لم تعد فواكه البحر أصنافًا قاصرة علي موائد الأغنياء فقط بل طالتهم أيدي الفقراء وأصبحت أسعارها في متناول أيديهم بعد أن كانت بعيدة المنال. ولا تخلو الأسواق من الأسماك الصينية وداخل سوق السمك بالجيزة ذلك السوق الضخم تتراص الطاولات بطول الأرصفة تحتل مداخل المحلات، أسماك بجميع الأنواع وذات أحجام مختلفة تختلف أسعارها باختلاف أنواعها وأحجامها. ورغم الزحام الشديد والإقبال علي الأسماك بعد إصابة الطيور بالأنفلونزا إلا أنه كثيرا ما تخلو منازل الفقراء من رائحتها لارتفاع أسعارها. وكما فعلت الصين من قبل مع العديد من السلع والمنتجات تسللت واخترقت سوق الأسماك المصرية لتقوم بإغراقها بأنواع من الأسماك تضمن رواجها وتستطيع من خلال الأسعار التي تطرح بها تلك الأنواع منافسة مثيلاتها في السوق المصرية بل والتفوق عليها في الانتشار مستغلة بذلك حاجة الأسواق بعد أزمة أنفلونزا الطيور. سعد شعبان- عامل بسيط يجمع القمامة- من المنطقة المحيطة بسوق السمك ورغم مروره يوميا إلي جوار السوق واختراقه أحياء أخري إلا أنه لم يجرؤ يوما وطوال عامين قضاهما في العمل بذلك الموقع أن يقف أمام البائع ليسأله عن الأسعار فقد كان يعلم أن تلك الأنواع لن تدخل حجرته المتواضعة ليشاركه فيها أبناؤه الأربعة وزوجته إلا إذا تضاعف راتبه ثلاثة أضعاف إذ يتقاضي 185 جنيها شهريا فقط لا غير ينفق نصفها لسداد إيجار مسكنه الذي يأويه. لم يتأثر كثيرا بذلك الوباء الذي أصاب الطيور فلم يكن يعرف مذاقها بعد أن قاطعها لتوفير قوت أبنائه.. وذات يوم وجد الباعة بسوق السمك يرفعون أصواتهم لترويج بضائعهم كالعادة ولكن علي غير العادة وجدهم يصيحون معلنين أن الجمبري يباع ب8 جنيهات وسمك موسي ب10 جنيهات، كما أن السبيط قد وصل سعره إلي 8 جنيهات، كلها أنواع مجمدة تم تنظيفها بعناية وتقطيعها إلي شرائح عدا الجمبري. تعجب - سعد- وتقدم لأول مرة واقترب من الأسماك وتساءل عن ذلك السر الذي جعل الأسعار تنخفض بهذا الشكل لدرجة اعتقاده أن هذا عرض من عروض الأوكازيون لن يتكرر وجاءته الإجابة أن الجمبري والسبيط وسمك موسي تم استيرادها من الصين، وقبل أن يختتم البائع حديثه قائلا: خلي الغلابة تاكل كان سعد قد أخرج 10 جنيهات ليحصل علي كيلو جمبري يحمله لأبنائه ليتعرفوا عليه للمرة الأولي. وحال سعد يتشابه مع أحوال الآلاف من الطبقة الدنيا والمتوسطة ولا يعبر عن أسرة واحدة.. عزت عواض- رئيس الهيئة العامة للثروة السمكية- يؤكد أن مستوردي الأسماك استغلوا قرار إعفاء اللحوم والأسماك المستوردة من الجمارك والصادر منذ عامين في استيراد بعض الأنواع التي ستجد سوقا رائجة لها داخل محافظات مصر وباعتبار أن الصين لديها وفرة في تلك الأنواع الجمبري، السبيط، سمك موسي كما أن الأسواق المصرية تعاني نقصا منها فقد لاقت تلك الأنواع مع رخص أسعارها رواجا خاصة لدي الطبقة الوسطي المستهدفة من وراء ذلك الإغراق. وأشار إلي عدم وجود إنتاج كاف من الأسماك يكفي الأسواق المصرية مما يعطي الفرصة لأي من الجنسيات الأخري للتواجد. في نفس الوقت نفي وجود أسماك بلطي مستوردة مؤكدا أن أكثر من 63٪ من إنتاج مصر تغطيه المزارع السمكية المصرية، كما أن قيمة شراء البلطي في الموسم الحالي منخفضة إذ أنه موسم حصاد أسماك البلطي داخل الجمهورية ولا مجال للمنافسة، ويصل سعر الكيلو الواحد إلي 10 جنيهات بديلا عن 16 جنيهًا. وفي سياق متصل أشار جمال حسين- مدير إدارة المصايد بالإسكندرية- إلي أن أسعار تلك الأنواع الصينية تصل إلي نصف مثيلاتها المصرية فهي أقل من السعر المحلي بكثير فالجمبري السوبر الذي يباع في السوق المصرية بمبلغ يتراوح من 180-200 جنيها يباع الصيني منه ب20 جنيه فقط، كذلك السبيط الذي يصل سعر المصري منه إلي 25 جنيها في حين أن الصيني ل10 جنيهات فقط، وقد طرحت تلك المنتجات في المجمعات الاستهلاكية ذلك التنوع جاء لصالح المستهلك إذ يخدم مستهلكي الطبقة المتوسطة. وعلي الجانب الآخر يطمئن د.محمد عمرو- استشاري السموم بالمركز القومي للسموم بتناول تلك الأنواع الصينية فلم يظهر أي من الأمراض بعد تناول تلك الأسماك، ولكنه يشدد علي ضرورة التأكد من خلوها من المعادن والملوثات الغذائية من خلال الكشف عليها بالمعامل المركزية.