يأتي هذا المقال في إطار ما نشر علي لسان اليهودي المتصهين الإنجليزي ديفيد أوين وزير الخارجية الأسبق لبريطانيا التي كانت عظمي، ولم تكن سوي الدولة الاستعمارية التي قامت بالنهب والسلب لخيرات الشعوب في دول الجنوب، أما ما نشر علي لسانه فكان في تلك الندوة التي أقيمت علي أرض مصر، وبالتحديد في الجامعة الأمريكيةبالقاهرة في الرابع عشر من الشهر الماضي (1 أكتوبر 2009) بدعوة وبحضور من يخططون حالياً لمستقبل مصر، أو ما تطلق عليهم الصحف كوكبة من أهل الصفوة ذوي التاريخ السياسي العريق، ويعدون من الشخصيات العامة في المجتمع. وفي هذه الندوة وبحضور هذه الكوكبة من الصفوة قال هذا المدعو ديفيد - وكما نشر إن مصر قد هزمت هزيمة نكراء في حرب أكتوبر متعجباً مما يقوله المصريون بأنهم انتصروا في أكتوبر، بل وساخراً منهم قائلاً لو كان انتصاراً، كما يقول المصريون فهو انتصار غريب الشأن، لأن الدبابات الإسرائيلية كادت تصل إلي القاهرة وخلص هذا اليهودي المتصهين إلي أن مصر قد هزمت في حرب أكتوبر، وأن استردادها لأرضها إنما كان بالوسائل الدبلوماسية وليس بسبب النصر المزعوم في حرب أكتوبر.. هذا خلاصة ما قاله ديفيد. وحول هذا الموضوع، قد لاتضيف جديداً علي ما قاله بعض الكتاب والمحللين المدافعين عن شرف مصر، وعما قام به جيشها البطل ومن ورائه كل الشعب المصري والعربي، من انتصار في حرب أكتوبر. وقد لا نضيف جديداً في الرد علي هذا الكذاب الأشر، الذي يحمل إرثاً استعمارياً، وحقداً دفيناً ضد كل ما تحاوله الشعوب من النهضة والتقدم، والاعتزاز بانتصاراتها، وضد كل ما يبعث فيها العزة والكرامة، لتظل تعيش الشعور بالانكسار والهزيمة، والعجز وبالتالي عدم القدرة علي الحركة والفعل، واستقلالية ارادتها وبالتالي تظل تابعة لقوي الهيمنة والاستكبار. وهنا تجدر الإشارة إلي أن ما جاء علي لسان هذا المتصهين، إنما هو ترداد لما يقوله الصهاينة خاصة عند كل احتفال بنصر أكتوبر، من أن المصريين لم يحققوا النصر الذي كانوا نشدونه، وأن ما حدث لم يكن سوي عمليات عسكرية محدودة، لم يستطع المصريون من الصمود إزاءها، بدليل أننا حاصرنا الجيش الثالث داخل سيناء، وكنا علي الضفة الغربية، وبامكاننا الوصول للقاهرة بفعل الثغرة التي قمنا بها داخل الجيش المصري. هذا ما يقوله الصهاينة في أكتوبر من كل عام وردده كالببغاء ديفيد أوين في ندوته الدعائية، للصهاينة والمستهدفة تثبيط الهمم وفقدان ثقة الشعوب في جيوشها بل ويردده بعض المحسوبين علينا زوراً وبهتاناً، ممن يطلقون علي أنفسهم الصفوة، ولم لا وكانت دعوة هذا الديفيد وحضور ندوته من قبل هذه الصفوة. علي أي حال، ومن باب تنشيط ذاكرة هذا اللورد المتصهين، ومن يسير علي دربه من الصهاينة والمتأمركين نذكر بعض الحقائق التي يمكن أن تساعد في تفنيد أكاذيب وافتراءات أوين ومن هو علي شاكلته ويأتي في مقدمة هذه الحقائق، ما طرحته العديد من الشهادات والاعترافات من جانب بعض الكتاب والمحللين والمؤرخين، من كبار القادة العسكريين في الكيان الصهيوني، والتي لا تستهدف الاثارة الإعلامية، وإنما الكشف عن تلك الأسرار وراء نجاح القوات المصرية والسورية علي جبهتي القتال في الجنوب والشمال، من اختراق تحصينات العدو، وما حدث علي الجبهة المصرية من انتصارات، ومن العبور العظيم، واقتحام خط بارليف، وغيرها مما كان يعد من الأمور المستحيلة عسكرياً. وكلها تصب في الآتي: إن إسرائيل علي حد تعبير المؤرخ العسكري الإسرائيلي أوري ميلشتاين قد هزمت في الحرب ، أن سلاح الطيران الإسرائيلي لو قام بضرب سيناء من الجو أثناء حرب أكتوبر لتم القضاء علي هذا السلاح بفعل قوة نظام الدفاع الجوي علي الجبهتين المصرية والسورية! وفي هذا الصدد يقول أحد أبطال حرب أكتوبر أنه في الثلاثين من يونيو عام 1970، تم إقامة نظام الدفاع الجوي المصري، ممثلاً في حوائط الصواريخ المضادة للطائرات، وكان له دوره الرائع في الصد للهجمات والطلعات التي كان يقوم بها سلاح طيران العدو، بالرغم من أقمار تجسسهم ذات التقنية الرفيعة التي كان يزودهم بها الأمريكان. - إن قيام إسرائيل بفتح الثغرة بين الجيشين الثاني والثالث، وعبور عدد من دبابات العدو من خلال هذه الثغرة للضفة الغربية، فإنها لم تكن - كما يقول المؤرخ الإسرائيلي السابق الإشارة إليه - سوي عملية لرفع معنويات جنود وضباط الصهاينة، ولم يكن بإمكان ما تم عبوره من خلال الثغرة من هؤلاء الجنود والضباط اجتياز المنطقة الموجودين فيها بين السويس والإسماعيلية، لشدة الحصار الذي فرضه المصريون عليها - وهنا نشير إلي ما قاله المرحوم السادات وقتها من أن الأولاد يقصد ا لجنود والضباط المحاصرين للثغرة - قادرون علي التهامها في لحظات، ولكن لأسباب استراتيجية لم يعط الأمر بهذا الالتهام. أي أن جنود الصهاينة لم يكن بمقدورهم مجرد التحرك في المحيط بهم، وليس فقط الوصول للقاهرة كما يدعي هذا الحاقد الموتور ديفيد أوين في ندوته. إنه ومن هول الصدمة العسكرية التي قامت بها قواتنا المسلحة الباسلة، والتي أحدثت الشلل في كل مراكز القيادتين العسكرية والسياسية، نقول إنه وبفعل هذا الزلزال الذي هز الكيان الصهيوني، فإنه وفي اليوم التالي للعبور العظيم أقدمت رئيسة الوزراء الإسرائيلية يومها جولدا مائير علي الانتحار وتناولت قرصاً قاتلاً ، بل وقامت بتجهيز كافة الأسلحة النووية الإسرائيلية لاستخدامها في حال تعرض اسرائيل لخطر، وكادت تستخدم هذا السلاح النووي لولا تدخل القوتين العظميين وقتها أمريكا والاتحاد السوفيتي. - :كما أنه - وكما تقول التقارير الصهيونية والأمريكية - كشف هذا العبور العظيم والاكتساح الساحق لخط بارليف والصهاينة، عن أهمية عنصر المفاجأة الذي قام بها المصريون، واخفاق المخابرات الأمريكية والإسرائيلية بالرغم من تقدمها في الكشف عما كان ينوي المصريون قيامه من أخذ المبادأة والمبادرة بالعبور واقتحام خط بارليف، بل والوصول للمرات، ولولا تدخل أمريكا والغرب لاستطاع المصريون الوصول إلي تل أبيب. عشرات الشهادات والاعترافات من الأعداء قبل الأصدقاء تؤكد أنه في أكتوبر كان الانتصار العظيم، ولولا هذا النصر ما قبلت إسرائيل المفاوضات، من أجل إنهاء احتلال سيناء. وتأكيد أن ما أخذ بالقوة لا يسترد بغير القوة، أما مسألة المفاوضات والدبلوماسية فإن ما اعطاها القوة إنما هو نصر أكتوبر العظيم. هذه هي الحقيقة التي لم يستطع ديفيد أوين استيعابها، بل هو يدركها فعلاً ولكنه لا يريد الاعتراف بها، ويبذل أقصي جهد في الكذب والافتراء لدحضها لا عفواً منه، وإنما عن قصد ووفق استراتيجية محددة تقول للعرب وللفلسطينيين إذا أردتم حل قضيتكم عليكم بالمفاوضات، لاالمقاومة، لأنكم لن تستطيعوا هزيمة إسرائيل، ونقول له وللحاقدين من أمثاله: إننا انتصرنا في أكتوبر، ونملك بمشيئة الله تعالي، إرادة النصر، وما النصر إلا من عند الله رغم أنف الكارهين والحاقدين، وفي القلب منهم بعض المحسوبين علينا زوراً وبهتاناً، وفي قلب القلب تلك الكوكبة من الصفوة الداعية لهذا المتصهين أوين، والحاضرين ندوته، والمستمعين، وربما المصفقين لما قاله. مع أن أبسط مبادئ الوطنية كانت تفرض عليهم إما الرد المفحم لهذا الأفاك الكذاب، أو الانسحاب من الندوة، وكل هذا - كما نشر - لم يحدث ونتوقع ألا يحدث لو تكرر الأمر لأنه الحقد الدفين، وتصفية الحسابات، وتحقيق المنافع والمصالح الشخصية. ولديفيد أوين ولهم ولغيرهم ممن يسير علي الدرب: إنها مصر، وجيش مصر العظيم وفي كل المواقع هو المنتصر.. مهما كانت الافتراءات والأكاذيب والحقد الدفين.