العنوان الذى أقتبس منه كان: »إضحك الصور تطلع حلوة«.. ولا يغيب الفيلم عن ذهنى.. فقد كانت «سناء جميل» فيه، تلعب دور الجدة قل هى مصر وكان «أحمد زكى» العبقرى يلعب دور الأب قل هو الجيل الذى ذبحه مبارك وسلفه من العسكر - ولعبت »منى زكى« دور الابنة قل هى الجيل الجديد التى اختارت التطلع للعلم فتكون طبيبة.. ورفضت أن تضع أمام الحب حواجز، فارتبطت بابن الأثرياء.. وكم احترمت الجدة وعشقت الأب.. لكنها رغم كل تمردها وبراءتها وإخلاصها، اصطدمت بانتهازية أصول الشاب الذى اختاره قلبها للارتباط به. كان هذا هو التنويه، أما التفاصيل فقد تفرض علينا أن نتوقف أمام حكاية مصر وشباب الثورة.. فهذا جيل راح يدعو للثورة قبل سنوات.. اختاروا 6 إبريل عنوانا لهم.. أصابوا النظام بارتباك فى أول تحرك.. سخر منهم آنذاك كل التقليديين من الساسة.. انصرف عنهم الذين تمكن اليأس منهم.. وكان معظمنا للأسف.. آنذاك تحلت جماعة الإخوان المسلمين بكل الشجاعة كانوا يخدعوننا بأنها محظورة وأصدرت بياناً واضحاً وصريحاً، أنها ضد ما يدعو إليه شباب 6 إبريل ولن تشاركهم الحركة فى الشارع.. نجحت دعوتهم فى العصيان المدنى بشكل أثار دهشتنا.. ودارت عجلات الأيام.. فجاء الموعد ذاته من العام التالى.. تكررت الدعوة.. أعلنت جماعة الإخوان المسلمين مشاركتها فى هذا العصيان.. كان النجاح أقل بكثير من سابقه.. لم ييأس الشباب، فواصلوا النضال.. تحملوا سخريتنا جميعا منهم.. اعتقد النظام أنهم لا يمثلون شيئًا فى الأحداث.. كانت كل القوى السياسية، بما فيها جماعة «المطار السرى» كما يحلو لى أن أسميها، تدور فى فلك «الراجل الشامخ بسلامته» واسمه الحقيقى «صفوت الشريف».. الذى استدرجهم لانتخابات «برلمان الشوم».. فكانت مذبحة القلعة مع الاعتذار لتاريخ محمد على اعتقد هو ورئيسه المخلوع أنهم تمكنا فى الأرض.. عند هذه اللحظة كانت الدعوات على صفحة أخذت عنوان «خالد سعيد».. ثم كانت الدعوة للثورة يوم 25 يناير 2011.. اكتفى المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين معلقًا عليها بقوله: «بلا فيس بوك بلا كلام فارغ».. اشتعلت الثورة.. قمعوها.. فكانت الدعوة لإشعالها يوم 28 يناير تحت اسم «جمعة الغضب».. انهار النظام إلا قليلاً.. ومن هنا تجددت أسطورة ميدان التحرير.. فمن هذا الميدان كانت تندلع شرارات الثورات المصرية الحديثة.. وتلك حكايات نرويها فيما بعد.. المهم أن الثورة أسقطت النظام وخلعت »مبارك«.. ثم فرضت بقوتها وإرادة شبابها ذهاب رموزه إلى السجون.. وفرضت عزل رئيس الحكومة «الجسر» أحمد شفيق وافتروا عليها بأنها نصبت «عصام شرف» رئيساً للوزراء.. لكن الثورة كانت كالبحر تتوالى موجاته.. لم يستسلم الشباب.. لم يخشوا حملات التشكيك.. لم ينصتوا لدعوات العودة إلى الخنوع.. وذهبوا إلى حيث يعرفون، وحيث يجب أن تكون مصر.. حتى كانت أعظم معاركهم رمزيًا يوم أن أسقطوا علم إسرائيل من فوق بناية عالية وشاهقة.. تفتق ذهن أصحاب العبقرية عن بناء جدار عازل.. رفض الشباب.. فالشارع أصبح لهم ولا يمكن لأحد أن يبنى عليه جدراناً من الأمن أو الأسمنت.. هدموا الجدار العازل.. اقتحموا السفارة، مع إعادة إسقاط العلم.. وكرروا العودة لميدان التحرير.. وتكرر استفزازهم.. بل قل اتفاق الجميع عليهم.. حملات التشويه كانت فى موجاتها تسابق محاولات الشباب لتغيير مصر بشكل حقيقى.. وقعت الوقائع أمام ماسبيرو الذى أقاموا حوله جدارًا عازلاً من الأسلاك الشائكة.. لكن الشباب جعلوا من ماسبيرو قبلتهم.. حتى سالت الدماء الزكية أمامه.. استشهد العشرات.. حاولوا خلعهم من الميدان.. تشبثوا به وبكل الشوارع والميادين.. من القائد إبراهيم فى الإسكندرية.. إلى ميدان الأربعين فى السويس.. مرورًا بكل ميادين التحرير فى أنحاء مصر.. لم ينخدعوا باللجوء إلى المسكنات والمخدرات متمثلة فى صناديق الانتخاب.. فالصناديق عندهم تشوهت يوم أن ذكرها صاحب مصطلح «غزوة الصناديق»! تشبث الشباب بميدان التحرير والشارع.. أقام خصومهم جداراً عازلاً فى شارع محمد محمود.. على بحر من دماء 42 شاباً.. هدأ الشباب قليلاً.. استفز هدوءهم من يريدون إعادة الشعب المصرى خانعا فى البيوت.. استنطقوا غضبهم من جديد.. فكانت معركة شارع مجلس الوزراء.. سقط 12 شهيدًا من جديد.. فى هذه المرة كان عنوان الشهداء هو الأزهر الشريف.. هنا سقط الشيخ الثائر والجليل «عماد عفت» فلم يجد الرافضون للثورة غير بناء جدار عازل من جديد فى شارعى قصر العينى والشيخ ريحان.. استمر رفض الشباب وراحوا يهدمون الجدران العازلة.. بين مصر قبل 25 يناير ومصر بعد 25 يناير طلاق بائن.. بين أن يعيش الناس على الكنبة، وأن يعيشوا فى الشارع حتى تتحقق أحلام الوطن.. ثورة مستمرة.. وقد قالها «يوسف شاهين» قبل عشرات السنوات.. «الشارع لنا.. الناس التانيين دول مش مننا» وظنى أنكم تذكرون عنوان الفيلم.. أذكركم.. كان «عودة الابن الضال»!