توجد دول تتحدث العربية نعم. لكن لا يوجد واقعيًا ما يسمي (أمة عربية) فتعبير أمة عربية تعبير سياسي لا أكثر. يلغي الخصوصية الثقافية والحضارية لكل أمة فالأمة المصرية تختلف تمامًا عن الأمة الصومالية أو اليمنية مثلاً والأمة الجزائرية تختلف تمامًا عن الأمة السعودية وهكذا كما أن تعبير الأمة العربية يختزل الهوية في اللغة، بينما اللغة نفسها ليست واحدة فالمصري غير اليمني غير الجزائري غير التونسي. وتعبير الأمة العربية تعبير أيديولوجي صكه الناصريون في مصر والبعثيون في سوريا والعراق. حيث كان شعار البعث (أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة) بينما لا يخفي علي أحد جرائم القوميين العرب والبعثيين علي الوحدة العربية. وخصوصًا عبدالناصر وصدام حسين فلقد تسبب الاثنان في جروح لن تندمل وتمزقات تستحيل علي الراتق، وكما أن الدين وحده لا يصنع هوية، لأن عناصر الهوية خمسة الدين أحدها بالإضافة إلي اللغة والتاريخ والجغرافيا والعادات والتقاليد، فإن اللغة وحدها أيضًا لا تصنع هوية، هل هناك الأمة الإنجليزية؟! (أي مجموعة الدول التي تتحدث اللغة الإنجليزية) لا يوجد طبعًا. ولقد كان تعبير (الأمة) عند المصريين حتي العام 52 وقبل الحركة المباركة يعني (الأمة المصرية) رغم وجود وتأسيس الجامعة العربية في العام 45 كمنظمة تجمع الدول الناطقة باللغة العربية ويبدو أن ميل عبدالناصر للزعامة للمنطقة وميلاد القضية الفلسطينية هو الذي حول الأمة المصرية إلي الأمة العربية ثم فشلت هذه الأمة في دحر العدو الصغير فقررت التوسع إمعانا في المواجهة فتحولت إلي الأمة الإسلامية ردًا علي استخدام الطرف الأول الدين ليصبح الموضوع يهود في مواجهة مسلمين بدلاً من حركة سياسية صهيونية محتلة في مواجهة مواطنين فلسطينيين فيهم المسيحي وفيهم المسلم وفيهم الملحد، يناضلون ويكافحون ويجاهدون من أجل وطنهم السليب. فمع الرئيس الأول القومي تحولت الأمة المصرية إلي أمة عربية وألغي اسم مصر وصارت الإقليم الجنوبي، حيث كانت البداية انتقال منصب وزير التعليم في مصر من الدكتور طه حسين إلي الرائد كمال الدين حسين بينما تحولت الأمة المصرية إلي الأمة العربية في عهد الرئيس عبدالناصر ثم إلي الأمة الإسلامية في عهد الرئيس الثاني المؤمن حيث تحولت مصر إلي دولة العلم والإيمان، وبينما كانت في عهد الأول تدعي الإقليم الجنوبي بعد أن ألغي اسمها نعتت في عهد الثاني بالعائلة بينما صار هو كبيرها. وعمومًا.. أي قومية عنصرية بطبيعتها كانت علي أساس اللغة أو علي أساس الدين، كان طبيعيًا أن يضطهد صدام الأكراد ويبيدهم بالكيماوي بدلاً من أن يحارب إسرائيل. فهم ليسوا عربًا. ومن قومية عربية إلي قومية إسلامية. ومرة سألت عادل حسين أمين عام حزب العمل عن وضع إيران في القومية الإسلامية باعتبارهم فرسا فرد قائلاً (معانا طبعًا)!! وكما انتهت القومية العربية إلي أن احتل صاحب البعث دولة عربية شقيقة وهي الكويت وانفصل ناصر قبله عن سوريا بعد أن سار هو وزملاؤه الأحرار في طريق انفصال السودان عن مصر وبارك سفير بريطانيا للرئيس نجيب علي توقيع اتفاقية الانفصال. فإن إرهاصات نهاية القومية الإسلامية بدت في فشل ما يسمي التيار الإسلامي بأن يكون صاحب حلول بديلة وخطاب سياسي نابع من حاجة الناس وبرامج تخلصهم من مشاكل الحاضر العويصة لنري صراعات وفتنا بين الجماعات الدينية وقتل وذبح وتكفير وإرهاب وإعلان إمارات إسلامية هنا وهناك واستقطاع أجزاء من الدول بعد أن فشل المشروع في السودان وكان سببًا في تمزيقها وانكشفت عورة النظام الإسلامي في إيران بعد أن اغتصب المحتجون في سجونه رجالاً ونساءً. وقتلهم في شوارع طهران ومنع 471 مرشحًا من المنبع من الترشيح ضد نجادي كي يستمر رئيسًا للجمهورية الإيرانية، حتي قال أحد كبار رجال الدين هناك (إيران ليست جمهورية وليست إسلامية). الحل ليس في قومية عربية علي طريقة البعثيين واتحاد علي أساس اللغة والحل ليس فيما يطرحه الإسلاميون في الاتحاد علي أساس الدين. والاتحاد الأوروبي لم يقم علي أساس اللغة أو الدين أو العرق وإنما قام علي أساس المصالح والصناعات والنمو الاقتصادي الحل يكمن في استكمال بناء الدولة الوطنية الحديثة الديمقراطية لدي كل بلد عربي أولا بعد أن قوض الانقلابيون في معظم تلك الدول مشروعات البناء التي كانت الحركات الوطنية قد بدأتها في ظل الاستعمار، لكن ماذا تعني الهوجة السياسية الدينية التي نعيشها، إنها نتاج فشل القوميين العرب الذين ركبوا الحكم في هذه البلاد بالانقلاب العسكري بعد خروج الاستعمار منها فهدموها بدلاً من استكمال البناء. ماذا فعلنا باستقلالنا وماذا بعد ذلك الاستقلال الذي ضحت الشعوب من أجله (؟!) علق مرة سعد باشا علي من يطالبه بوحدة العرب قائلاً: صفر + صفر + صفر = صفر