فتح نبأ الكشف عن الارهابي اليهودي يعقوب تايتل الذي اعترف بارتكاب عمليات ارهابية ضد الفلسطينيين، مجددا ملف الارهاب اليهودي الذي يواجهه الفلسطينيون من اليمين المتطرف في اسرائيل. وحركت الأنباء المياه الراكدة في ملف هذا الارهاب الذي لا يحظي بتغطية اعلامية تذكر في وسائل الاعلام الكبري ليبقي السؤال محيرا: اذا كانت الغالبية في اسرائيل قد صوتت للاستيطان ولليمين المتطرف بما أتي بحكومة يترأسها بنيامين نتانياهو وأفيجدور ليبرمان لحقيبة الخارجية.. فأي مستقبل ينتظر عملية السلام؟ الاجابة جاءت في دراسة نشرت في تقرير الشرق الأوسط الصادر عن "مشروع الشرق الأوسط للأبحاث والمعلومات" للباحث نيكولاس بيلهام الباحث بمجموعة الأزمات الدولية بعنوان "يمين إسرائيل الديني وعملية السلام" في الشهر الماضي لتفسر تصاعد نفوذ أنصار اليمين الديني في إسرائيل علي المستوي السياسي والمجتمعي وأثر توجهاتهم علي مستقبل عملية التسوية بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي. النتيجة الرئيسية للدراسة أكدت أن حكومة نتنياهو لا يمكنها تقديم أي تنازلات في المفاوضات مع الطرف الفلسطيني ولا يمكن اعتبارها بأي حال شريكًا يمكن الاعتماد عليه مستقبلاً في عملية التسوية، وذلك لتعرض الحكومة الاسرائيلية لضغوط من ثلاث جهات رئيسية تدفعها لمزيدٍ من التشدد في سياستها تجاه عملية التسوية بحيث تأتي أحزاب اليمين الدينية المنضمة للائتلاف الحاكم علي رأس تلك الجهات، يليها حاخامات طائفة الحريديم المتشددة التي تتبني مواقف أكثر تطرفًا من وزراء الحكومة الإسرائيلية وأخيرا من المجلس الاستيطاني الإسرائيلي. وأوضحت الدراسة أن العلاقة بين تصاعد نفوذ اليمين الديني ومستقبل عملية السلام في توجهات المنتمين لهذا التيار تمثل اشكالية كبري حيث يعتبر هؤلاء أن إنشاء دولة فلسطينية مستقلة تهديدًا لأمن إسرائيل. وفي هذا الإطار كشف استطلاع للرأي في ابريل 2008 أن حوالي 64 ٪ من اليهود المتدينين لا يقبلون إنشاء دولة فلسطينية مستقلة ويرفض حوالي 72٪ منهم استئناف المفاوضات مع الطرف الفلسطيني وبطبيعة الحال لا يقبل غالبية الإسرائيليين الانسحاب من مستوطنات الضفة الغربية. وأضافت الدراسة أن المد الديني لم يقتصر علي قاطني المستوطنات وإنما تجاوز ذلك ليجتذب تأييد قطاعات مختلفة من يهود إسرائيل، ووفقًا لبيانات معهد إسرائيل للديمقراطية فإن 8 ٪ من يهود إسرائيل فوق 50 عامًا و32 ٪ ممن تتراوح أعمارهم بين 18 و30 عامًا ينتمون إما للتيار الديني القومي أو للتيار الديني المتشدد في حين تراجعت نسبة اليهود العلمانيين من 23 ٪ عام 1997إلي 17 ٪ عام 2007، وإجمالاً يتجاوز عدد اليهود المتدينين في إسرائيل حوالي 1.5 مليون نسمة بما يمثل حوالي 20 ٪ من العدد الإجمالي لسكان إسرائيل. وذكرت الدراسة أنه علي المستوي السياسي في اسرائيل، لم يتمتع تيار اليمين الديني في أي فترة في التطور التاريخي لإسرائيل بأغلبية برلمانية تماثل التي تمتع بها بعد انتخابات الكنيست الثامنة عشرة عام 2009، ومن بين 120 مقعدا هي إجمالي عدد مقاعد الكنيست شغلت أحزاب اليمين حوالي 65 مقعدًا من بينها حوالي 27 مقعدًا لأحزاب اليمين الديني بما يمكنهم من عرقلة تمرير أي قرار داخل الكتلة البرلمانية للائتلاف الحاكم المكون من 75 عضوًا بالكنيست ينتمون لأحزاب اليمين واليمين الديني وحزب العمل كممثل لتيار يسار الوسط. وبدا أن حزب الليكود الذي يتزعمه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بدأ يعتمد بشكل أكبر علي دعم المستوطنين وهو ما تجلي في تصاعد تأييد المستوطنين المتدينين له في انتخابات الكنيست الأخيرة، ليصل إلي حوالي 23 ٪ في مقابل 12 ٪ في انتخابات عام 2006 . وأرجعت الدراسة التأييد المتزايد لليمين المتطرف في اسرائيل إلي ما بعد الحرب علي لبنان وتراجع ثقة الرأي العام الإسرائيلي في مؤسسات الدولة والذي تزامن مع الكشف عن قضايا فساد سياسي كان أبرزها قضية خصخصة بنك ليؤمي التي تورط فيها ايهود أولمرت رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق وهو ما يمكن الاستدلال عليه من تصاعد وتيرة التظاهرات الاحتجاجية لنشطاء الاستيطان المتدينين في الضفة الغربية وزيادة أعضاء الكنيست من المنتمين لأحزاب اليمين الديني وتغلغل ذلك التيار المتشدد في الجيش، ناهيك عن تبني قطاعات واسعة من الرأي العام الإسرائيلي لأطروحات قياداته حول عملية التسوية وأمن إسرائيل بعدما كان ينظر إليها علي أنها أطروحات حدية متطرفة لا تحقق سوي مصالح المستوطنين.
عنوان الدراسة: عن مركز: يمين إسرائيل الديني وعملية السلام مشروع الشرق الأوسط للأبحاث والمعلومات بتاريخ: أكتوبر 2009 الموقع: http://taqrir.org/showarticle.cfm?id=1407