منذ 54 عاماً وتحديداً عام 1955 افتتح الرئيس الراحل جمال عبدالناصر ومجلس قيادة الثورة بينالي الإسكندرية الدولي في دورته الأولي مما يجعل بينالي الإسكندرية هو ثاني أقدم بينالي في العالم بعد بينالي فينيسيا بإيطاليا 1895 والذي تشارك مصر في فعلياته منذ عام 1938 اليوم ونحن بصدد افتتاح الدورة الخامسة والعشرين من بينالي الإسكندرية التي تشارك فيها سبع عشرة دولة وثلاثة وثلاثون فنانًا من دول وفنانو حوض البحر الأبيض المتوسط وهي إسبانيا، ألبانيا، المغرب، اليونان، إيطاليا، تركيا، تونس، سلوفانيا، سوريا، فرنسا، فلسطين، قبرص، كرواتيا، لبنان، ليبيا، مالطا، مصر. جاءت هذه الدورة حاملة معها احتفالية فناني الإسكندرية بإعادة ترميم وافتتاح متحف الإسكندرية ومكتبة البلدية، كما أقيم معرض فناني إسكندرية في أتيليه الإسكندرية والذي نظمته وأشرفت علي فعلياته الفنانة نعيمة الشيشيني كما حملت هذه الدورة في لجنتها العليا كلاً من الفنان محسن شعلان رئيسا والفنان محمد فتحي أبوالنجا قومسيرا عامًا للبينالي وعضوية أ.د محمد سالم أستاذ متفرغ بكلية الفنون الجميلة جامعة إسكندرية أ.محمد رفيق خليل رئيس أتيليه الإسكندرية والفنان مصطفي عبدالوهاب واللواء إيهاب فاروق رئيس الإدارة المركزية للسياحة والمصايف بمحافظة الإسكندرية وشريف عوض منسقًا عامًا أما لجنة التحكيم فكانت برئاسة فوميونانجو اليابان وعضوية وانييلا جيو البرازيل، إليزابيث ديلين هانسن الدنمارك هديل نظمي مصر ريان عبدالله العراق، إميلي دوهرتي المملكة المتحدة، جيمس هاريتاس أمريكا أما ضيوف الشرف فكانت الفنان الفلسطينية سها شومان التي قدمت عرض فيديو عن ذكرياتها عن الأرض المحتلة، بالإضافة لمجموعة لوحات تصويرية بخامات مختلفة والفنان الإيطالي مايكل أنجلو بيستوليتو الذي قدم عرضاً بالمرايا قام أحد الفنانين الشباب من تلاميذه بتكسيرها أمام جمهور الحضور. أما الجوائز فجاءت كالتالي: الجائزة الكبري منار الإسكندرية وقيمتها 100 ألف جنيه وكانت لمصر للفنان وائل شوقي وثلاث جوائز للبينالي وقيمة كل جائزة 35 ألف جنيه وكانت من نصيب الفنان تيسير بركات من فلسطين ودوريس بيطار من لبنان وصفاء الرواس من المغرب، ثم أضيفت جائزتان شرفيتان وكانتا من نصيب الإسباني فاليريانو لوبيز والتونسية نادية كعبي ونلاحظ هنا أن الجوائز كلها جاءت عربية رغم التميز اللافت للنظر من الفنانين الإسبان. يقول محمد أبوالنجا قومسير البينالي: ليس من المعقول أن نكون في اليوبيل الفضي لبينالي الإسكندرية ويكون في المستوي الذي وصل إليه لدرجة أن تهدد بعض دوراته بالإلغاء، فبينالي الإسكندرية هو ثاني أقدم بينالي في المنطقة والإسكندرية تستحق أكثر من هذا بكثير، فهي تستحق أن تكون عاصمة المتوسط بلا نزاع بتاريخها وبمقوماتها البشرية والتراثية والتاريخية والمعاصرة بينالي الإسكندرية تتصارع عليه دول كثيرة بالمنطقة بما فيها إسرائيل فتخيلوا أن تكون ثقافة المتوسط من تل أبيب.. كارثة!.. وبالتالي ما تم من دعم كامل من وزارة الثقافة والفنان محسن شعلان لهذا البينالي غير مسبوق ولم يتم أي ضغط أو تدخل في حدود علمي هذا إضافة إلي رجوع الجوائز للبينالي بميزانية غير مسبوقة إضافة إلي التجديد الشامل لمتحف الإسكندرية حقيقة جهد كبير في وقت قليل جداً لكن هذه طبيعة العمل في مصر. أما الفنان وائل شوقي والفائز بالجائزة الكبري فقال: رغم عدم مشاركتي منذ فترة طويلة في النشاطات المتعلقة بالمؤسسة الرسمية إلا أني سعدت بترشيحي من قبل محمد أبوالنجا لأنه من الواضح أن المؤسسة الرسمية تحاول أن تنهج منهجاً جديدًا وفي حالة من حالات التطوير للفن المعاصر من خلال كوادر شابة من الفنانين الذين يعملون علي قدر استطاعتهم وسط ظروف صعبة لمؤسسة رسمية دائمًا ما تكون منهمكة في محاولة الخروج بمصر إلي المركزية بدلاً من أن يكون فنانونا مجرد باحثين عن فرص عرض في الخارج أما بالنسبة لما قدمته في هذه الدورة فهو عمل استخدمت فيه تقنيات مختلفة مثل الفيديو آرت والإنستيليشن والرسم منذ فترة، وأنا أعمل علي مشروع اسمه تيلي ماتش وهو مأخوذ من اسم برنامج ألماني من فترة الثمانينيات وهو عبارة عن برنامج سباق بين مدينتين بشكل كوميدي وكانت الديكورات لها علاقة بالعصور الوسطي وإحياء حالة المحاربين القدامي، ففكرة الفيديو هنا مبنية علي هذه الفكرة، فلدي مجموعة من الأطفال من كينيا يركبون الحمير والمفروض جيش في طريقه ليحتل قلعة صليبية وهذا هو الفترة التي أتحدث عنها فترة الحرب الصليبية فالفكرة هنا أن الأطفال لا يدركون ماذا نفعل وكذلك من في القلعة وهذا نوع من السخرية من التاريخ. أما الفنان تيسير بركات فلسطين والحاصل علي جائزة البينالي فيقول حاولت أن أقدم شيئًا له علاقة بالإنسانية أكثر من التركيز علي وضعنا الفلسطيني رغم أهميته، لكن بالمجمل وأنا بصدد التفكير في هذه التجربة كنت أفكر في كل الجراح الموجودة في هذا العالم وبالتالي كانت تخرج أشياء لها علاقة بأفريقيا، أوروبا، الهند، باكستان، فلسطين، وكأن الحديث عن هذا الجرح المفتوح منذ فجر التاريخ حتي الآن حاولت أن استخدم مواد بسيطة وهي جديدة بالنسبة إلي وهي برادة الحديد وهي لها علاقة بالتاريخ ومن المواد الأولية بالحياة أما الفنانة نيسان القسطنطيني تونس والتي تشارك للمرة الأولي في بينالي إسكندرية فقدمت عمل إنستيليشن تحت مسمي صلات هشة وتقول: عملي عبارة عن خمس منحوتات مغطاة بالشعر وكأنها مسوخ لأشخاص لكن البنية ليست بالضرورة لإنسان فممكن تكون فكرة أو هوية أو دين والشعر المشدود بين الشخوص هو ردة الفعل للاتصالات الكثيرة التي نعيشها محاولين حماية أنفسنا بها، كل ما أردت التعبير عنه في هذا العمل هو الألم الناتج عن الاتصالات الكبيرة التي لا دخل لنا بها وكأن كل شخص منا دون أن يشعر يحاول اقتلاع شعر الآخر. أما الفنان محمد عبلة الذي يشارك بعمل جماعي مع الفنانين صباح نعيم وهاني راشد والذي يري أن هذه الدورة من البينالي هي الأفضل علي الإطلاق ويتمني أن يستمر البينالي علي هذا المستوي وأضاف: عملنا احتفالية شعبية فرح، مولد، شيء من هذا القبيل ونتكلم عن الرموز الموجودة الآن في المجتمع، رموز الإنترنت، والرموز الدينية، واللا دينية، وكل ما يحدث في الدنيا ونعمل له إضاءة صناعية فيها نوع من السخرية وكأننا نلغي هذه الرموز لنقول إن النور هو الأهم في حالة من حالات التناقض، لكننا نتكلم عن المجتمع ونريد أن نقول إننا نعمل فنًا مصريا ليست له علاقة بفن عالمي ما، لكن لغة مصرية خاصة وفننا المصري لا يقرأ إلا بمفاتيح مصرية. أما الفنانة التونسية نادية كعبي والحاصلة علي جائزة لجنة التحكيم التي تشارك للمرة الأولي في بينالي الإسكندرية فتقول عن تجربتها: شاركت بعملين لهما علاقة بفكرة واحدة وهي احترام المحيط أي احترام كل ما يحيط بنا تقصد التلوث البيئي كما نعرف التقي رؤساء دول العالم في كوبنهاجن ليتكلموا عن أزمة المناخ فقمت بعملين مركبين إنستيليشن عن هذه الفكرة، العمل الأول نقلت من خلاله الكلمات التي يكتبها التونسيون علي جدران بيوتهم، مثلا لما يكتبوا ممنوع وضع الفضلات الله لا تريح والدين الناس اللي ترمي الفضلات ومقولات من هذا القبيل مأخوذة من الثقافة اليومية التونسية، جمعت كل هذه المقولات وأعدت كتابتها علي جدار أبيض وفي نفس الوقت دهنت الأرض باللون الرمادي وعملت مربعًا بالأحمر والأبيض والمعروف عالميا بمجموع الدخول، الفكرة أن كل إنسان ينظف بيته ولا يهتم بخارجه وفي نفس الوقت هناك إسقاط علي الموقف العالمي، فأوروبا وأمريكا بيتخلصوا من نفاياتهم النووية ببيعها لأفريقيا ودول العالم الثالث