عبر سنوات ممتدة كرست فيها قلمي لمواجهة السلبيات المجتمعية علي أصعدة مختلفة كان السؤال المتكرر بل الأسئلة: وماذا بعد؟ هل تري فائدة من الكتابة؟ وكانت النصائح تتوالي بالكف عن تلك المواجهات التي لا تجلب غير وجع الدماغ وما هو أفدح لم تختلف الأسئلة ولم تتغير النصحية سواء كانت الكتابة تتناول الشأن الكنسي أو الشأن العام وبين الأسئلة والنصائح كانت سلسلة الاتهامات تتوالي بالعمالة والتآمر والتحالف مع جهات مناوئة. واكتشفت أن هذا يتكرر مع كثيرين من الكتاب والمفكرين خاصة كتيبة المدافعين عن مدنية الدولة ومواجهة غول الطائفية وسرطان التطرف. ومنذ وقعت أحداث نجع حمادي الدامية لم تنم أقلامنا ولا تحركاتنا عبر الندوات والاجتماعات لا للتنديد والشجب والاستنكار بل لتدارس واقعنا والبحث في الأسباب ومحاولة مقاربة الحلول الواقعية وتطور الأمر إلي تكوين اللجنة الوطنية للتصدي للعنف الطائفي والتي ضمت أكثر من أربعين منظمة ومركزاً مدنياً فضلاً عن مائة وخمسين ناشطاً وبحسب تقرير رصد حراك ذلك التجمع نقرأ: وقد بدأت اللجنة نشاطها بتنظيم وقفة احتجاجية ناجحة أمام مكتب النائب العام في 9 يناير 2010 وفي تصعيد لنضالها للتصدي للعنف الطائفي دعت اللجنة إلي وقفة احتجاجية أمام مجلس الشعب يوم الأربعاء 3 فبراير 2010 يتزامن معها تقديم عريضة مرفقة بمطالبها إلي مجلس الشعب والتي تتلخص في: أولاً: إصدار التشريعات المناسبة لتفعيل المادة الأولي من الدستور وعلي الأخص تلك التي وردت في العديد من توصيات المجلس القومي لحقوق الإنسان منذ نشأته في 2003 وورد البعض الآخر منها في التقرير البرلماني للجنة تقصي الحقائق التي شكلها مجلس الشعب حول حادث الخانكة برئاسة د.جمال العطيفي عام 1972، ونخص منها: 1 - قانون إنشاء وترميم دور العبادة الموحد المعروض بالفعل علي المجلس منذ عام 2005. 2 - قانون تكافؤ الفرص ومنع التمييز المقدم من المجلس القومي لحقوق الإنسان. 3 - قانون يجرم الحض علي الكراهية علي أساس الدين. 4 - القوانين اللازمة للتأكيد علي احترام حرية العقيدة ومعاقبة من يتعرض للمواطنين لمنعهم من حرية ممارسة الشعائر الدينية. ثانياً: المحاسبة السياسية للمسئولين الذين يثبت تقصيرهم في أداء واجباتهم. ثالثاً: ممارسة مجلس الشعب لدوره في تأكيد الصفة المدنية للدولة القائمة علي مبدأ المواطنة وتكريس المساواة عبر: 1 - مراجعة كل ما يتخذ من قرارات إدارية ومشروعات قوانين، وكذلك الموجود منها، للتأكد من أنها لا تنطوي علي أي تمييز بين المواطنين علي أساس الدين أو تقييد لحرية العقيدة وممارسة الشعائر. 2 - التصدي للمنابر الإعلامية التي تعمق التمييز بين المواطنين علي أساس الدين، ومواجهة ما يروج من كتابات وبرامج تنطوي علي تعميق جذور الفرقة والاختلاف بين أبناء الوطن الواحد. 3- مراجعة المناهج الدراسية وتنقيتها من كل ما يعمق الفرز الطائفي بين المواطنين المصريين، وتقييم أداء المعلمين وأسلوبهم للتأكيد علي أن الوطن ليس حكرا علي دين دون آخر. وخلال الوقفة الاحتجاجية أمام مجلس الشعب أمس الأربعاء تخللها لقاء تم ترتيبه مع رئيس مجلس الشعب، في بادرة تحسب تطوراً للتفاعل الرسمي مع الحراك الشعبي، والذي جاء ترجمة لنداء السيد الرئيس حسني مبارك، الذي وجهه في عيدي العلم والشرطة، بمشاركة النخبة والمثقفين برؤاهم وتصوراتهم في اقتحام المناخ المتطرف والطائفي. توافد المشاركون في الوقفة منذ حوالي الساعة الحادية عشرة والنصف وتراوح عدد المشاركين بين 100 و150 فردا ورفعوا لافتات عليها شعارات تؤكد إدانة الطائفية وتنادي بالوحدة الوطنية مثل: مصر لكل المصريين، لا للطائفية.. نعم للدولة المدنية، نعم لحرية الاعتقاد لا للتعصب الديني، لا لإفلات المجرمين والمحرضين من العقاب، نطالب بمحاسبة المسئولين المقصرين في حماية المواطنين.. نطالب بتشريع عاجل لمعاقبة الحض علي الكراهية، نطالب بقانون موحد لدور العبادة، نطالب بتشريع للمساواة وتجريم التمييز، المواطنة= الدولة المدنية= المساواة والعدالة. وفي اللقاء الذي تم مع الأستاذ عبدالعزيز مصطفي وكيل المجلس نقل إليهم اعتذار الدكتور أحمد فتحي سرور عن عدم حضور اللقاء لأنه يرأس جلسة منعقدة لمجلس الشعب، وحيا اللجنة ووصفها بأنها لجنة تحركها مصلحة الوطن وأنها فعلت الصواب بلجوئها لمجلس الشعب. تحدث في البداية الدكتور محمد منير مجاهد واستعرض العريضة والمطالب الأساسية فيها ثم قدمها مع إعلان تأسيس اللجنة إلي وكيل المجلس، وتوالي أعضاء اللجنة في عرض وجهات نظرهم في الأحداث الطائفية مع التركيز علي دور التشريع في إتاحة المناخ المناسب لتدعيم المواطنة وإزالة الإحساس بالمرارة والظلم الذي يعاني منه المسيحيون في مصر. قدم الأستاذ إبراهيم نوار عرضا وافيا لزيارته إلي نجع حمادي والتي شارك فيها من الحضور كل من الأستاذ جورج إسحق والدكتور عبدالجليل مصطفي، وأوضح نوار أن الكثير من هؤلاء الضحايا كان يعول عائلته وأنه من المهم حل هذه المشكلة بتعويضات تحفظهم. أثار المهندس عماد عطية موضوع الحديث الذي أدلي به الدكتور فتحي سرور للبي بي سي.. وقال فيه إن سبب أحداث نجع حمادي هو قيام شخص مسيحي باغتصاب فتاة مسيحية وأنها ماتت بسبب هذا، وقال إن هذا الحديث قد أثار استياء الكثيرين لأن الدكتور فتحي قامة قانونية كبيرة وكان يجب أن يكون حذرا في كلامه فالمتهم بريء حتي تثبت إدانته، كما كان من الواجب أن يتحري الدقة، فالنيابة العامة تتهم الشاب بهتك عرض الفتاة وليس اغتصابها. تحدث بعد هذا أعضاء مجلس الشعب الذين حضروا الاجتماع وأعلنوا تأييدهم لمطالب اللجنة ووعدوا بالمساعدة في تحقيق ما فيها، وقد استمر اللقاء حتي الساعة الثانية وكان لقاء وديا، وفي نهايته أوضح وكيل المجلس أنه سيعطي أولوية أولي لأسر الضحايا وسيحرك الموضوع مع وزير التضامن الاجتماعي، كما سيعرض طلبات اللجنة علي رئيس المجلس. انضم الوفد مرة أخري إلي الوقفة الاحتجاجية حيث ألقي المهندسي عماد عطية بياناً شرح فيه ما دار في الاجتماع وانتهت الوقفة الناجحة بأن أنشد الجميع النشيد الوطني. ومازال للحديث بقية