عن الأكسجين ، أما الحديث عن الأكسجين ، فيأتي في الجو المسموم ، يأتي في شوارع الحضارة المعبأة بسموم الدخان ، وهو دخان العبودية لغير الله .

والله أعلم
------------------------------------------------------------------------
[1] الأستاذ جمال مطر ، جريدة الخليج في 12 2 1998
[2] جريدة الخليج 26 10 1995
[3] جريدة الخليج 15 1. 1995
[4] جريدة الخليج في 12 12 1995


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.