لا كرامة لنبي في وطنه.. تلك هي المقولة الدقيقة التي تنطبق علي الفنان المصري القدير الراحل إيزاك فانوس. هذا الفنان الذي يعد واحداً من أشهر رسامي الأيقونات ليس فقط في مصر، بل في العالم كله. يعد د. إيزاك فانوس واحداً من أشهر المهتمين بالفن القبطي ورواده، ولقد شملت أعماله الإبداعية: الأيقونات والجداريات (من الفريسك والموزاييك) والزجاج الملون المعشق.. وهو ما جعل بصماته الفنية موجودة في العديد والعديد من الكنائس في مصر والعالم كله. بدأ إيزاك فانوس اهتمامه بالفن القبطي عقب حصوله علي دبلوم الدراسات العليا من معهد الدراسات القبطية سنة 1958. وهو ما ساعده فيما بعد في الحصول علي منحة دراسية من المجلس الأعلي للكنائس سنة 1965 لدراسة الترميم في فرنسا، ثم حصل علي دبلوم من معهد الآثار التابع لمتحف اللوفر، كما نال درجة الدكتوراه في ذات الوقت في فن الأيقونة من معهد القديس سرج بعد أن تتلمذ علي يد الفنان الروسي الشهير ليونيد أوسبنسكي. وأذكر أن الراحل الفنان إيزاك فانوس قد ذكر لي أنه إذا كان أوسبنسكي قد علمه تذوق الفن القبطي من خلال شكله المرئي، فإن بول إيفدوكيموف (أستاذ اللاهوت الأرثوذكسي) قد رسخ فيه ما أطلق عليه لاهوت الجمال أو لاهوت النور الذي يجب أن تعبر عنه الأيقونة وتظهره لكل من يراها. استطاع إيزاك فانوس أن يقوم بتطوير شكل الأيقونات القبطية.. للدرجة التي جعلته صاحب مدرسة فنية عالمية مصرية متميزة في هذا المضمار من جهة، ويستحق لقب رائد الأيقونة القبطية الحديثة من جهة أخري. وأتذكر أيضاً ما قاله لي في مقابلة شخصية معه من أن فن الأيقونة له اتصال مباشر بالتقاليد المصرية القديمة في التكنيك والفكر، وأن الفنان القبطي القديم قد استفاد من المدارس الفنية المتعددة التي نعرفها اليوم باسم: التكعيبية والرمزية والتجريدية. وهو ما جعله يؤكد أن الفن القبطي في أساسه يتضمن الرمزية والتجريدية في محتواه. وكان يري أن الأيقونة داخل الكنيسة هي فن مقدس لما تحمله من شكل ومضمون. رحل د. إيزاك فانوس في 14 يناير 2007 بعد حياة حافلة بالعطاء، وبعد أن أستطاع أن يحول قسم الفن بمعهد الدراسات القبطية إلي مدرسة فنية متكاملة له فيها العديد من التلاميذ والعديد ممن قدروا الدور المهم الذي قام به إيزاك فانوس في الحفاظ علي هذا الفن المصري الأصيل. رحل إيزاك فانوس دون أن يتم تكريمه في وطنه مصر، رغم أن العديد من دول العالم قد قامت بتكريمه، وهو ما جعله صاحب شهرة واسعة في الخارج وعدم معرفة به في الداخل. الله يرحم د. إيزاك فانوس.. وأتمني أن ينتبه أحد من وزارة الثقافة لتخليد ذكراه.. وإعادة الاعتبار له في وطنه مصر.