شهدت الساحة الأمنية خلال الفترة الماضية العديد من المواجهات الأمنية المسلحة مع العديد من العناصر الخطرة خاصة تجار المخدرات والتي أسفرت عن استشهاد العديد من ضباط وأفراد الشرطة في مواجهات شرسة. التقت "روزاليوسف" بمساعد وزير الداخلية مدير الإدارة العامة لمكافحة المخدرات اللواء مصطفي عامر وسألته عن أسباب ودوافع المواجهات المسلحة الدموية والشرسة وكأنه صراع البقاء؟ - هناك أكثر من سبب ودافع لتلك المواجهات الدموية أهمها.. المحاولات المستمرة لاغراق مصر بمخدري الهيروين والحشيش بعد نجاح الإدارة النظير في تحقيق أهداف استراتيجية في ضرب زراعات القنب "البانجو" والخشخاش "الأفيون" في سيناءوجنوب مصر وقطع سبل تهريبها من مناطق زراعتها إلي أسواق الاستهلاك مما ترتب عليه انخفاض المعروض بها وارتفاع أسعاره الجنونية نتيجة لملاحقة التجار والوسطاء بشكل محموم مما أدي إلي ارتفاع درجات المخاطرة لتصبح أسعاره غير متوازنة مع اقتصاديات قطاع عريض من مستهلكيه وعزوفهم بالتبعية وخروجهم التدريجي من سوق الطلب. فعلي مدار خمس سنوات وتسعة أشهر مضت بداية من العام 2004 وحتي 2009/9/30تمكنت الإدارة العامة لمكافحة المخدرات من ضبط 430 ألف كيلوجرام من البانجو الجاهز للتعاطي وذلك في ضربات اجهاضية ونوعية استهدفت المهربين والتجار قبل طرحها بالأسواق أضف إلي ذلك الضربات التي استهدفت ضرب الزراعات علي أرضها سواء في شبه جزيرة سيناء أو جنوب مصر والتي حصدت 1.887 فدان قنب "بانجو" و1043 فدان خشخاش "أفيون" عن ذات الفترة وهي القادرة علي انتاج مئات الآلاف من الأطنان خاصة إذا علمنا إمكانية زراعة القنب أربع مرات في السنة الواحدة ولذلك تم استهداف تلك الزراعات علي مدار أربع حملات مكبرة بمشاركة القوات الجوية وحرس الحدود والجهات المعنية بوزارة الداخلية سنويا أضف إليها الحملات المحلية وكما قلت جاءت استراتيجية المكافحة لتؤتي ثمارها والقضاء علي البانجو والأفيون المزروع محليا وضربه في مقتل علي مدار العقد المنصرم.. لا أقول قضاء مطلقًا ولكن بمعدل مرض ونتائج ملموسة علي أرض الواقع. إلا أنه قد تلاحظ خلال العام الماضي ارتفاع معدلات محاولات ادخال مصر مخدري الهيروين والحشيش المغربي وإغراق الأسواق بهما وهو ما كشفت عنه ضبطيات المكافحة. فأقصي معدل لمضبوطات الهيروين في مصر تراوحت ما بين العشرين والخمسين كيلوجرامًا سنويا وهو المعدل الذي عهدناه علي مدر الثلاثين عامًا الماضية وفجأة وبدون مقدمات ارتفعت وتيرة المعلومات والمضبوطات لنضع يدنا في العام 2008 علي 212 كيلوجرامًا من الهيروين وخلال التسعة أشهر الماضية من العام 2009 أمكننا ضبط 121 كيلوهيروين و250سم3 من سائل الهيروين أيضًا الحشيش كان متوسط المضبوط منه خلال الأربع سنوات الماضية تتراوح ما بين 1800 كيلو و2000 كيلو ظلت تتصاعد حتي بلغت 5600 كيلو عام 2007 ثم 12.796 كيلوجرام عام 2008 وخلال عام 2009 بلغت الكمية المضبوطة 9573 كيلوجرامًا. وقد تركزت محاولات تهريب وتمرير الحشيش عبر الصحراء الغربية أما الهيروين فعبر الموانئ الجوية والبحرية والبرية والأخير قادم إلينا من دول جنوب شرق آسيا أما الحشيش فيتم تمريره بريا من بعض دول الجوار بغرب أفريقيا. وتعد أهم محاور مكافحتنا لهذه الجريمة الشرسة والتي نعتمدها كخط دفاع أول هي التنسيق الجيد والمحكم في شتي اتجاهات التعاون الدولي وذلك علي مستوي تبادل المعلومات وحلقات الوصل والاتصال والمراقبة الجيدة واستخدام أحدث وسائل تكنولوجيا الاتصال والرصد وتبادل المعلومات المؤمنة والتصدي لجميع محاولات الاختراق واعتماد الخطط البديلة والتمويه والصبر لأن تلك التجارة تستلزم من الطرف الآخر الحيطة والحذر والسرية والمواجهة الشرسة إذا لزم الأمر والتي تصل إلي حد الحياة والموت في كفة واحدة لذلك تجدهم يستعينون بأحدث وسائل الاتصال والتنقل فنجد لديهم أجهزة اتصال حديثة ورؤية ليلية ومحدد اتجاهات وإحداثيات أسلحة أتوماتيكية وآلية ذخيرة لحروب شوارع ومركبات ذات مواصفات خاصة يستعينون بخبراتهم الواسعة في سلوكهم الدروب الصحراوية ومعرفتهم بحقول الألغام وغيرها من حيل وعلاقتنا بالمهربين والتجار لم ولن تنتهي والصراع دائما وأبدا لا يخلو من العنف والدموية ولذلك تقدير الموقف من الأولويات لدينا والاعتماد علي المعلومة وتأكيدها وتقنين الإجراءات القانونية وتحديد الهدف عوامل شاخصة أمامنا. والإدارة تستهدف دائما وأبدا عنصرين أساسيين لتفعيل سياسة الاجهاض والمنع.. المهرب والتاجر أما فلسفتنا تجاه المتعاطي أو المدمن الضحية والمجني عليه، أولا قطع السبل بينه والمادة المخدرة بعدم توافرها بسهولة أمامه وأن يكون سبيله إليها محفوفا بالمخاطر.. ولكن نحن وفي قرارة أنفسنا نكافح لاقلاعه عنها ولو بتقديم يد المساعدة إليه بأن يتقدم إلينا لعلاجه بإحدي المصحات المعتمدة لدينا ونحن نتعامل مع المئات ممن يلجأون إلينا بطلب المساعدة وهنا أحب أن ألفت نظر المجتمع المصري وبأعلي صوتي وأطلقها صيحة تحذير. المخدرات بجميع أنواعها سواء كان الطبيعي منها أو المستخلص أو المصنع كلها كفيلة وبدون استثناء إلي تحطيم متعاطيها نفسيا وذهنيا وصحيا وسلوكيا واقتصاديا واجتماعيا وهي الدافع الرئيسي والأول والبوابة الشيطانية لدخول عالم الجريمة بشتي أنواعها ومن موقع المسئولية كرجل أمن وأب وأخ أقول إن 80 ٪ من العناصر الإجرامية العتيقة والشابة من مدمني ومتعاطي المخدرات فهي الدافع الأول للسرقة والقتل والاغتصاب وهتك العرض والحرق والانتحار كلها بسبب الإدمان. الإدارة العامة لمكافحة المخدرات يقتصر دورها علي فرض سيادة القانون ومنع تفشي المواد المخدرة ومنعها والدفع بمن يسقط إلي مراحل التقاضي المختلفة وتبذل في ذلك جهود مضنية خلفها مسببات للبقاء مادية ومعنوية تضمنها الدولة لبقاء المقاومة والمواجهة.. تمد يدها للمتعاطي والمدمن وتحاول مد يد العون ولكن كل هذا غير كاف فالمشكلة ليست مقصورة علي القط والفأر أو العسكري والحرامي. انتشال الشباب وانقاذهم قضية أمن قومي تلك الآفة بدورها كفيلة بتدمير مصر لذلك أنا أدعو كل الهيئات والمنظمات الحكومية والأهلية وقطاعات الدولة بداية من المنزل والمدرسة والجامعة أن تهب وتنتفض لانتشال هؤلاء الشباب وتوعيتهم. وصدقني- الكلام لمساعد وزير الداخلية مصطفي عامر- هناك أصوات هدامة تدعوك إلي اليأس مستخدمين شعارات لا أساس لها من الصدق أو الواقعية.. فالاندفاع نحو تعاطي المخدرات ليس سببه أزمة اقتصادية أو مستقبلا مشوشا كما يدعون هناك أسباب أخلاقية وتوعوية ونسق اجتماعي وأدوار يغفلها الحقوقيون والمعنيون. لذلك أطالب المجتمع بكافة أطيافه وانتماءاته بأن ينتفضوا لانتشال هؤلاء الشباب الضحايا والمجني عليهم والتصدي للهجمة الشرسة التي تتعرض لها البلاد من قبل تجار الموت الذين يستهدفون مصر وشبابها ومستقبلها.