منهم الموسيقيون الموهوبون، والأدباء والممثلون ومنهم الجنود الذين حاربوا الألمان في معركة فردان في الحرب العالمية الأولي ، أو حاربوهم علي شواطئ نورماندي يوم الإنزال في الحرب العالمية الثانية. كلهم كانوا من السود لكن من يتذكرهم الآن؟ في كتابه الذي يحمل عنوان "هؤلاء السود الذين صنعوا فرنسا " يحاول الكاتب الصحفي بنوا هوبكين رد الاعتبار لهؤلاء الجنود المجهولين في التاريخ الفرنسي ويؤكد انه بعد حركات الاستقلال التي بدأت في الستينيات من القرن الماضي ، انفصلت أفريقيا عن فرنسا شيئا فشيئا ، ماديا بل وروحيا أيضا . وتجاهلت كتب التاريخ عمدًا أو بدون قصد، أو ربما خجلا من سنوات الإحتلال الطويلة وما صحبها من ظلم وقمع ، هؤلاء السود الذين جاءوا من المستعمرات أو ولدوا في فرنسا ولكن عملوا دائما من أجل فرنسا بحب وتضحية . الأمر الذي جعل تعيين وزيرة من أصول سنغالية-راما ياد وزيرة الرياضة في حكومة فيون- ، ومذيع من جزر الأنتيل في برنامج الإخباري الأهم في التليفزيون الفرنسي اليوم خطوة جريئة للمجتمع الفرنسي، في حين انها خطوة في نظر الكاتب تأخرت كثيراً. ويقدم الكتاب نماذج للسود علي مدار تاريخ فرنسا كانت لهم بصماتهم مثل الفارس سان جورج ملحن بلاط الملك لويس الرابع عشر ، أو الجنرال دوما ، أحد أبطال الثورة الفرنسية، أو حبيب بنجليا ، النجم المسرحي والسينمائي في العشرينيات،أو السياسي والشاعر الفرنسي الشهير إيميه سيزار ... وغيرهم الكثيرون والكثيرون. وإن كان يؤخذ علي الكاتب عدم التركيز علي نماذج للمرأة السمراء في المجتمع الفرنسي ، لكن هذا لا يقلل من أهمية كتابه الذي لم يفته أن يتناول بالتفصيل تاريخ العبودية في فرنسا وهو مايجعلنا نري أن أزمة جزر الجوادلوب الأخيرة وأحداث العنف التي حدثت في هذه الجزر التابعة للحكومة الفرنسية لم تكن وليدة اللحظة وانما لها جذور تاريخية.