تلقي الرئيس حسني مبارك أمس رسالة خطية من الرئيس السوداني عمر البشير، تتعلق بالقضايا الثنائية وتطورات الوضع في السودان والقضايا الاقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك. قام بتسليم الرسالة د. مصطفي عثمان إسماعيل مستشار الرئيس السوداني خلال استقبال الرئيس حسني مبارك له أمس بمقر رئاسة الجمهورية بمصر الجديدة.. حضر المقابلة أحمد ابو الغيط وزير الخارجية، والسفير عبد الرحمن سر الختم السفير السوداني بالقاهرة. وقال د. مصطفي عثمان إسماعيل في تصريحات له عقب المقابلة، إنه قدم شرحًا للرئيس مبارك حول تطورات الوضع في السودان، وكذلك حول سبل تعزيز العلاقات الثنائية في المجالات المختلفة، خاصة في ظل الترتيبات التي تجري حاليا لعقد الاجتماعات الخاصة للجنة المصرية - السودانية المشتركة، والتي من المقرر عقدها نهاية العام. وأضاف إسماعيل: إن الرئيس السوداني عمر البشير سيقوم بزيارة لمصر الاسبوع المقبل بناء علي دعوة من الرئيس مبارك للمشاركة في المنتدي الصيني- الأفريقي الذي سيعقد بمدينة شرم الشيخ ، وأوضح أن الزيارة ستتيح فرصة جيدة لإجراء مشاورات مع الرئيس مبارك، مشيرا إلي أنه أكد للرئيس مبارك أن الرئيس البشير حريص علي المشاركة، وبخاصة بوصف بلاده الرئيس الحالي لمجموعة ال77 والصين. وأعرب إسماعيل عن تقدير السودان للدور الذي تلعبه مصر من أجل تحقيق الأمن والاستقرار، وكذلك دورها في تحقيق الاستقرار باقليم دارفور، وكذلك دورها في دعم تنفيذ اتفاق السلام بين الشمال والجنوب، مشيرا إلي تطلعه إلي أن تسهم القمة بين الرئيسين مبارك والبشير في تعزيز التعاون بين البلدين، وكذلك وضع التوجيهات المطلوبة للجنة العليا المشتركة المصرية والسودانية التي يرأسها رئيس الوزراء المصري د. أحمد نظيف والنائب الثاني للرئيس في الجانب السوداني علي عثمان طه، لمتابعة ما تم إنجازه والاتفاق علي المزيد من المشروعات في المستقبل. وحول ما تردد عن تصريحات سيلفا كير نائب الرئيس السوداني بشأن تفضيل خيار انفصال الجنوب عن الشمال، شكك عثمان مصطفي اسماعيل في دقة هذا التصريح المنسوب إلي كير، مشيرا إلي ان كير قبل اسبوعين كان في زيارة إلي منطقة كردفان والنيل الازرق، وأكد في تصريحات قوية علي وحدة السودان، ولذلك علينا ان ندفع في اتجاه المواقف الداعمة للوحدة، وألا نعطي مجالا كبيرا للتلميحات التي لا تصب في مصلحة وحدة السودان.. ولذلك لا بد من ان نستوثق مما ورد في هذا التصريح.. وأضاف إننا نستطيع أن نقول ان موقف كير مع الوحدة كان هو الموقف الغالب.. وعلينا السير في هذا الاتجاه. واشار إلي ان ما يتردد حول اتهامات الجنوب للشمال بأنه لم يجعل خيار الوحدة جاذبا للجنوبيين هي اتهامات قديمة ومتكررة، مؤكدا ان الشمال يشعر بالمرارة من استمرار التمثيل الجنوبي في الحركة الشعبية، ومازال مصرا علي استمرار العقوبات علي الشمال واستثناء الجنوب منها. واضاف : كنا نظن انه بعد توقيع اتفاق السلام الشامل، وفي ظل سيطرة الحركة الشعبية علي الجنوب بالكامل، أن تكون هذه فرصة لتعزيز الروابط بين الشمال والجنوب، وتنعكس ايجابيا في مشروعات خدمية وتنموية ولكن رغم هذه المرارات، فنحن مازلنا نحرص علي أن يظل السودان بلداً واحداً، وهذه مصلحة للجنوب، مثلما هي مصلحة للشمال، كما أن الانفصال ليس في صالح أفريقيا. وردا علي سؤال حول ما طرحته الولاياتالمتحدةالامريكية من طريقة جديدة للتعامل مع السودان مع تجديد العقوبات علي السودان.. قال مصطفي اسماعيل: إن ما قامت به أمريكا هو نظام الكيل بمكيالين، فكثير من مواقفها لا يستند علي العدالة.. وضرب إسماعيل مثلا علي قوله بما طالبت به وزيرة الخارجية الامريكية هيلاري كلينتون الرئيس الفلسطينيي محمود عباس بضرورة استئناف المفاوضات مع اسرائيل دون ابداء شروط في الوقت الذي تواصل فيه إسرائيل بناء المستوطنات. واشار إلي ان هذا الموقف لا يصدر سوي من وسيط غير نزيه ولا يريد أن يقود وساطة عادلة.. فكان يجب عليهم الحديث عن إزالة المستوطنات أولا، حتي لا تستمر الحكومة الإسرائيلية في التهام المزيد من الاراضي الفلسطينية. وانتقد المسئول السوداني استسلام الادارة الامريكية للضغوط الاسرائيلية مع الضغط علي الجانب الفلسطيني لاستئناف الحوار مع الاسرائيليين. وأشار إسماعيل إلي أن الموقف الأمريكي المزدوج من القضايا العربية ينطبق علي السودان حاليا، حيث قامت الادارة الامريكية برفع العقوبات عن جنوب السودان مع تجديدها علي الشمال. وقال إسماعيل: إن أمريكا وفي اطار دورها المزدوج تدعي انها تعمل كوسيط وتمارس دورا ايجابيا في حل مشاكل السودان، في الوقت الذي تجدد فيه العقوبات علينا . وأضاف أن الخرطوم تتعامل مع الإدارة الأمريكية وسياساتها تجاه السودان مع الجزء الذي يمكن أن يصب في مصلحة السودان، وترفض التعامل مع ما يضر البلاد ويزيد النار اشتعالا ويسهم في زعزعة الاستقرار في السودان. وردا علي سؤال حول تعدد المبادرات لحل مشكلة دارفور ومدي الاختراق الذي حققته من اجل اتمام تحقيق السلام .. قال مصطفي اسماعيل: إن استراتيجية السودان حاليا هي تجميع هذه المبادرات المختلفة وصولا إلي رؤية خاصة تقضي بإبعاد تدخل الاطراف الخارجية في شأن السودان، حتي نستطيع التركيز علي "اتفاق السلام" في السودان وتنفيذه، علي اعتباره الهم الأساسي في السودان. واعرب مصطفي اسماعيل عن سعادته بموقف الرئيس مبارك من مشكلة حلايب، مؤكدا أن الاستراتيجية السودانية هي ان يعمل مستثمرون مصريون وسودانيون معا في إطار تكاملي، بدلا من ان تكون منطقة نزاع. وقال اسماعيل: إن هذا يصب في تحقيق الاستراتيجية السودانية القائمة علي تحويل مناطق الحدود المشتركة مع دول الجوار إلي حدود لتبادل المصالح وحرية الحركة للمواطنين. واشار إلي ان الخرطوم ستفتتح في نهاية هذا العام طريق بور سودان - الاسكندرية والذي سيصل حتي جنوب افريقيا.. كما ان الرئيس السوداني سيفتتح طريق شرق النيل غدا الذي يصل الخرطوم بحلفا ويتبقي 26 كيلو مترا حتي يصل إلي اسوان.