هل يتراجع أبومازن عن قراره بعدم خوض انتخابات الرئاسة الفلسطينية المقبلة غير المعروف حتي الآن موعد إجرائها، رغم الموعد الذي أعلنته السلطة الفلسطينية؟ هذا هو السؤال الذي يشغل الجميع الآن.. الفلسطينيين بشتي فصائلهم والإسرائيليين بشتي تياراتهم، والعرب مع تعارض مواقفهم والأوروبيين والأمريكيين أيضاً. هناك من يعتقد أن إعلان أبومازن مجرد مناورة لاستجداء الأمريكيين.. إما للكف عن ممارسة الضغوط عليه للقبول باستئناف المفاوضات مع الإسرائيليين بدون تجميد الاستيطان- كما يري اليمين الإسرائيلي، وإما تقديم شيء له يدعمه في الانتخابات الرئاسية المقبلة، كما قال المتحدثون باسم حماس. ولذلك يتصور هؤلاء أن أبومازن سوف يعدل عن قراره بعدم خوض الانتخابات الرئاسية الفلسطينية المقبلة إذا ما تغيرت طريقة تعامل الأمريكيين معه، وتوقفوا عن ممارسة الضغوط عليه وقدموا له ضمانات تشجعه علي استئناف المفاوضات، خاصة إذا كانت هذه الضمانات ستتضمن التزاما أمريكيا بدولة فلسطينية علي حدود 1967 وتكون عاصمتها القدسالشرقية.. هنا يخوض أبومازن الانتخابات وهو يحمل في يده للفلسطينيين مثل هذا الالتزام الأمريكي الذي قد يتحول إلي التزام دولي، كما تسعي مصر إلي ذلك، خاصة أن مثل هذا الالتزام سوف يحمي أبومازن من أية ضغوط أمريكية مقبلة للقبول بأي حل مؤقت أو دولة فلسطينية مؤقتة. ولكن هناك من يعتقد أن أبومازن لا يناور ولا يحاول التخلص من ضغوط أمريكية، ولكنه سئم كل شيء، بعد أن انتهي إلي أن مفاوضات مع حكومة نتانياهو التي ثبتت أقدامها في إسرائيل لن تثمر شيئا، ولن تحقق الدولة الفلسطينية المستقلة التي يريدها، فضلا عن أن حركة حماس بدعم من الإيرانيين سوف تفعل ما في وسعها للابقاء علي الوضع الفلسطيني الحالي الذي يؤمن لها سيطرتها المنفردة علي قطاع غزة، ولن تتنازل عن القطاع حتي ولو اضطرت لأسباب تكتيكية إلي التوقيع علي اتفاق للمصالحة.. ولذلك هو لا يأمل خيرا في بقائه علي رأس السلطة الفلسطينية إذا أعيد انتخابه رئيسا لها، فآثر أن يترك السفينة قبل الغرق، خاصة أنه يواجه داخل الحركة التي شارك في تأسيسها أطماعاً واتجاهات تؤرقه. وبغض النظر عن اختلاف تقييم قرار أبومازن، فإن الأمر الذي لا يمكن الاختلاف عليه هو تلك الضغوط التي بدأ يتعرض لها أبومازن للعدول عن قراره هذا.. بعضها يأتي من داخل فتح، ومعظمها يأتي من دول عربية ودول أوروبية، أصحاب هذه الضغوط يخشون أن يؤدي اختفاء أبومازن في هذا الوقت إلي تعقيد الوضع الفلسطيني أكثر مما هو معقد حاليا، خاصة أن ابتعاد أبومازن سوف يؤدي إلي انفجار الخلافات داخل حركة فتح وبين الفصائل الفلسطينية الأخري حول من يصلح لأن يخلفه، وهذا ما يمكن ملاحظته بوضوح الآن. لكن اللافت للنظر هو التصريح الذي أدلت به هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية الأمريكية تعقيبا علي قرار أبومازن عدم ترشيح نفسه مجددا لرئاسة السلطة الفلسطينية، وبغض النظر عن أن الوزيرة الأمريكية عبرت عن الاحترام الهائل للرئيس أبومازن وقيادته للشعب الفلسطيني، فإنها قالت -وهذا هو المهم- إنني اتطلع للعمل معه "بأي صفة جديدة".. وهذا يعني ضمنا أن هيلاري كلينتون لا تستبعد ابتعاد أبومازن. ويعزز ذلك قولها -أيضاً- إنها ناقشت معه مستقبله السياسي. فهل سيبقي محمود عباس فقط رئيسا لمنظمة التحرير الفلسطينية ولمنظمة فتح ويتخلي عن الرئاسة الفلسطينية؟