برنار كوشنير وميشال مارى إليو وزير الخارجية الفرنسى ووزيرة العدل الفرنسية ترجمة هالة عبد التواب نقلا عن صحيفة لوموند الفرنسية لقد ترك القرن العشرين ملايين النساء والرجال والاطفال "ضحية لويلات تفوق الخيال وتنتهك الوعي البشري" (جزء من مقدمة مذكرة روما للمحكمة الجنائية الدولية): إبادة جماعية، مجازر منظمة، اغتصاب جماعي، عمليات تهجير جماعي للسكان أثناء الصراعات التي مازالت تدمي العالم حتي يومنا هذا . هل هناك إذن فضيحة أكبر من إفلات المجرمين ضد الانسانية من العقاب؟ وهل هناك إهانة للضحايا، وللإنسانية جمعاء أكثر من هذا؟ إن الحكم علي المسئولين عن الإبادة الجماعية والجرائم ضد الانسانية لن يقتصر فقط علي "محكمة التاريخ" . فضحايا الوحشية الانسانية لهم الحق في رؤية جلاديهم يحاكمون ويدانو والمجتمعات التي شردتها جرائم يهتز لها الضمير لهم الحق في أن تتاح لهم الفرصة للمصالحة. الإنسانية كلها لها الحق في الدفاع عن نفسها ضد النسيان. ولهذا فإن فرنسا، التي كانت مهدا لحقوق الانسان، لن تكون أبدا ملاذا لمرتكبي المذابح وجرائم الحرب والجرائم ضد الانسانية. ويؤكد انشاء جهاز "الإبادة الجماعية والجرائم ضد الانسانية " في محكمة باريس الابتدائية عزم فرنسا علي محاربة إفلات المجرمين من العقاب. واليوم، تواجه المعالجة القضائية لجرائم الابادة الجماعية والجرائم ضد الانسانية العديد من الصعوبات الخاصة.منها ان الجرائم المدانة تكون خارج حدودنا، والتشتت الجغرافي للمعلومات والادلة الشهود يزيد من صعوبة المهمة التي يقوم بها المحققون والقضاة. كما ان التفاصيل الخاصة لهذا القضايا تتطلب مهارات خاصة وعالية، وصعوبة القضايا تؤدي لا محالة إلي البطء في الاجراءات. وقد دفعنا عدد القضايا المعلقة ، وخاصة قضايا أكثر من خمسة عشر رواندي ينتظرون الحكم، إلي التحرك سريعا. إن إنشاء جهاز "الإبادة الجماعية والجرائم ضد الانسانية" يأتي كمواصلة للإجراءات التي تمت في صالح قضاة التحقيق في محكمة باريس الابتدائية، ويقوم علي اسلوب ناجح ومعروف في مكافحة الارهاب والجريمة المنظمة ومجال الصحة العامة. كما سيسمح بجمع كل القضايا المتعلقة بالابادة الجماعية والجرائم ضد الانسانية في مكان واحد متخصص. وسيعمل الجهاز علي تعزيز تبادل الخبرات، حيث سيجمع بين القضاة المتخصصين والمترجمين والمترجمين الفوريين والخبراء والباحثين اللزمين لمعالجة القضايا الحساسة والمعقدة. وسيعمل بالتعاون مع المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي. ولا يتعلق الأمر هنا بإقامة جهاز عالمي، لكن هو التأكيد علي احترام مبادئ القانون الدولي داخل المحاكم الوطنية في إطار احترام معاهدة روما 1998 . وسيأتي انشاء جهاز "الإبادة الجماعية والجرائم ضد الانسانية" في مشروع قانون حول التخصص القضائي والذي ستتم مناقشته أمام البرلمان في النصف الأول من عام 2010 . إن المتهمين بالجرائم ضد الانسانية والإبادة الجماعية يجب أن يحاكموا، وسيحاكموا. إن العدالة وحدها هي التي ستسمح بطي الصفحة وظهور الحقيقة. وفرنسا ستبقي دائما وفية لقيمها وعلي مستوي تاريخها ومثلها العليا