فيما بدت عودة حزب الوفد لائتلاف المعارضة الذي يضمه مع أحزاب التجمع والناصري والجبهة وكأنها صحوة مفاجئة، أوضح لنا أكثر من قيادي بالحزب أن هذا التحرك يأتي بعد أن صبت الحركات الاحتجاجية المختلفة نيرانها علي الأحزاب بشكل عام، والوفد بشكل خاص، حيث أراد الوفد هذه المرة - بحسب هذا الرأي الظهور بمظهر المدافع عن الأحزاب جميعها حيث دعا للاجتماع لمناقشة الأوضاع السياسية العامة وتبني القيام بحملة من خلال الحزب والجريدة للمطالبة بنظام برلماني وليس رئاسياً بجانب المطالبة بتقليص صلاحيات رئيس الجمهورية في تعديلات دستورية جديدة فسر المراقبون تحرك الوفد علي أنه مجرد رد فعل فقط للهجوم المتوالي عليه من الحركات تارة ومن بعض السياسيين تارة أخري خاصة أن الوفد قام بتحرك مماثل ودعا لاجتماع للائتلاف في نوفمبر الماضي للرد علي ما اعتبره هجوماً من قيادات الحزب الوطني في مؤتمرهم السابق حينما وصفوا المعارضة بالضعيفة. هذا التحرك الوفدي جعل الحزب مجرد رد فعل للحركات الهجومية المتوالية حتي لا يظل معزولاً عن الساحة السياسية ويترك المجال للحركات التي يهاجمها محمود أباظة رئيس الحزب في خطاباته بشكل مستمر، وظهر ذلك واضحاً في البيان الذي أصدره والذي أكد أن تناول وسائل الإعلام لمسألة الترشح لانتخابات رئاسة الجمهورية في 2011 بكثافة غير مسبوقة جعله يدلي بدلوه في الأمر وناقض البيان نفسه، مضيفاً: الإعلام عكس حالة من القلق داخل الأروقة السياسية بعيداً عن سمع وبصر الرأي العام.. وبناء علي ما اعتبره الوفد محفزات طالب بإجراء حوار يتبناه مع الأحزاب والقوي السياسية حول تعديلات دستورية جديدة تستهدف بالأساس تعديل المادة 76 من الدستور والمادة 137 بما يسمح بتوزيع الصلاحيات بين رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء والمادة 138 بما يسمح لمجلس الوزراء بوضع السياسة العامة للدولة والإشراف علي تطبيقها بخلاف المادة 141 بحيث يقوم الرئيس بتعيين رئيس الوزراء والوزراء ونوابهم وكذلك باعفائهم من مواقعهم. جدير بالذكر أن الرغبة الوفدية الملحة في الظهور علي الساحة حالياً من خلال الجريدة أكدها ما شهده المكتب التنفيذي الأخير للحزب حيث شن هجوما عنيفا علي حركات المعارضة الجديدة ووصفها بالقطاعات صاحبة الأهداف الواحدة بعكس برامج الأحزاب التي تقوم علي أسس وأفكار، كما رفض الوفد أيضا خلال اجتماعه ماسماه بالانسياق وراء أفكار الحركات أو الأشخاص في إشارة لما عرضه هيكل من فكرة مجلس أمناء للدولة والدستور والتي وصفوها بالنظرية.. ومن جانبه علق المستشار مصطفي الطويل الرئيس الشرفي لحزب الوفد قائلا: اجتماع المعارضة في هذا التوقيت كان ضروريا لاقتراب موسم الانتخابات وانقطاع الاجتماعات لفترة طويلة كان بسبب الإجازات والانشغال بالأمور الداخلية للأحزاب، مستبعدًا أن تكون تحركات الأحزاب مجرد رد فعل للتحركات التي تقوم بها الحركات الجديدة قائلا: الحماس الزائد نحو هذه الحركات بعكس الأحزاب التي تفكر بعقلانية، وانتقد الطويل ما سماه بطرح أسماء غير سياسية للترشح لموقع رئاسة الجمهورية مطالبا بأن تكون كوادر الأحزاب السياسية هي البديل في الوقت الذي أكد فيه أن الأحزاب السياسية بما فيها حزب الوفد تنتظر تحديد اسم مرشح الحزب الوطني لتحدد مرشحيها علي هذا الأساس! وتابع قائلا: وإذا كان رئيس الجمهورية هو مرشح الحزب الوطني في الانتخابات المقبلة فكفته سترجح في مواجهة أي منافس لارتباط الشعب به لمدة 30سنة كانت أفضل الفترات مقارنة بعصري السادات وجمال عبدالناصر.. أما إذا كان للوطني مرشح آخر فسيكون التنافس متوقًعا وبشكل كبير. وقال فؤاد بدراوي نائب رئيس الحزب من الطبيعي أن يوجد قدر من الائتلاف بين الأحزاب ينشط وفق الظرف السياسي المطروح تمهيدا للانتخابات المقبلة. اللافت أن قيادات أحزاب المعارضة بعد اجتماعها لمدة اقتربت من الساعتين لم تنته إلي أفكار ملموسة تعرضها علي المراقبين، حيث اكتفوا بطرح مفاهيم عامة جاءت تحت عنوان الأوضاع السياسية الحالية وقيود الحريات والديمقراطية ثم هاجموا الحركات واتفقوا فقط علي العودة للعمل من خلال القواعد بالمحافظات. ومن جانبه نفي سامي بلح السكرتير المساعد عضو الهيئة العليا أن يكون القلق الذي تحدث عنه بيان الوفد نابعاً من عدم وجود مرشح وفدي قادر علي خوض هذه الانتخابات، مؤكدًا أن حزبه لم يطلب من محمد البرادعي رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن يترشح باسم الوفد أو حتي الانضمام لعضويته.. واعتبر اجتماع ائتلاف المعارضة يستهدف التخلص من اللغط الذي أصاب الشارع المصري حول الرئيس القادم متابعًا.. الاجتماعات المقبلة ستكشف عن فكرة هل تستقر المعارضة علي مرشح الرئاسة أم لا.. ولخص بلح الفرق بين الوفد وباقي المعارضة بأن الوفد لا يفكر في المرشح وإنما يبحث عن تغيير النظام الانتخابي بشكل كامل مستطردًا: الوفد الأكثر موضوعية في طرح توجهه لأنه يبحث عن الديمقراطية ويرفض الرقابة الدولية في ذات الوقت ليتحقق عنصر سيادة الأمة.. وكانت الصورة قبل اللقاء الأخير مع ائتلاف الأحزاب المعارضة تنذر بوجود تراجع فعلي في أداء الحزب الليبرالي حتي إن قيادات الحزب، بدت كأنها قد هجرته وهو ما دفع أحد العمال لأن يتندر عندما سألناه عن قيادات الوفد وأعضائه قائلا: الوفد الآن أصبح بيتًا تسكنه الأشباح! ورغم اقتراب موعد انعقاد المؤتمر السنوي للحزب نهاية نوفمبر المقبل، وهو ما يستلزم أن يكون الحزب بمثابة خلية نحل تعمل من أجل انجاز قضايا وموضوعات يكون لها رصيد فإن الأوضاع لا تجري علي هذه الوتيرة، باستثناء الأوقات التي يجري فيها الاجتماع الشهري للهيئة العليا والتي يتواجد خلالها عدد لا بأس به من أعضائها! وبينما كانت الهيئة العليا في اجتماعها الأخير قد وزعت بعض المقترحات الخاصة ببرنامج الحزب المقرر طرحه للتصديق عليه خلال المؤتمر السنوي للحزب، إلا أن عدم الجدية هو الذي يسود الموقف داخل الحزب ليس فقط في مقره الرئيسي وإنما أيضا في باقي مقرات المحافظات.