لا أحد ينكر أن العلاقات بين إسرائيل وتركيا تعرضت للتوتر خلال العام الحالي، بل لعل هذا العام كان أسوأ عام مرت به هذه العلاقات، ولا أحد ينكر أن الإسرائيليين يشعرون بضيق شديد لما اعتري هذه العلاقات التي تربطهم بتركيا من توتر وتراجع، وقد ظهر هذا الضيق واضحا في ثنايا تصريحات بعض المسئولين الإسرائيليين التي وصلت ذروتها في تصريحات وزير الخارجية الإسرائيلي ليبرمان الذي أعلن رفضه للوساطة التركية بين إسرائيل وسوريا، لأن تركيا لم تعد صديقا للإسرائيليين. كل ذلك واضح ومعروف ولا يستطيع أحد أن يتجاهله أو يتغافل عنه وهو يتابع مسار العلاقات التركية - الإسرائيلية ومستقبل هذه العلاقات. لكن رغم ذلك لا يمكن تجاهل أيضا أن ثمة رغبة لدي الجانبين، تركيا وإسرائيل في تجاوز خلافاتهما وإزالة التوتر الذي شاب العلاقات بينهما خلال قرابة العام في أعقاب العدوان الإسرائيلي الوحشي علي غزة، والذي كان السبب المباشر في إيقاف الأتراك وساطتهم بين سوريا وإسرائيل. فالتوتر الذي أصاب علاقة الإسرائيليين بالأتراك لم يكن بسبب خلاف أيديولوجي لا يمكن إصلاحه إلا إذا تخلي كل طرف عن موقفه الايديولوجي، إنما كان يرجع إلي اضطراب شاب مصالحهما المشتركة مؤخرا. ولعل السبب المباشر لاضطراب المصالح بين الجانبين هو تلكؤ الإسرائيليين في تنفيذ إحدي الصفقات التجارية العسكرية التي تعهدوا بها مع الأتراك وقد أدي ذلك إلي غضب الأتراك واقترن ذلك بأن العدوان الإسرائيلي علي غزة وضع عراقيل أمام استمرار الوساطة التركية بين سوريا وإسرائيل، أي أدي إلي تعطيل عمل ونشاط الدور التركي في المنطقة في وقت يسعي فيه الأتراك إلي تنشيط دورهم في المنطقة وزيادة فعاليته ليقنعوا الأمريكيين ومن قبلهم الأوروبيين بأنهم مهمون وفعالون ونشطون ويستطيعون أن يفيدوا الغرب مما يشكل حافزا لهم علي الإسراع بضم تركيا إلي الاتحاد الأوروبي. وكلا الطرفان يدرك الأسباب الحقيقية لتوتر العلاقات بينهما، وبالتالي كلا الطرفان يدرك السبيل لإزالة هذا التوتر بإزالة أسبابه والأهم يدرك أن مصلحة كل منهما تقتضي إزالة هذا التوتر وعودة العلاقات بينهما إلي ما كانت عليه. ولعل هذا هو ما دفع بنيامين بن اليعازر الوزير الإسرائيلي لأن يقوم بزيارة إلي تركيا، ولعل هذا أيضا هو الذي دفع الأتراك إلي دعوته لزيارتهم، بغض النظر عن التراشق الإعلامي أو التصريحات الرسمية للمسئولين الأتراك والإسرائيليين معا. بن اليعازر زار تركيا في وقت ألمح فيه نتانياهو إلي أنه يفضل وساطة الفرنسيين مع سوريا في وقت أعلن فيه ليبرمان عودة تركيا لهذه الوساطة. الأتراك استقبلوه في وقت يطالبون فيه الإسرائيليين بوقف حصارهم لغزة واعتداءاتهم علي الفلسطينيين. وخلال هذه الزيارة سمعنا من مسئولي البلدين كلاما حول أهمية العلاقات بينهما وضرورة إصلاحها، وإزالة التوتر الذي شابها وتجاوز الخلافات بينهما والتركيز علي نقاط الاتفاق فيما بينهما وهي كما قالا ليست قليلة. كما اهتم بن اليعازر بأن يبلغ الأتراك بأن إسرائيل حريصة علي وساطتهم مع سوريا، مثلما أبلغ ذلك الرئيس بشار الأسد، كما أبلغهم كذلك حرص إسرائيل علي الوفاء بالتزاماتها وتنفيذ الصفقة العسكرية التي وعدت بها الأتراك، وهكذا.. العلاقة التركية ستتجاوز توتراتها عاجلا أو آجلا.